مجتمع

غليان داخل مندوبية المقاومين وسط مطالب بفتح تحقيق في “تجاوزات وخروقات” داخلية

يسود خلال الفترة الماضية، غليان كبير داخل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير التي يرأسها مصطفى الكثيري، وذلك بسبب طريقة تدبير المؤسسة في الآونة الأخيرة لمجموعة من القضايا، من بينها التستر على فضائح متعلقة بالرشوة كان ضحيتها موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة التحقوا مؤخرا بالمؤسسة، بالإضافة إلى التضييق النقابي عن الموظفين، وكذا فتح باب التوظيف أمام أشخاص دون احترام للشكليّات القانونية.

وفي هذا السياق علمت جريدة “العمق”، أن آخر قضايا الفساد والخروقات التي تعرفها المؤسسة، تمثلت في تفجر قضايا رشاوى واسعة كان ضحيتها موظفون من ذوي الاحتياجات الخاصة التحقوا مؤخرا بالمؤسسة، وهي الفضيحة التي كان بطلها مدير الموارد البشرية الذي تمت إقالته في صيغة استقالة درءً للفضيحة وكي لا تصل القضية لوسائل الإعلام، خاصة وأنها ليست بالحالة الأولى ولا الوحيدة، وفق تعبير مصادر تحديث إليها الجريدة.

وشددت مصادر “العمق”، على أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مؤسسة تحتضر وفي حاجة لتدخل عاجل، وذلك عبر إما حل المؤسسة وإلحاق موظفيها بقطاعات أخرى معنية بمجال اشتغالها، أو عبر تعيين مندوب جديد من شأنه أن يضخ دماء جديدة داخل المؤسسة التي بات تعيش توترا داخليا وأجواء عمل صعبة تؤثر بصفة كبيرة على نفسية الموظفين، خاصة وأن المندوب الحالي الذي تجاوز عمره 80 عاما قد عمر في المؤسسة أكثر من 20 سنة كأقدم مسؤول على القطاع.

وأوضحت مصادر الجريدة أن المندوب الحالي بات يصدر قرارات غير مسبوقة في تاريخ أي إدارة مغربية، من ضمنها استفسار أزيد من 60 موظفا بدعوى عدم التقيد بتعليمات المندوب السامي خلال احتفالات ثورة الملك والشعب في عشرين غشت المنصرم، إذ تفاجأ هؤلاء بإرغامهم على القيام بمهام هم بعيدون عنها كل البعد بدعوى أن هناك منافسة له من قبل مؤسسات أخرى كمؤسسة المتاحف ووزارة الثقافة، ناهيك على أن قرارات الاستفسار غير عادية بالنظر لعدد وحجم الموظفين المستفسرين.

وأشارت المصادر إلى أنه من “سخريات القدر أن المتحف الوطني للمقاومة بالرباط حيث يوجد المندوب السامي نفسه شبه مغلق ولم يقم بأي أنشطة، بينما يتم إرغام الآخرين الذين يبعدون بآلاف الكيلومترات على استدعاء أساتذة جامعيين بينما لا يجدون حتى عاملة نظافة لإزالة الغبار عن مكاتبهم وملفاتهم المهترئة”، وفق تعبير ما تحدثهم إليهم العمق داخل المندوبية.

وأبرزت المصادر بأن “دخول العديد من المؤسسات والوزارات الأخرى على الخط كوزارة الثقافة والشباب ومؤسسة المتاحف وأرشيف المغرب وأكاديمية المملكة وغيرها، جعل المندوبية السامية للمقاومة تقوم بدور ثانوي، وهذا ما جعل المندوب في سباق ضد الساعة كي لا يكون منصبه ضمن أي تغيير حتى وإن اقتضى ذلك تحويل المؤسسة لما يشبه قنبلة موقوتة مهددة بالانفجار في أي وقت نتيجة الضغط الرهيب والشطط والتسلط الممارس على الأطر والموظفين”.

وأكدت مصادر الجريدة بأن المندوب الحالي حاول استقدام برلمانية سابقة وصحافية للعمل كمستشارة في ديوانه على أمل توظيف علاقاتها مع الصحفيين للترويج لما يعتبرها إنجازاته، غير أن بروز أصوات عديدة منتقدة للقرار داخل الإدارة دفع الأخيرة للانسحاب، وهو ما دفعه لاستقدام مسؤولة حزبية أخرى للقيام بنفس الدور، دون فتح أي مباراة كما جرت العادة، وهو الموضوع الذي مازال يثير الكثير من الجدل داخل المندوبية.

وشددت مصادر الجريدة على أن “ما يسمى بأنشطة متاحف الذاكرة من لقاءات وعروض وندوات سواء الحضورية أو الافتراضية التي تقام في بعضها، فوراءها معاناة ومآسي وتعسف وشطط كبير ضد الأطر، والتي يفرض عليهم بشكل قسري القيام بها حتى مع انعدام أدنى الإمكانات والوسائل للعمل، ولا يتوانى في التهديد بعصا التنقيل التعسفي أو العقاب الإداري أو الاقتطاع من الأجرة والتعويضات ضد من يمتنع أو لا يجاريه في هذا الأمر، دون أدنى مراعاة للاستقرار الاجتماعي والأسري للموظفين”.

وأبرزت بأن موظفين تعرضوا لعقوبات؛ كالتنقيل التعسفي أو الإقتطاع والحرمان من التعويضات نتيجة مسائل تافهة جدا، ومن ضمنهم زوجين بالفقيه بنصالح تم تنقيل أحدهما إلى منطقة أخرى، غير أنه بعد نشر وسائل إعلام للخبر، تم إرغامهم على إرسال ما سمي بـ “بيان حقيقة” ينفيان فيه تعرضهما للتعسف بعد تشتيت شمل الزوجين وتفريقهما عن بعضهما البعض بإرسال أحدهما لمنطقة أخرى دون أي سبب أو داعي لذلك، باستثناء ما يمكن اعتباره تلذذا في تعذيب الأطر وإذلالهم وممارسة أعلى درجات التسلط والسادية عليهم، وفق مصادر الجريدة.

وشددت مصادر “العمق” على أن “بيان الحقيقة” كان فضيحة بكل المقاييس، فهو يتجاوز ما هو إداري تدبيري تسييري ليصل لدرجة الخرق غير المسبوق لكل الأعراف والضوابط الإدارية والأخلاقية، إذ لم يسبق مرة أن حدث في تاريخ الإدارة المغربية أن وصل الأمر حد إرغام موظف داخل إدارة على كتابة بيان يشكر أو ينوه بقرار تعسفي ضده يقضي بتشتيت لم أسرته، وتهديده بشكل مباشر أو مبطن في حالة رفض ذلك.

كما ذكرت المصادر ذاتها أن الأمور بالمؤسسة وصلت حدا لا يطاق نتيجة الشطط والبيئة السامة للعمل والتنكيل بالموظفات والموظفين وإرغامهم على القيام بمهام ليست من وظيفتهم أو تتجاوز حدود المعقول، إذ أن الوضع وصل حد إرغام الموظفين على التكفل بمصاريف هذه الأنشطة والندوات وكل ما هو متعلق بالتنظيم اللوجيستيكي، وكل هذه العناصر هي من أصبحت القاعدة التي تدار بها أمور المندوبية السامية لقدماء المقاومين.

واعتبرت المصادر أن الوضع الداخلي للمؤسسة يدق ناقوس الخطر ويدعو للتدخل العاجل والفوري من قبل أعلى المسؤولين في البلد للحيلولة دون سقوط ضحايا جدد وتفاقم الوضع أكثر، خاصة وأن هذا الوضع يعاني منه جميع الأطر وكبار المسؤولين من المؤسسة وليس فقط الموظفين الصغار، مبرزة أن هذا الوضع دفع بعدد من الموظفين إلى تقديم طلبات التقاعد المبكر حيث وصل الأمر لأرقام غير مسبوقة في أي مؤسسة رسمية أخرى، وهو ما يكشف حجم وهول الظروف المأساوية التي يعيشها أطر ومستخدمي هذه المؤسسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *