مجتمع

بلعيد حميدي.. مبدع مغربي مهووس بالخط العربي جابت شهرته المغرب والمشرق

خطاط مغربي

نادية الأحمر – و.م.ع

متسلحا بقلمه ومحبرته، عرف بلعيد حميدي، أستاذ فن الخط، كيف يزاوج بين المتعة والإفادة. إذ لا تقتصر أعماله على التفنن في صياغة الكلمات، بل تكرس أهمية قصوى للجوانب المختلفة لتعلم هذا الفن من خلال لوحات “حية”…

وبفضل أسلوبه المتميز الذي بات ي عرف بـ “حميدي”، تمكن الخطاط المغربي المقيم في جاكرتا من التميز عن أقرانه الذين نزعوا إلى خوض غمار مهنة فنية بحتة.

وفي حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، قال حميدي “مكنني أسلوب (حميدي) من مشاركة طلابي شغفي بفن الخط (…) إلى جانب أعمالي الفنية، فإن طلابي الخطاطين هم لوحاتي الحية الحقيقية”.

وي قر ابن مدينة فاس بأنه تأثر منذ نعومة أظافره بالتراث المعماري والعمراني لعاصمة الأدارسة، وكذا بتراثها اللامادي والحضاري الحافل والمتنوع، وذلك على غرار مختلف اللوحات الخطية التي تزين المؤسسات الثقافية والساحات العمومية للمدينة العريقة.

كما استحضر حميدي بداياته في عالم التدريس والتي جعلته يراكم خبرة بيداغوجية مهمة، مما ساهم بالأساس في تعيينه أستاذا لفن الخط بالمدرسة المولوية سنة 1992.

وتابع عضو لجنة التحكيم في أكبر مسابقة لفن الخط في العالم، التي تنظم كل ثلاث سنوات في اسطنبول، قائلا “إن جلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي كان يولي اهتماما كبيرا للخط العربي، شرفني بتكليفي بتدريس فن الخط في المدرسة المولوية. وهذه الثقة المولوية السامية لم تصنع شخصيتي فحسب، بل بصمت كذلك مسيرتي المهنية في فن الخط”.

وكان تعطش الخطاط المغربي للتعلم وراء مساره الحافل في فن الخط . فبعد أن قضى ثلاث سنوات في اسطنبول، نجح حميدي في الحصول سنة 1997 على دبلوميه في خطي “النسخ” و”الثلث” من الخطاط التركي المرموق حسن جلبي. كما توج مغامرته الخطية في تركيا سنة 2000 بحصوله على شهادتين إضافيتين في إتقان خطوط “الديواني” و”الديواني الجلي” و”التعليق” تحت إشراف الخطاط التركي الكبير علي أرسلان.

وبعد عودته إلى القارة الأفريقية، توجه حميدي إلى القاهرة حيث قدم، طيلة ثماني سنوات، دورات تكوين وإشراف لفائدة 200 خط اط طالب من أربعين جنسية في جامعة الأزهر.

كما أشرف الفائز بجائزة محمد السادس التشجيعية في فن الخط المغربي سنة 2010 على دورات تكوينية في فن الخط، خاصة في فرنسا وماليزيا وسنغافورة والصين.

واعتبر حميدي، أول خطاط عربي ومسلم حصل على شهادات في خمسة خطوط رئيسية من فنون الخط من المركز التركي للأبحاث حول التاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، أن “فن الخط يقع في صميم الفنون الإسلامية المختلفة. ومن واجبنا حماية هذا المكون الهام من هويتنا، خاصة في عالم يزداد عولمة”.

وفي هذا الصدد، أوضح أن أسلوب “حميدي”، الذي يحتفل اليوم بجيله السادس، ساهم أيضا في إشعاع الخط المغاربي الذي بات معروفا ومعترفا به في شتى بقاع العالم.

وتابع قائلا “بفضل هذه الطريقة المدروسة جيدا بمراحلها التعليمية المختلفة، سيتم الحفاظ على فن الخط على الدوام. ولا يسعني إلا أن أفتخر بطلابي الخطاطين الذين يواصلون حصد الجوائز الدولية في مختلف مسابقات فن الخط الدولية.

وأعرب الخطاط المغربي، الذي حمله الحنين إلى الماضي، عن امتنانه العميق لأستاذه الخطاط العراقي، يوسف ذنون، الذي وافق على مواكبته عبر المراسلة في تسعينيات القرن الفائت، مما جعله أول طالب خطاط يحمل الجنسية المغربية.

وبخصوص التحديات التي تواجه “فن الخط الجميل”، أبرز حميدي طول مدة دورة التعلم التي كانت تستمر لسنوات في بعض الأحيان.

وأردف قائلا “بالنسبة للأجيال الجديدة، يكاد يكون من المستحيل قضاء خمس سنوات أو أكثر في تعلم أسلوب خط واحد، ومن هنا يأتي الاهتمام بتطوير البحوث التربوية والبيداغوجية التي تركز على منهجيات جديدة لتدريس فن الخط”.

وبنبرة هادئة، خلص حميدي، الذي يحسب له كتابة ثماني نسخ من القرآن الكريم، على أمل الوصول إلى عشر نسخ في المستقبل القريب، إلى أن أهم مشاريعه تكمن في المساعدة على بزوغ أجيال صاعدة من الخطاطين الذين سيساهمون بدورهم في الحفاظ على التراث الإسلامي والخطي العريق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *