سياسة

اليحياوي: ما وقع في 8 شتنبر ليس تصويتا عقابيا بل تقلبا فجائيا في المزاج الانتخابي

قدم مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية والانتخابية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، قراءة تحليلية في نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، خلال مداخلته في ندوة وطنية نظمها معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسام في الرباط.

وقال مصطفى اليحياوي إن “انتخابات 2015 و2016 و2021 لم تكن إلا تمرين تدبيري أكثر منه تمرين سياسي إيديولوجي، راصدا “حضور رقمنة شابة سواء مع حزب العدالة والتنمية أو التجمع الوطني للأحرار”، ومفيدا بأن “هذه الرقمنة لم تثمن في انتخابات 2021 عند البيجيدي مقارنة بالأحرار”.

وأوضح اليحياوي أن “الاستحقاقات ما بين 2011 و2016، أكدت أن المغرب قد أنشأ نظاما انتخابيا بإمكان استثماره أرضية أولية لتثمين المشاركة السياسية للأحزاب والتقدم في مشروع “الملكية البرلمانية” مستأنسة بوضع اعتباري للملك في سلم التراتبية للدولة”.

وفي هذا الصدد، يفسر اليحياوي بـ”أننا أمام فترة أنتجت واقعا انتخابيا تراكميا قابلا لتبرير إرادة الناخب مدخلا وحيدا لإفراز تمثلية حقيقية للأمة، إضافة إلى إٍرهاصات وتحولات بنيوية في نظرية القيمة الجوهرية للسياسة الإنتخابية بالمغرب أساسها نمط اقتراع نسبي بإمكانه اتاحة الفرصة لتطوير منافسة انتخابية شفافة بين الأحزاب”.

واعتبر اليحياوي أن “هذا التحول الإيجابي لم يرافقه تقدم ملحوظ على مستوى الآثار السياسية للثنائية القطبية التي أفرزتها تلك الاستحقاقات، كما لم يتمخض عنه اتفاق سياسي بين مكونات أغلبية منسجمة عضويا ومبنية على مشترك برنامجاتي مقيد بتعاقد انتخابي يحترم إرادة الناخب”.

وتطرق اليحياوي إلى الاحتجاجات الشعبية، معتبرا أنه “وقع تحول مهم في مضمون الاحتجاجات الاجتماعية، ما بعد الربيع الديمقراطي، وما تلاه تدريجيا في الريف وجرادة وزاكورة، حيث انتقل من مطالب شعبية محلية إلى مضمون يدور حول نوع من العدالة الاجتماعية”.

واستعرض الأستاذ الجامعي مبيانا يوضح الأحزاب الأولى على مستوى العمالات والأقاليم خلال انتخابات 2011 و2016 و2021، موضحا انتقال المغرب من خريطة انتخابية كثيفة الألوان إلى خريطة محدودة الألوان، ومفيدا بأن “تم استبدال ثنائية لم تحاصر تعدد الأحزاب إلى ثنائية اختزلت التنافسية داخل أربعة أحزاب”.

وفسر المتحدث ذاته هذا الانتقال، بوجود نوعين من التصويت بالمغرب، أولهما تصويت بناء على قناعات مشتركة في مجال أوسع، وآخر مؤطر بحاجات مجالية مبنية على القرب الاجتماعي، مسجلا حضور ثلاثة سلوكات عند الكتلة الناخبة في انتخابات 2021 سواء في المدن الكبرى أو المتوسطة أو الصغرى، موضحا بأنه “لم يكن هناك تصويت عقابي بقدر ما كان تقلبا فجائيا في المزاج الانتخابي”.

ومن هذه السلوكات، يضيف اليحياوي، غياب التصويت المفيد في المدن، وهو الذي يفسر تدني نسب المشاركة على النسبة المألوفة عادة في الأحواض المعروفة تاريخيا كوجدة التي وصلت لنسبة 28 في المئة وفي طنجة 21 في المئة فقط”، مشيرا إلى أن “أصحاب هذا التصويت يتميزون بأنهم من الطبقة المتوسطة ولديها حساسية ضد مواقف سياسية ذات طبيعة إيديولوجية، إلى حانب حضورهم في المنصات الاجتماعية”.

ويرى اليحياوي أن “الكتلة الناخبة في المدن المتوسطة والكبرى، التي اختارت التصويت، تميز سلوكها الانتخابي بثلاثة ملامح أولها منح الثقة على سبيل الاستدراك لفئة من الناخبين وكذا تأكيد ما برز في انتخابات (2015-2016) على مستوى تجديد شبكة الأعيان الحضريين عبر ظهور بروفايلات جديدة، بينما الأخير يظهر في تمسك الفئة الشعبية ببروفايل ولد الحومة”.

وزاد اليحياوي موضحا أن “السلوك الانتخابي للكتلة الناخبة في المدن الصغرى والجماعات القروية تميز سلوكها بخاصيتين، أولها عودة التنخيب المحلي عبر الثقة في شباب الحركات الاحتجاجية مستدللا بـ”تجربة حراك جرادة مع حزب التقدم والاشتراكية”.

وتابع أستاذ الجغرافيا السياسية والانتخابية بالقول إن “المظهر الثاني لسلوك هذه الكتلة برز من خلال التشبيك وخلق تحالفات البراغماتية على أساس تثمين التجربة المدنية في تدبير مشاريع التنمية في قطاع الفلاحة وربط بشبكات الماء والتعاونيات والمشاريع المدرة للدخل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *