وجهة نظر

منفذ جريمة تيزنيت مريض عقليا ولكن !!

الجريمتان اللتان نفذهما مجرم تيزنيت، وراحت ضحيتها سائحة فرنسية تبلغ من العمر 72 سنة، وسائحة بلجيكية في حالة حرجة، هي جريمة معقدة.

لا يمكن تصنيفها ضمن الجرائم الإرهابية العادية، التي ينفذها إرهابيون أسوياء (ولو أنه في الحقيقة كل الإرهابيين والمتطرفين مرضى نفسيا، ولا يوجد فيهم أسوياء).

ولا يمكن تصنيفها ضمن الجرائم التي ينفذها المختلون عقليا.

من الواضح من مجموعة من المعطيات والقرائن، أنها جريمة بطلها مختل عقليا أو مريض نفسيا، بمؤثرات وبصمات دينية. (مثل الذين يدعون النبوة، ومدعو المهدوية، والانتحاريون في الجماعات الإرهابية…)

المجرم مريض نفسيا حقيقة، وقد قضى شهرا في مصحة نفسية، وهرب منها قبل حوالي ثلاثة أشهر.

لكن هل هو متدين، أو كان الدين يلعب دورا في حياته؟

دعونا نحلل ما بحوزتنا من معطيات:

من ناحية الشكل والمظهر، يبدو مجرم تيزنيت متدينا، بلحية وعلامة الصلاة على جبهته، ولباس أفغاني.

من ناحية تصرفاته وتحركاته، المجرم خطط لجريمته، فقد ذهب ليقتني السلاح الذي سيستعمله، ووضع “كمامة” على وجهه، فهو واع، ويفرق بين التصرفات السليمة وغير السليمة والقانونية وغير القانونية، ويلتزم بوضع الكمامة…

بعد ذلك قصد سائحة أجنبية، فهو يميز بين أهدافه وضحاياه، ولم يستهدف الناس عشوائيا بسلاحه الأبيض.

بعد أن أجهز على المرأة العجوز رحمها الله، هرب، لأنه يعرف أنه قام بجريمة، ثم استقل طاكسي لتأخذه إلى أكادير، على بعد 100 كلم، ودفع أجرة الطاكسي، ثم قصد الشاطىء، واختار ضحية أخرى، لم تكن ضحية عشوائية، لم يستهدف أي فرد عادي في الشارع، ولا الركاب الذين كانوا معه في الطاكسي، رغم أنه كان يحمل سلاحه معه، بل بقي في الطاكسي كأي عاقل، ودفع المقابل للسائق كأي مواطن هادىء عاقل صالح…. لكنه انتقى ضحيته الثانية، سائحة أجنبية أخرى، كافرة بلجيكية هذه المرة. فيا له من مجنون عاقل، ومن أحمق متطرف، وجهادي مختل نفسيا!!

من ناحية المحجوزات، تم حجز حواسيب وكتب دينية، من السكن الذي كان يتقاسمه مع أخيه في المدينة القديمة في تيزنيت، فإذا كانت الكتب تعود له، فهذا يزيد تأكيد البصمة والخلفية الدينية لهذا المجنون العاقل، وإن كانت الكتب لأخيه، فهو يؤكد البيئة الدينية التي كان يعيش فيها، وبالتالي بصمة الدين وتأثيره على تصرفاته.

لكن المفاجأة أن بين المحجوزات خواطر عن فلسطين لهذا المجرم، ما يعني أنه منخرط في القضايا الدينية وقضايا الأمة… وليس مجرد أحمق عادي يتسكع في الأزقة، لا يعرف شماله من يمينه، بل عنده حساب فيسبوكي نشيط، مليء بالمنشورات الدينية.

إن الحديث عن جريمة عادية نفذها مختل عقليا، أو مريض نفسيا، لا يستقيم مع كل هذه القرائن والعلامات…

لكن هل ينبغي التعامل مع المجرم على أنه عاقل؟

أو هل نحمل الدين مسؤولية جريمته، ونقول إن الدين هو السبب؟

لا أبدا ليس هذا الذي أريد أن أقول.

أنا فقط أنبه على أن الجريمة معقدة، وأن من المجانين من قد يتشبعون بأفكار دينية متطرفة، فيكون خطرهم أعظم وأكبر.

وأن التدين الأعوج والأهوج، والفهم المتطرف للدين، قد يوصل صاحبه للمرض النفسي بل للجنون العقلي، فيصبح مهووسا بأحاديث الجهاد والهجرة والسبي وتكفير الحكام والمجتمعات…. فيعيش في عالم موازٍ، ويتحول في صمت بعيدا عن أعين السلطات والمجتمع، إلى قنبلة مؤقتة، قد تنفجر في أية لحظة، خاصة إذا تضخمت عنده تلك المواضيع والأفكار، أو إذا شعر بالإحباط، وطال عليه أمد التغيير وقيام الخلافة وقدوم المهدي وتحرير فلسطين وزوال إسرائيل… سيسارع لتنفيذ أفكاره السوداء ومشاريعه الإجرامية، طمعا في تغيير الواقع بنفسه.

فعلا قد يحول الدين بعض المتدينين إلى مجرمين أو مجانين أو مرضى نفسيين…

ففي الحديث النبوي: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.

وفي حديث آخر: لن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

وفي حديث ثالث: هلك المتنطعون.

في الختام تحية تقدير للبطل من القوات المساعدة، الذي غامر بحياته وطارد المجرم وأوقفه، مانعا بذلك وقوع جرائم وسقوط ضحايا آخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *