خارج الحدود

قضايا المخدرات أكثرها بـ26.23% .. معدلات الجريمة تواصل الارتفاع في الجزائر

رصدت “اندبندنت” تطور معدلات الجريمة في الجزائر بناء على معطيات رسمية، ودور الأوضاع الاجتماعية المتردية في ذلك، مستحضرة مضامين تقرير البنك الدولي السوداوي الذي أثار ضجة سياسية كبيرة، ورأيا أكاديميا يبين كيف تفاقمت الجريمة مع انتشار وباء كورونا.

وحسب نفس المصدر، كشفت المديرية العامة للأمن في الجزائر  في تقرير عن ارتفاع معدل الجريمة بنسبة 14.71 في المئة مقارنة مع 2020. وقال المفتش العام أرزقني حاج سعيد، خلال ندوة صحافية في العاصمة الجزائر، إن الشرطة القضائية سجلت أكثر من 296 ألف قضية مختلفة، تورط فيها 272 ألف شخص، وبلغ عدد الضحايا أكثر من 201 ألف ضحية.

وتتوزع القضايا المسجلة بالدرجة الأولى على جرائم المساس بالأشخاص، ثم المساس بالممتلكات، وثالثاً جرائم تتعلق بالمخدرات، إضافة إلى الجرائم السيبرانية التي قدر عددها بـ4400 قضية، وأحصت الجهات المعنية أكثر من 13 ألف جريمة اقتصادية ومالية، لكن تبقى جرائم المخدرات الأكثر ارتفاعاً بـ26.23 في المئة.

أضاف المسؤول الأمني، أن المصالح العملياتية عالجت 165 قضية تخص مكافحة عصابات الأحياء بالوسط الحضري في سنة 2021، تورط فيها 722 شخصاً تم إيداع 479 منهم الحبس المؤقت، ووضع 113 آخرون تحت الرقابة القضائية، وقال إن تحليل الظواهر الإجرامية داخل الأحياء، “هو عمل دائم يتم على المستوى المركزي بغرض اتخاذ إجراءات وقائية لضمان حماية المواطن وسلامته”، مشدداً على أن مثل هذه الإجراءات “ليست شرطية محض بل تكون بمرافقة السلطات العمومية من خلال إدخال الحس الأمني لدى المواطن والفاعلين الاجتماعيين”، وأضاف، “نحاول القيام بعملنا في ظل دراسة معمقة للظواهر الاجتماعية والإجرامية لتجسيد ما تبقى من منشآت ومراكز شرطية في مختلف الأحياء”.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون أقر قانوناً خاصاً لمحاربة عصابات الأحياء، تراوح العقوبات فيه ما بين ثلاثة و10 أعوام، إضافة إلى غرامات مالية كبيرة، وفي حال وقعت جرائم قتل خلال ممارسة أعمال عنف، فإن العقوبة تصل إلى السجن المؤبد.

الأوضاع الاجتماعية

وتعليقاً على الأرقام، يعتقد الناشط السياسي عبد الله مزوار أن “الأوضاع الاجتماعية المتردية باتت السبب الرئيس لتفشي الجريمة بمختلف أشكالها، خصوصاً ترويج المخدرات واستهلاكها، إذ تتوسع تجارة المخدرات بشكل لافت بعد أن أصبحت الطريق الأسهل لكسب المال، أمام ضعف التعاطي العقابي مع الظاهرة”، مشيراً إلى أن “سياسة العفو التي تمارسها السلطة زادت حدة الأزمة ونسب الجريمة، على اعتبار أن هذا الخيار يدفع إلى عدم الخوف من العقاب، بل على العكس يشجع على العودة إلى الجريمة”.

ويعتبر مزوار، أن “غياب العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد والبطالة جعلا الجريمة حالة مقبولة اجتماعياً”، مضيفاً، أنه “بات من الضروري إعادة النظر في قانون العقوبات، لا سيما ما تعلق بجرائم المخدرات التي أصبحت تهدد المجتمع”، ويلفت إلى أن “إشراك الشباب وإعطاءهم الفرصة سواء من أجل ممارسة السياسة أو في صناعة القرار من أهم الحلول التي من شأنها التخفيف من الجريمة”.

تقرير “سوداوي” للبنك الدولي يثير ضجة وجدلا في الجزائر

وأبرزت دراسة للأمم المتحدة عن جرائم القتل، صدرت في 2019، أن نسبة الذكور بين مرتكبي الجرائم أعلى بكثير من نسبة الإناث، وسجلت الجزائر ارتفاع عدد ضحايا جرائم القتل على يد ذكور بـ469 ضحية مقارنة بالإناث بـ73 ضحية، وتشير الدراسة إلى أن 15 في المئة من مرتكبي الجرائم تربطهم بالضحايا علاقات حميمة وصلة قربى، بينما تمثل الجرائم الناتجة من السرقة نحو ثمانية في المئة، وتصل الجرائم المرتكبة من طرف عصابات، وذات الصلة بالجريمة المنظمة، إلى 20 في المئة. وهناك 12 في المئة من الجرائم مرتكبوها تحت تأثير الكحول أو المهلوسات.

إلى ذلك، كشف الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات ارتفاع نسبة استهلاك المخدرات والمؤثرات العقلية في الوسط التربوي والجامعي، وأضاف أن التحقيقات تشير إلى أن استهلاك المخدرات أصبح يمس الشباب في سن مبكرة، محذراً من خطر استعمال هذه الفئة في ترويج المخدرات بحكم هشاشتها، وقال إنه على الرغم من وجود 45 مركزاً لمعالجة الإدمان، فإن المدمنين لا يترددون عليها، ولفت إلى غياب التوعية والتوجيه في أوساط الشباب.

دور جائحة كورونا

في السياق ذاته، يُرجِع أستاذ علم الاجتماع أحمد بن رايس “ارتفاع نسب الجريمة إلى المشاكل المعيشية، كالبطالة وضعف القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف الزواج، التي تجعل البعض أسيراً للمخدرات والحبوب المهلوسة”. ويستدل بن رايس على ذلك، بأن “معظم الجرائم يقف وراءها مدمنون على المخدرات والحبوب المهلوسة أو مروجوها”.

ويتابع بن رايس أن “فترة جائحة كورونا أسهمت في تفشي الجريمة، على اعتبار أن إجراءات الغلق تسببت في البطالة  والفقر وتدني المستوى المعيشي، إضافة إلى التفكك الأسري”، مشيراً إلى أن “غياب الردع القانوني قد يكون له تأثير مباشر في ارتفاع نسب الجرائم”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *