سياسة

مخلفات البناء والهدم.. هل خرقت جماعة البيضاء القانون بفرض ضريبة على النفايات الهامدة؟

أثار قرار فرض مجلس جماعة الدار البيضاء لرسوم جديدة على النفايات الهامدة التي صارت كابوسا يرهق العاصمة الاقتصادية، مجموعة من التساؤلات حول قانونية الإجراء الذي تعتزم جماعة العمدة نبيلة الرميلي فرضها، كما جاء على لسانها أثناء التصويت على ميزانية مجلس الجماعة، وهو الأمر الذي أكده نائبها المكلف بقطاع النظافة أحمد أفيلال.

ويتعلق الأمر بفرض رسوم قيمتها 20 درهما على كل متر مربع من مخلفات البناء أو الهدم أو التجديد، ستتحملها الشركات الكبيرة، كما أشار المتدخلون خلال دورة فبراير العادية لمجلس جماعة الدار البيضاء المنعقدة الأسبوع الماضي. إذ أجل المجلس مناقشة هذه النقطة إلى الجلسة المقبلة.

ويرى مجلس جماعة الدار البيضاء أن فرض هذه الرسوم من شأنها ردع كل من سولت له نفس رمي هذه النفايات من مخلفات البناء داخل المدينة وبجوانب المؤسسات، ذلك لأن عقود شركات جمع النفايات المنزلية بالدار البيضاء، لم تتضمن هذه المهمة، ومع ذلك تجد نفسها أحيانا مرغمة على إزاحة أكوام من مخلفات البناء أغلقت معابر أو شكلت ازعاجا لمؤسسات وسط المدينة.

النفايات الهامدة وطرق التخلص منها

عرف المشرع المغربي النفايات الهامدة في القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها على أنها “كل النفايات التي لا تنتج أي تفاعل فيزيائي أو كيميائي، وتدخل في حكمها النفايات الناجمة عن استغلال المقالع والمناجم وعن أشغال الهدم أو البناء أو التجديد والتي لا تتكون من مواد خطرة أو من عناصر أخرى تتولد عنها أثار ضارة أو ليست ملوثة بها”.

القانون ذاته نص في مادته العاشرة، على أنه “يجب أن يغطي مخطط مديري جهوي لتدبير (..) النفايات الهامدة كل جهة من جهات التراب الوطني داخل أجل خمس سنوات تبتدئ من تاريخ نشر القانون 28.00.

كما نص القانون المذكور أنه “يحدد هذا المخطط على الخصوص الأهداف المزمع تحقيقها فيما يتعلق بمعدلات جمع النفايات (..) الهامدة والتخلص منها، كما نص على تحديد المواقع الملائمة لإقامة منشآت التخلص من هذه النفايات وتخزينها مع مراعاة توجهات وثائق التعمير”.

وأضاف القانون أنه “يهيأ المخطط من طرف رئيس الجهة تحت مسؤولية الوالي، بتنسيق مع لجنة استشارية تتكون من ممثلي مجالس العمالات والأقاليم وممثلي الإدارة وكذا ممثلي الهيئات المهنية المعنية بإنتاج هذه النفايات والتخلص منها وممثلي الجمعيات المهتمة بحماية البيئة على مستوى الجهة المعنية”.

ضريبة أم إتاوة؟

يظهر أن هناك خلط بين الضريبة والإتاوة في خطاب مسؤولي  جماعة الدار البيضاء بخصوص حل مشكل النفايات الهامدة، حيث تحدثت العمدة الرميلي في مناسبات عدة إلى جانب نائبها، عن فرض ضريبة على نفايات مخلفات البناء، في حين أن القانون لم يتحدث عن أي ضريبة، بل نص في مواد متفرقة على مفهوم الإتاوة.

فبالرجوع إلى القانون المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، لم يذكر المشرع مفهوم ضريبة، إذ ذكر في مادته الـ23 على أنه “يتم تحصيل إتاوة عن خدمات المرفق العمومي للنفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها أيا كانت طريقة تدبير هذا المرفق، وتحدد نسب هذه الإتاوة من طرف المجلس الجماعي طبقا لأحكام المادة 69 من القانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي”.

كما كان القانون واضحا في مادته 24 بنصه على أنه “يجب على منتجي النفايات الهامدة والنفايات النهائية (..) أو الأشخاص المرخص لهم بتدبير هذه النفايات إيداعها في أماكن ومنشآت التخلص منها المعدة لهذا الغرض طبقا للمخطط المديري الجهوي، وذلك تحت مراقبة الجماعات المعنية أو هيآتها وكذا الأعوان المفوضين لهذا الغرض”.

ونصت المادة 25 أنه “يمكن للمصلحة الجماعية المكلفة بتدبير النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها، وعند الاقتضاء، للأشخاص المرخص لهم بذلك أن يتسلموا النفايات الهامدة والنفايات الفلاحية والنفايات النهائية وكذا النفايات الصناعية غير الخطرة، وأن يقوموا بتدبيرها مقابل إتاوة عن الخدمات المقدمة”، ويحدد المجلس الجماعي نسب هذه الإتاوة طبقا لأحكام المادة 69 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي”.

وبالرجوع إلى القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية نجده نص في المادة 83 منه على: “تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في ميادين، منها تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها”، ولم يذكر القانون أن جمع النفايات الهامدة ولا فرض ضريبة عليها من اختصاصات مجلس الجماعة، إذ ترك المجال غامضا في هذا الباب.

هل هي من صلاحية الجماعة؟

انتقد مراقبون في الشأن البيئي داخل مدينة الدار البيضاء، حديث مسؤولي الجماعة عن تفويض تدبير النفايات الهامدة لشركة  بعد تداول المجلس لقرار فرض ضريبة 20 درهم على المتر المكعب، في حين أن صلاحية تدبير هذا النوع من النفايات ليست من اختصاص الجماعة، وفق رأيهم.

وتنص المادة الثامنة من القانون 28.00 على أنه “في حالة التخلي عن نفايات، يمكن لرئيس الجماعة المعنية، بالنسبة للنفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها، أو لوالي الجهة أو لعامل العمالة أو الإقليم بالنسبة لباقي أصناف النفايات، بعد توجيه إعذار إلى المخالف أن يأمر بالتخلص منها بشكل فوري وعلى نفقته”، وزاد النص أنه “في حالة عدم التعرف على هوية المخالف تأمر السلطة المعنية بالتخلص من هذه النفايات”.

عبد العزيز مومن، عضو الهيئة الاستشارية للشؤون الاقتصادية وعضو مجموعة الخبراء في مجلس جهة الدار  البيضاء السابق، ومكلف بالشؤون البيئية، أوضح في حديثه لـ”العمق”، أن مجلس جماعة الدار البيضاء يمكن أن يفرض إتاوة على هذه النفايات الهامدة، إذا ما وفر مطرحا من صنف 2 أو صنف 1، بشرط تحديد مكان داخل المطرح يكون معزولا عن النفايات المنزلية.

وأشار إلى أن هذا الشرط غير متوفر لحد الآن، حيث سبق لنائب العمدة الملكلف بقطاع النظافة أن أكد في تصريحات للصحافة، أن شركة الدار البيضاء للبيئة ستشرف على جمع النفايات الهامدة وإفرغها بأماكن خارج المدينة، من المقرر أن تكون أماكن بها حفر في حاجة للردم في النواصر والحي الحسني وسيدي البرنوصي. كما أشار إلى فرض إتاوة قدرها 20 درهم للمتر المربع المغطى عند طلب رخصة البناء و30 درهم للمتر المربع المغطى عند طلب رخصة الإصلاح و150 درهم للطن عند طلب رخصة الهدم و 500 درهم عند طلب رخصة الإصلاحات الطفيفة.

وأوضح الخبير أن فرض إتاوة عند طلب رخصة البناء أو إصلاح لا يستقيم، مشددا على ضرورة مراجعة مفهوم النفاية حسب علم النفايات “Rudologue”، لافتا إلى أنه يجب استعمال كلمة مخلفات البناء والأوراش التي تصنف إلى 3 أصناف من النفايات الهامدة، وهي النفايات غير الهامدة والنفايات غير الخطرة والنفايات الخطرة. وتابع أنه بإمكان المسؤول عن الورش أو البناء إعادة استعمال أو تدوير أو منحها إلى طرف ثاني داخل أو خارج المكان لإعادة استعمالها، وذلك دون الحاجة إلى خدمة الجماعة.

واعتبر مومن أن هذا الأمر يتقدم كتعليل لعدم قانونية هذه الإجراءات التي تعتزم جماعة البيضاء القيام بها فيما يخص فرض “ضريبة وتفويض جمع النفايات الهامدة لشركة خاصة”، حسب قوله. مسجلا أن “هذا الإجراء لن يقبله المهنيون وسيطعنون فيه لكونه عبثي”، وينصح المتحدث مجلس جماعة الدار البيضاء بأن تلجأ إلى طلب الإستفادة من الضريبة الإيكولوجية “Eco-Taxe” على الإسمنت (حوالي 180 درهم للطن) في إطار “المسؤلية الموسعة للمنتج “REP” والتفكير كذلك في سن نفس الضريبة على منتجي جميع مكونات مخلفات البناء بما يعرف بـ”Filière REP” خاصة منتوج المقالع الذي يباع  داخل مدينة الدارالبيضاء.

وخلص عبد العزيز المومن في حديثه لـ”العمق”، أنه “لحل هذه الإشكالية يجب الإشتغال على مقاربة متعددة الأبعاد، من قبيل التحسيس والتكوين والزجر، وكذلك مع إشراك الحرفين، والمنتجين والمجتمع المدني الذي يشتغل في ميدان البيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *