وجهة نظر

الخطر يتهدد الموظفين .. احتياطات صناديق التقاعد قد تتلاشى في 2027

خلال السنة الماضية خرج وزير المالية السابق و الذي لم يأت بجديد في الرفع من فاعلية المالية العمومية رغم ما وجد من اوراش تهم إستمرار تنفيذ القانون التنظيمي للمالية و ما تم تحضيره خلال سنين لإصلاح الضريبة بعمق و بنظرة إستراتيجية. و يتم حاليا تسريب أخبار عن ترشيحه لمهام دبلولماسية كبيرة و أخرى أكبر على الصعيد المالى كوالي لبنك المغرب. كلتا المهمتين تحتاج إلى خبرة كبيرة و إلى حكمة لا يعلمها إلا من كانوا أقرب إلى الحكمة و قراءة المشهد السياسي و الإقتصادي بعمق كبير. قال السيد بن شعبون، الوزير السابق أن نظام التقاعد في خطر و لم يتخذ اي إجراء لإدخال الاطمئنان إلى أفئدة ملايين الأسر التي تعيش على معاش تقاعد ساهم فيه رب أسرة طيلة حياته المهنية.

و سيظل مشكل نظام المعاشات المدنية شبحا يخيم على مئات آلاف الأسر التي تسمع أن موت هذا النظام قريب و لا ريب فيه. تغاضت حكومات كثيرة عن إصلاح نظام التقاعد. طرح الموضوع في عهد حكومة اليوسفي و قام وزير ماليته، فتح الله ولعلو بضخ حوالى 11 مليار في الصندوق الذي كان مجرد مصلحة تابعة لمديرية الميزانية بوزارة المالية و تحول بعد ذلك إلى مؤسسة عمومية. و جاءت حكومتة ادريس جطو و كونت لجان لدراسة موضوع نظام المعاشات المدنية . و جاءت حكومة عباس الفاسي ولم تأت بجديد لإصلاح حقيقي للتقاعد رغم اجتماعات اللجنة الوطنية و اللجنة التقنية و ضاع وقت الإصلاح. و جاءت حكومة بن كيران و بدأت بإصلاح مقياسي مكن من ربح خمس سنوات و أجل تآكل احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد الخاصة بنظام المعاشات المدنية.

ولأن الإصلاح لا يمكن أن يقتصر على زيادة سن التوقف عن العمل و عن زيادة مساهمة الموظف ب 8 نقاط و إعادة إحتساب أساس تحديد مبلغ التقاعد، فإن اللجنة الوطنية أوصت باعتماد إصلاح هيكلي يراعي ديمومة جميع الأنظمة بالقطاعين العام و الخاص. و لا زال الكلام مستمرا في الموضوع ولا زالت السجالات متوقفة بين الحكومة و النقابات و القطاع الخاص. المهم هو أن الجمود يسود الموقف و الخوف يزداد بفعل الهشاشة التي تتسم بها غالبية أنظمة التقاعد و على رأسها نظام المعاشات المدنية.
و هكذا و في ظل غياب أي إصلاح سيتم استنزاف كل احتياطيات نظام المعاشات المدنية عند حلول سنة 2027. وهذا معناه حدوث أزمة إجتماعية خطيرة سترمي بالملايين إلى الإفلاس و الفقر و عدم القدرة على اقتناء ابسط الحاجيات الأساسية و الضرورية للعيش. لا توجد إلى حد اليوم أية ضمانة لاستدامة نظام التقاعد المدني.

و يشكل هذا الوضع خطرا كبيرا على الإستقرار الإجتماعي. و لإظهار حقيقة هذا الوضع بينت المعطيات الواردة في التقرير المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2022 أن العجز التقني الإجمالي الذي يشمل أنظمة التقاعد المدنية و العسكرية قد بلغت في نهاية 2020 حوالي 8،7 مليار درهم و قد يتم تجاوز هذا العجز في نهاية سنة 2021.

و رغم المجهودات المبذولة لتحسين أداء استثمارات الصندوق من خلال الحرص على تنويع مكونات المحفظة الإستثمارية سيظل العجز المؤدي إلى استهلاك الاحتياطي خطرا كبيرا على استمرارية نظام المعاشات المدنية. و السؤال الكبير سيظل مرتبطا بمدى قدرة الحكومة على إصلاح هيكلي للتقاعد. فالحفاظ عليه هو أيضا حفاظ على السوق المالى الذي تشكل احتياطيات صناديق التقاعد أهم مكوناته و أهم ممولي الإقتصاد بما يزيد على 200 مليار درهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *