خارج الحدود

مؤسسة الرماية بإسنطبول.. معسكر السلطان محمد الفاتح الذي حصد جوائز دولية وأولمبية (فيديو)

وقف الرماية إسطنبول

أول ما يثير انتباه زائر “مؤسسة الرماية” بعد الدخول إلى فنائها، هي صورة ثلاثة الأبعاد للبطل الرياضي التركي “متى غازوز”  ذي 22 ربيعا، وهو يضع قبضة يده تحت فكه في حركته الشهيرة، فيتبادر إلى الذهن تساؤل عن علاقة مؤسسة تاريخية ذات بعد ثقافي ببطل رياضي معاصر أحرز ذهبية ذهبية البطولة العالمية للرماية في ألمانيا سنة 2018، ثم ذهبية أولمبياد طوكيو الأخيرة في رماية القوس والسهم فردي رجال؟

وبمجرد اللف في اتجاه اليمين وعبور البوابة الزجاجية، يكتشف أن “مؤسسة الرماية” التي يعود فضل تأسيسها إلى السلطان العثماني محمد الفاتح قبل 568 سنة، ليست مجرد منشأة ثقافية بقدر ما هي مؤسسة متكاملة الأركان تجمع بين الثقافي والتاريخي والرياضي، وتدرب مئات الشباب من مختلف أنحاء تركيا بل ومختلف أنحاء على العالم على أكثر من فن من فنون الرماية، تتوزع من الرماية التركية التقليدية إلى الرماية الأولمبية.

تضم المؤسسة الواقعة في منطقة الفاتح وسط مدينة إسطنبول التركية، قاعات تعليمية وميدانا للتدريب في الهواء الطلق، وقاعات تدريب مغلقة، إضافة إلى ورشات لصناعة الأدوات المستخدمة في الرماية التركية التقليدية، ناهيك عن فضاءات لاستقبال الضيوف ومتحف يؤرخ لفنون الرماية وعلاقة الأتراك بها على مر التاريخ.

ووفق الموقع الرسمي لـ”مؤسسة الرماة”، فقد أوقف السلطان محمد الفاتح مساحة كبيرة من أجل تعليم الجنود والجيش فن الرماية، غير أن التوسع العمراني غير المرخص أتى على مناطق عدة منها، واستطاعت الجهود المبذولة من طرف الحكومة التركية في السنوات الأخيرة الحفاظ على جزء من الوقف.

ويشير إلى أنه “بدأ إحياء النزل والهياكل التابعة له في عام 2007، وتم الانتهاء منه في عام 2013 وافتتح للجمهور ورياضة الرماية تحت اسم مؤسسة الرماة”.

معسكر ومكان احتفال

الوقف المذكور يعد أحد معسكرات السلطان محمد الفاتح، وبه تمركز الصدر الأعظم للدولة العثمانية زغانوس باشا وقواته، وتعتبر المؤسسة العسكرية الأولى في القسطنطينية بعد الفتح، تم تأسيسها بأمر من السلطان.

وتشير الوثائق الرسمية للمؤسسة إلى أن مباشرة بعد فتح القسطنطينية (اسطنبول حاليا)، تم تسجيل المنطقة المخصصة لتدريب الرماة وساحة الصلاة المجاورة لها ضمن الأوقاف، وهو ما ساهم في الحفاظ عليها إلى يومنا هذا.

وعرف الوقف توسيعا خلال فترة حكم السلطان بيازيد الثاني للدولة العثمانية، حيث بناء مأوى للرماة ومسجدا مازال متواجدا وسط المؤسسة، كما شيدت بها مجموعة من المباني الملحقة، وأصبحت تقام فيها احتفالات ختام الأمراء واحتفالات بالأعياد والمظاهرات الكبرى.

أهداف المؤسسة

تسعى المؤسسة إلى تعميم فهم واستيعاب رياضات الأجداد وخاصة الرماية، والتي تصفها في موقعها الرسمي بـ”الوطنية والتاريخية والرياضية والفنية والثقافية والتعليمية”، كما تسعى إلى اعتمادها كوعي ثقافي لتحبيبها لأجيال اليوم والمستقبل، إضافة إلى تدريب الرياضيين، ودعمهم ماديًا ومعنويًا.

كما تعمل المؤسسة التي تم إعفاؤها من الضرائب بقرار رئاسي سنة 2018، على إنشاء مرافق تعليمية ورياضية، وتهتم بترميم المرافق والمناطق التاريخية وفقًا لشكلها الأصلي.

وجعلت مؤسسة الرماية من أولى أولوياتها إعادة وقف الرماية إلى الحياة وإرجاعه إلى حيويته، وهي الأولوية التي تعتبرها مساهمة في الحفاظ على القيم التي توارثها الأتراك عن أجدادهم.

وإلى جانب الغايات الثقافية والحضارية، تعمل المؤسسة المذكورة على إعداد الرياضيين الأتراك وتأهيلهم للمنافسة القوية في المسابقات الوطنية والدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *