مجتمع

المجلس الأعلى للتربية والتكوين يرصد عيوب نظام “البكالوريوس” بالمغرب

كشف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في رأي له حول مشروع مرسوم رقم 125.21.2 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 89.04.2 الصادر في يونيو 2004 ، بتحديد اختصاصات المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، جملة من العيوب والنواقص التي تعتري نظام “البكالوريوس”.

ومن ضمن النواقص والعيوب التي وقف عندها رأي المجلس، أن مشـروع المرسوم لـم يحدد التغييــرات التــي ســيعرفها التنظيـم البيداغوجــي، وتحـدد الأهداف المتوخـاة مـن اعتمـاد هـذا السـلك الــجديد، وال التدابيــر الداعمـة لتفعيـل هـذا التنظيـم بمؤسسـات الولـوج المفتوح وشـروط نجاحـه، فقـد ظلـت مجموعـة مـن التساؤلات والملاحظـات قائمـة حـول هـذا المشروع، أهمهـا مـا يلـي:

كما أن مذكـرة تقديـم مشـروع المرسوم، لـم تحـدد التصـور الـذي يبـرر تغييـر الهيكلـة البيداغوجـية للتعليـم العالـي بإضافـة سـلك البكالوريوس، مما يـنتج عنه عدم وضوح الرؤية ويثيـر بعض التساؤلات حول الأهداف التـي يـرمـي إليها، حيث تظل الغاية من هذا التغييـر غيـر واضـحة: هل يهدف التنظيم الـجديد إلى التغلب على الصعوبات المتعلقة بإشكاليات الـجودة والهدر الـجامعي التـي يعرفها النظام المفتوح؟  أم يـراد منه استبدال النظام البيداغوجـي الذي اعتمده المغرب سـنة 2004 بالتنظيم “الأنجلوسكسونـي” المعمول به في كثيـر من البلدان؟ وإذا كان الهدف هو التغلب على إكراهات النظام المفتوح، فلماذا يـنص مشروع المرسوم (المادة 12 ) على إحداث سلك البكالوريوس بمؤسسات الولوج المحدود التـي هي غيـر معنـية بإشكاليات الـجودة والهدر الـجامعي؟

وأضاف رأي المجلس، أن مشـروع المرسوم لا يوضــح مـا إذا كان سـلك البكالوريـوس سـيغيــر جذريـا نظـام “إجازة-ماستــر-دكتوراه”، أم  سـيكتفي بتغييـر مـدة التكويـن فـي الإجازة وفـي الماستر، حيث يفهم مـن النـص أن الأمر يتعلـق بسـلك إضافـي داخـل الهندسـة البيداغوجــية الحاليـة، يـوازي سـلك الإجازة.

ويطـرح هـذا التغييـر، وفق رأي المجلس، مجموعـة مـن الصعوبـات التنظيمـية والتدبيـرية، حددها في كون إضافـة سـلك جديـد ومـوازي لا يضمـن تحقيـق أهـداف جـودة التكويــن بمؤسسـات الولـوج المفتوح؛ حيـث أن التجـارب الوطنـية السـابقة   الإجازة التطبيقيـة” و”الإجازة المهنية”  قـد أبانـت عـن عـدم نجاعـة “تنظيـم مـوازي”  يسـتقبل عددا محدودا من الطلبة ويتطلب موارد مادية وبشـرية مهمة، غالبا ما يتم تعبئتها على حسـاب المسالك التـي تسـتقطب الأعداد الكبيـرة مـن الطلبـة فـي نفـس المؤسسة؛

ثم إن عـدم تعمــيم سـلك البكالوريـوس واعتمـاد سلكيــن متوازييــن بمؤسسـات الولـوج المفتوح ســيحدث اضطرابـا تدبيــريا بهـذه المؤسسات، لاسيما فـي ظـل الإكراهـات الحاليـة المتعلقة بالقـدرات والموارد المتوفرة، إن اعتمـاد سلكيــن متوازييــن ســيخلق صعوبـات فـي تدبيــر المسارات التكويـنــية للطلبـة، ويسـتلزم إرسـاء ضوابـط بيداغوجــية لتحديـد الــجسور بيــنهما، وكيفيـة احتسـاب الأرصدة القياســية للطالـب المنتقل مـن سـلك إلـى آخـر وشـروط تـرصـيد المكتسبات، كمـا أن هـذه الصعوبـات سـتكون أكثـر حـدة فـي غيـاب نظـام معلوماتـي داعـم للتنظيـم البيداغوجــي الــجديد؛

ولـم يتـم تقديـم المبررات العلمــية والبيداغوجــية التــي أفضـت إلـى تغييــر مـدة التكويــن فـي السـلك الأول للتعليـم العالـي وفـي الماستــر :  فتمديـد مـدة التكويـن بالسـلك الأول مـن التعليـم العالـي اقتصـر علـى إرسـاء وحـدات الكفايـات الحياتـية والذاتـية ووحـدات الانفتاح، وأفضـى إلـى تقليـص فـي الغلاف الزمنـي المخصص للوحـدات المعرفية؛ كما أن تقليص مدة التكويـن في الماستـر لا يجد مبـررا في تمديد مدة الدراسة بسلك البكالوريوس، وسـينعكس ذلك حتمـا علـى جـودة التكويـن بالنسـبة للحاصليـن علـى البكالوريـوس، والذيـن يظلـون فـي حاجـة إلـى تعمـيق التخصـص الذي لا يمكن اختزال المدة التـي يتطلبها في سنة واحدة فقط.

إلى جانب ذلك، لـم يتـم توضـيح كيـف سـيتم التغلـب علـى محدوديـة التأطيـر بمؤسسـات الولـوج المفتوح، والتدريـس فـي مجموعـات صغيـرة كمـا تسـتلزم ذلـك وحـدات اللغـات والكفايـات الحياتـية،  ممـا يثيـر التسـاؤل حـول مـدى إمكانـية تدريـس هـذه المواد بالـجودة التـي تحقق أهداف اكتساب الكفايات والمهارات.

كما أن بذل مجهودات إضافية من أجل توفيـر التأطيـر والموارد المالية اللازمة لمسالك البكالوريوس، ستضعف حتما القدرات التأطيـرية والمؤسساتية لتدبيـر مسالك الإجازة التـي تستقبل أعداد كبيـرة من الطلبة، دون أن تضمن شروط نجاح مسالك البكالوريوس.

وأبرز المجلس في رأيه، أنه لـم يتـم تقديـم أيـة بيانـات حـول التكلفـة المادية التـي ستتـرتب عـن السـنة الإضافية لسـلك البكالوريـوس مـن حيث الموارد البشرية والمالية، وما سـيحققه هذا المجهود المادي في تحسـين مستوى نجاعة المنظومة، باعتبار أن الغلاف الزمنـي الإضافي سـيخصص عموما لوحدات الكفايات الحياتـية.

ويطـرح اعتمـاد دورات تكويـنــية صــيفية، وفق المصدر ذاته، إشكالا تدبيريا فـي غيـاب ضوابـط تحـدد مدتهـا، وعـدد وصنـف الوحـدات المدرسـة خلالها، وتنظيـم التقييـم والمـداولات، رغـم أن هـذا التنظيـم ســيفيد فـي تحقيـق الانسياب المطلوب.  كما أن اعتمـاد الأرصدة القياسـية وملحـق الدبلـوم وشـهادة التأهيـل اللغـوي خطـوة إيجابيـة مـن شـأنها اسـتكمال مجمـوع محـددات التنظيـم البيداغوجـي لنظـام “إجـازة- ماستـر-دكتوراه”، إلا أنـه فـي نفـس الوقـت اقتصـر علـى سـلك البكالوريـوس دون تعمـيمه علـى الأسـلاك الأخـرى.

وأشار المصدر ذاته، أن مشـروع المرسوم المعروض علـى رأي المجلس مجموعـة يقدم مـن التغييـرات فـي التنظيـم البيداغوجـي، تـم إدراجهـا ضمـن مشـروع الإصلاح البيداغوجـي لسـلك الإجازة، تهدف إلى إرسـاء وحدات اللغات الأجنبية والكفايات الحياتـية والذاتـية من أجل تجاوز بعض النواقص في مواصفات خريجـي سلك الإجازة، وتعزز انفتاح النظام البيداغوجـي الوطنـي على بعـض الممارسات المعمول بهـا دوليـا، كالأرصدة القياسـية، واحتسـاب الأنشطة الموازية، وفصـل ثالـث فـي تنظيـم السـنة الدراسـية، وملحـق الدبلـوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *