مجتمع

سعاد حديدو.. سائقة مهنية واعدة بالعاصمة رغم الظروف المهنية الصعبة (فيديو)

تحرير: أسماء مرزاق / صحافية متدربة

تصوير ومونتاج: فاطمة الزهراء الماضي

بين شوارع مدينة الأنوار الشاسعة، وأزقتها الصغيرة الضيقة، تسارع “سعاد” بسيارتها الزرقاء، لتوصل زبنائها لوجهاتهم، وتجلب معها آخرين لاصطحابهم لوجهات أخرى.

“سعاد حديدو”، سائقة مهنية بمدينة الرباط، اختارت لنفسها مهنة سياقة سيارة الأجرة الصغيرة. الشابة الثلاثينية ولجت هذا المجال الذي يعتبره الكثيرون غيرَ مألوف للنساء، وبعيدا عن مجال اهتمامهن أو اختصاصهن، وذلك بعد تجربتها لمهن عديدة من قبل.

تقول سعاد “اشتغلت من قبل كسائقة شاحنة لصالح إحدى الشركات الرائدة في مجال الأسماك والمنتوجات البحرية، وكنت أشغل آنذاك قسم التوزيع بين مدينتي الرباط والدار البيضاء”.

وتضيف “بعد اشتغالي لمدة معقولة هناك، فكرت في تغيير مهنتي لِما يمكن أن أرتاح فيه ويكون أفضل لي، وبما أنني ألفت مهنة السياقة، وقع اختياري على سياقة “الطاكسي”.

تؤكد سعاد لـ “العمق” أنها تلقت ترحيبا كبيرا من طرف السائقين المهنيين وزملائها في هذه المهنة، وكذا من مختلف الزبناء الذين تُقلهم كل يوم، وخير دليل – حسبما ذكرت- هو استمرارها في المهنة منذ حوالي 5 سنوات إلى الآن، حيث تصرح “الكل حاليا يعرف “السائقة سعاد”، الكل يحترمني ويحترم عملي كسائقة، وقِلَّةٌ قليلة هم من يرون مهنتي عيبا بالنسبة للمرأة”.

يقول أحد الزبناء عن سعاد “دائما ما أصادف هذه الشابة أثناء استقلالي لسيارة الأجرة، تعاملها الطيب مع الناس أكثرُ ما يجعلني أُفضِّل ركوب سيارتها، هذا إضافة إلى أنها تسوق بمهارة وتركيز كبيرين، سعاد خير مثال عن سائقة ‘الطاكسي‘ المغربي”.

وأضافت السائقة حيث تعلو وجهَها ابتسامة “الآن بِتُّ أشارك نشاطي اليومي ومقتطفات من عملي مع متتبعيَّ على مواقع التواصل الاجتماعي، من انستغرام وتويتر وفيسبوك وغيرها من المواقع، وجل ما ألقاه هو الترحيب والتشجيع من طرف المتلقين المغاربة وحتى الأجانب، خاصة الرجال إذ يُنوِّهون بعملي ويتفاءلون بإقبال النساء على مهنة كهذه، كما يؤكدون على كون المرأة المغربية إنسانة قوية وشجاعة وبإمكانها تخطي كل الصعوبات، وبالتالي فمهنة السياقة لن تشكل لها عائقا، بل ستكون حافزا لها وللنساء الأخريات للإقبال على مهن يعتبرها البعض حكرا على الرجال”.

ورغم أن سعاد وجدت ضالتها في مهنة السياقة، إلا أنها صرحت أن الميدان يتخبط في مشاكل كثيرة خاصة مع وسائل النقل الأخرى، وتزامن ذلك مع الجائحة التي هزت العالم منذ حوالي سنتين”.

وأردفت “صادفت العديد من النساء اللواتي فكرن في الإقبال على هذه المهنة وأبدين رغبة كبيرة في ذلك، لكن مع المشاكل والصعوبات التي يشهدها القطاع تجعل الكثيرات منهن يرجعن خطوة للوراء، مخافة عدم تحقيق الربح من خلال المهنة، والدليل على ذلك تراجع عدد من سائقات “الطاكسي” بالمدينة عن امتهان السياقة”.

وغير ذلك، فتَعْتَزُّ سعاد بمجهود العاملات بهذا المجال، وأبرز مثال كما ذكرت “‘مي ميلودة‘، سيدة مثابرة ومجدة في عملها “بالطاكسي” رغم تقدمها في السن، أحييها من هذا المنبر”.

وتقرب سعاد طاقم الموقع من بداياتها، التي وصفتها بالصعبة، إذ تقول “خلال بداياتي في العمل صادفت العديد من المشاكل، أبرزها التحرش وعدم الاحترام في كثير من الأحيان، كما تعرضت للسرقة أيضا، وهذا على الأغلب راجع للأفكار الرجعية التي ما زالت لدى البعض حول المرأة، أنها لا تستطيع تحمل أعباء بعض المهن، وأن مثل هذه المهن حكر على الرجال فقط، عكس ما هو وارد في الدول الأوربية”.

رغم كل الصعوبات التي يعيشها مهنيو ‘الطاكسي‘، إلا أن سعاد ما تزال متشبثة بعملها، وبررت ذلك قائلة “ما يجعلني شخصيا أستمر هو تشجيع الناس وتحفيزهم لي باستمرار، وخاصة الزبناء الذين لا أعرفهم ولا تجمعني بهم سوى علاقة السائق بالزبون، وما يحفزني أيضا هو إشادة متابعيَّ الأجانب بعملي، ووعودهم بالقدوم للمغرب لمقابلتي فور فتح الحدود الجوية”.

ووجهت سائقة سيارة الأجرة الصغيرة رسالة للمرأة المغربية مفادها أن لا تجعل عائقا بينها وبين أي مهنة، وأن تستمر في مثابرتها وبذل المجهود لتحقيق طموحاتها، وأضافت “أحاول من خلال عملي أن أبرز قدرات المرأة المغربية وأرفع من شأنها، بحيث لا يتم حصرها في العمل المنزلي وبعض الأعمال الأخرى البسيطة، مع العلم أنها تميزت مؤخرا في العديد من المستويات والمجالات، خاصة العلمية والسياسية، وهو بالفعل ما يشرفني ويجعلني أقف وقفة احترام لها”.

بعدما كانت سياقة النساء لسيارات الأجرة تُعَدُّ من إحدى “الطابوهات” بالمجتمع المغربي، استطاعت بعض النسوة ك “سعاد حديدو” في السنوات الأخيرة أن يثبتن جدارتهن في هذا المجال، لكن بعض الظروف الصعبة التي تتخلل هذه المهنة لا تشجع الكثيرات غالبا لاكتشافها وامتهانها.

تفاصيل أكثر في هذا الروبورتاج:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *