سياسة

لماذا رفض بنكيران تجديد شراكة حزبه مع حركة التوحيد والإصلاح؟

أعادت تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران حول حركة التوحيد والإصلاح وموضوع التربية خلال لقائه، الجمعة الماضي، مع المسؤولين الإقليميين والجهويين لحزب المصباح، (أعادت) موضوع علاقة الحزب بالحركة إلى الواجهة خصوصا بعد انتخابات 2021 التي أدارت فيها الحركة ظهرها للحزب.

وقال بنكيران في كلمة نشرتها قناة حزبه على “يوتيوب” الجمعة، إنه لن يعقد أي شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح ” الله يعاونهم يقابلو غي شغالهم”.

وخاطب بنكيران إخوانه قائلا “أثرتم قضية التربية قبل قليل وأزعجتموني عندما اقترحتم عقد شراكة مع حركة التوحيد والإصلاح، لن أعقد أي شراكة مع الحركة”.

تصريحات بنكيران جاءت بعد أشهر قليلة من انتخابات حصل فيها حزبه على نتائج غير مرضية، وعرفت تراجع الحركة عن دعم الحزب بشكل صريح، عكس انتخابات 2011 و2016.

متتبعون للشأن السياسي بالمغرب اختلفوا في تأويل تصريحات “الزعيم”، إذ منهم من قال إنها استجابة لأصوات بعض القيادات الحزبية التي نادت في وقت سابق بفك الارتباط مع حركات دعوية تابعة للحزب بينها حركة التوحيد والإصلاح، ومنهم من قال إن بنكيران جاءت في سياق حديثه عن قضية التربية ولا علاقة لذلك بالشراكة الاستراتيجية التي تربط بين المؤسستين.

رفض للوصل وتشبث بالتمييز

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي بلال التليدي إن كلام بنكيران جاء في سياق حديثه عن الازمة التي يعيشها الحزب وفي سياق حديثه عن وصفة تخرج الحزب من هذه الأزمة، وفي صيغة لإدخال العنصر التربوي في البناء وفي المنهاج التثقيفي داخل حزب العدالة والتنمية لتجاوز جملة من الإشكالات والتحديات القيمية التي ظهرت بعد المشاركة السياسية التي تحمل فيها الحزب مسؤوليات عديدة من مواقع مختلفة.

وأضاف التليدي في تصريح لجريدة “العمق” أن فكرة الشراكة طرحت في سياق الحديث عن طريقة إدخال هذا العنصر التربوي في الحزب، مشيرا إلى أن بنكيران أراد بتصريحه أن يسد الباب على من يحن إلى استعادة صيغة الوصل بين الحركة والحزب، وأنه لا يريد شراكة من هذا النوع.

وفي نفس الوقت، استبعد المتخصص في الحركات الإسلامية أن يكون هناك فصلا نهائيا بين الحزب والحركة، لأن الأصل أن هناك شراكة استراتيجية بين الحزب والحركة عنوانها خدمة مشروع رسالي مع التمييز بين مؤسستين تضطلع كل منهما بوظيفة وهو ما يؤكده كلام بنكيران عندما قال الله يعاونهم يقابلو غي شغالهم”.، وفق تعبير التليدي.

وأوضح المتحدث أن بنكيران يرفض أن تقوم الحركة بدور المناولة التربوية داخل الحزب، ويرفض استعادة صيغة “الوصل” التي تم مراجعتها ونقدها وإنتاج صيغة أخرى وهي “التمييز”، إلا أنه لا يمكن أن يتحلل من الشراكة على مستوى المشروع مع الإبقاء على صيغة التمايز في الوظائف وفي الهيئات وفي الخطاب السياسي وفي الآليات، لأنه في أمس الحاجة اليوم أو غدا إلى إسناد لهذه الحركة ليس على مستوى البعد التربوي، ولكن على مستوى أكبر، يضيف بلال التليدي.

وأضاف أن الحزب سيعيش تحديات كبيرة جدا ترتبط بالبناء وترتبط أيضا بالدخول في معارك التي يراهن عليها في استعادة البناء وإصلاح الآلة الحزبية، لافتا إلى أن في مثل هذه المعارك لا يمكن لقيادي سياسي في مستوى حنكة بنكيران أن يتنازل بهذا الشكل عن الشراكة الاستراتيجية التي تجمعه بالحركة.

إشارات لمن يهمهم الأمر

من جهته، قال أستاذ الجغرافيا السياسية مصطفى يحياوي، إن تصريحات بنكيران جاءت تفاعلا مع تم طرحه من طرف حامي الدين قبيل المؤتمر الاستثنائي القاضي بفك الارتباط بالحركات الدعوية.

وقال يحياوي في تصريح لجريدة ‘العمق”: “نحن أمام تكثيف الإشارات السياسية لمن يهمهم الأمر بأن الحزب بصدد مراجعة بنيوية لاستراتيجيته ولمنهجية عمله التأطيري، وأن وظيفة بنكيران في هذا المسار لن تختلف كثيرا عن دور علال الفاسي في نهاية مساره داخل حزب الاستقلال، أي التهذيب والتوجيه لتأمين انتقال جيلي هادئ وغير مكلف على مستوى تعاضد اللحمة الداخلية للحزب.

وأشار الجامعي ذاته إلى أن هناك خيط ناظم في الخرجات التي تسربت لبنكيران منذ انتخابه مؤخرا أمينا عاما للحزب، مفاده أن الحزب بصدد نقد ذاتي يجعل من محطة تأهيل التنظيم ورشا لتقييم مسار عشرين سنة من الالتباس بين الدعوي والسياسي.

وزاد المتحدث أن بنكيران أصبح أكثر استعدادا ببراغماتيته المعتادة لينصت إلى الأخرين بهدف مراجعة مسار الحزب ليجعله، وإن كان إسلامويا، لائكيا على مستوى التفريق بين السياسة والدعوة الفقهية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *