وجهة نظر

التحرش خطيئة مجتمعية عامة

1 – ليست هذه المرة الأولى وقد لا تكون الأخيرة يتم فيها اعتداء وقح وسافل على المواطنين المارين في الشارع والأماكن العامة بالمغرب، وبالتالي فإن شريط الفيديو الذي يعرض تحرش بعض الأطفال القاصرين بفتاة أمام مرأى الجميع بحي شعبي من أحياء مدينة طنجة شمال المغرب، هو حلقة في سلسلة من الانتهاكات التي تطال أمن المواطنين رجالا ونساء، وتستهدف بوضاعة وتهور بالغين حريتهم الذاتية وحياتهم الخاصة في مختلف المدن المغربية. ونحن هنا لسنا بصدد “استقراء” الأسباب والدواعي الاجتماعية والنفسية والتربوية التي تدفع بكبار وصغار السن إلى اقتراف سلوكات مشينة مقززة، فلم يعد هناك مجال لاستعراض الثقافة القانونية والتربوية ، لقد شخصنا الواقع وقتلناه بحثا ومع ذلك ظل الوضع المجتمعي على ما هو عليه.

2 – إننا بقدر ما ندين بأقوى الألفاظ وأشد التعابير ما أقدم عليه هؤلاء “الأطفال القاصرون” من أعمال دنيئة تتعارض مع القيم الإنسانية النبيلة؛ من تسامح وتعايش وقبول الآخر، يرفضها المجتمع المغربي الطامح إلى الحرية والسلوك المتحضر، فإننا ندعو إلى التعاطي القانوني الحازم معهم، فالتساهل وغض الطرف في مثل هذه الأحداث البليدة المستهترة من شأنه أن يجعلنا نؤدي الثمن غاليا للصورة الاعتبارية للوطن، التي نسعى دون كلل إلى الدفاع عنها والحفاظ عليها والعمل على تطويرها بالشكل الأفضل. لا يمكن أن يقبل عاقل هذه السلوكات الصبيانية سواء صدرت عن “الأحداث” أو عن غيرهم من المواطنين “المتقدمين” في السن.

3 – لكن الإشكال لا يكمن فقط في إلقاء القبض على المتحرشين المتهمين ومحاكمتهم طبقا للقانون، بل إن الأمر يستدعي الانخراط الفوري للتصدي لظاهرة التحرش الجنسي والاجتماعي والسياسي بقدر كبير من الوعي والنضج الفكري والمسؤولية الأمنية الراجحة، كل في مجال اهتمامه وانشغاله، إن التحرش ظاهرة مجتمعية ممتدة ومتشابكة، مما يعني أن المقاربة الأمنية رغم أهميتها غير كافية بالمرة لمواجهتها والتخفيف منها، إذ لا بد من تدخل مكونات محورية في الموضوع المعني بالأمر، على رأسها الإعلام الرسمي و المواقع الإخبارية والتواصلية، التي تنزع في الغالب نحو الإثارة والبحث عن الربح المادي الضيق، بعيدا عن أي اجتهاد يسعى إلى نشر الثقافة المجتمعية الراقية الهادفة، والمدرسة التي تخصص عبر مقرراتها التربوية بعض الدروس والمحتويات التقليدية المتجاوزة، و تحجم عن تقريب المتمدرسات والمتمدرسين بقدر كاف وفعال من الثقافة القانونية المنفتحة، والطرح المدني القائم على الاحترام المتبادل وتقدير مستلزمات المواطنة بالمعنى العميق للكلمة. كما أننا نقترح تخصيص شرطة ذات كفاءة رفيعة تضمن حفظ الأمن الاجتماعي بسلاسة ومهنية، دعما لأواصر الأخوة والحرية والتعايش بين أبنائنا وبناتنا، وحرصا على سلامة البلد من أي سلوك مندفع مرفوض أخلاقيا وقانونيا وإنسانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *