أخبار الساعة، منوعات

دراسة جديدة: العناكب تستعين بالحقول الكهربائية في الطيران

يرتبط الطيران في أذهان الناس بوجود أجنحة، غير أن العناكب لها “رأي” آخر يعطيها وضعا استثنائيا في عالم الحيوان.

فالعناكب تستطيع دونما حاجة إلى أجنحة “الطيران” عبر الهواء، ودونما حاجة إلى مظلات تستطيع القفز في الهواء، والتنقل في حركة صعود وهبوط حسب حاجتها، وكل ما تحتاجه اللافقاريات هو خيوطها الحريرية اللزجة التي تفرزها.

لكن الذي حيره العلماء على مدى سنوات طويلة هو معرفة الآلية التي تستخدمها تلك الكائنات اللافقارية لتتمكن من الطيران الشراعي، حسب “الجزيرة نت”.

وافترض علماء الأحياء، حسب نفس المصر، أن طيران العناكب مرتبط على الأرجح بدوامات حرارية ناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الهواء بالقرب من سطح الأرض، بينما عزت فرضية بديلة قدرة العناكب على الطيران إلى الموجات الكهربائية.

نمذجة رياضية للكهرباء الجوية

وقد فسرت دراسة حديثة نشرت في دورية “فيزيكال ريفيو إي” (Physical Review E) في 4 مارس/آذار الجاري، العمليات الرياضية الكامنة وراء التفاعلات الكهرومغناطيسية على الخيوط الحريرية اللزجة التي تتدلى من العنكبوت، بتفاصيل جديدة تثري النقاش الدائر حول فرضية علاقة الشحنات الكهربائية بطيران العناكب

وقد أظهرت الدراسات السابقة التي أجراها باحثون من جامعة بريستول عام 2018 أن الحقول الكهربائية الناتجة عن نشاط الطقس يمكن أن تسحب -بالقدر الكافي- خيطا واحدا مشحونا بالكهرباء الساكنة من شبكة العنكبوت، كما أنها يمكن أن تسحب العنكبوت نفسه ليحلق بعيدا في الهواء

ووفقا لتقرير حديث نشر في موقع “ساينس ألرت” (Science Alret)، فقد أوضح الباحثان الفيزيائيان شربل حبشي من جامعة سيدة اللويزة في لبنان ومحمد كيه جاويد من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن نتائج بحثهما لا تعني بالضرورة أن الشحنات الكهربائية هي المسؤولة عن ظاهرة تحليق العناكب، سواء كليا أو جزئيا، لكنها تجيب عن مجموعة من الأسئلة حول الفيزياء التطبيقية الكامنة وراء طيران العناكب

محاكاة تجريبية وقياسات حاسوبية

وللوصول إلى نتائج الدراسة، قام الباحثان بنمذجة بسيطة لتحديد كيفية تفاعل خيط واحد مشحون إلكتروستاتيكيا مع المجال الكهربائي الضعيف الشحنة في الغلاف الجوي. وهنا لا بد من التذكير بقدرة العناكب على تحريك اثنين أو ثلاثة أو حتى عشرات من الخيوط الحريرية الدقيقة، لمساعدتها على التحليق صعودا وهبوطا

وهكذا قام الباحثان بدمج قياسات ناتجة عن دراسات سابقة مع خوارزمية تستخدم في الرسومات المحوسبة لدراسة النظم الشعرية، وذلك لمعرفة كيفية تفاعل كل خيط من تلك المجموعة مع الخيوط الأخرى

وربط الباحثان مجموعة شعيرات افتراضية تحاكي خيوط العنكبوت يتراوح عددها ما بين اثنين إلى 8، بكرة عرضها 2 مليمتر تحاكي بدورها عنكبوتا بحجم صغير. وقام الباحثان بمراقبة تحليق الكرة بالاستناد إلى مجموعة من المتغيرات، مثل توزيع الشحنة، والمجالات الكهربائية في الغلاف الجوي، ومقاومة الهواء أيضا

ووجدا أن جميع الخيوط بقيت رأسية إلى حد ما، وما لبثت أن تباعدت لتتخذ شكلا مخروطيا مقلوبا، وذلك عندما انفصلت الشحنات السالبة على طول الشعيرات، وهو ما أدى بدوره إلى إبطاء صعودهم نحو الأعلى لتسقط الخيوط وتتجمع مرة أخرى معا. وهكذا خلص الباحثان إلى أن التوتر ما بين التنافر الكهروستاتيكي والسحب الجوي يمثل عاملا مهما في تحديد عدد الخيوط التي تمكن العنكبوت من التحليق

وقد أوضح حبشي آلية طيران العناكب بحسب حجمها، قائلا “نعتقد أنه يمكن أن يتسبب المجال الكهربائي وحده دون أي مساعدة من التيارات الهوائية الصاعدة، بتحليق العناكب الصغيرة على الأقل”. وأضاف “أما بالنسبة للعناكب الأكبر حجما، فمن الممكن أن تكون دوامات التيارات الهوائية ضرورية جدا لمساعدتها على التحليق”، وهذا يعني توافق الفرضيات التي تفسر طيران العناكب وتكاملها مع بعضها بعضا حتى يومنا هذا

ويعلق الباحثان آمالا كبيرة على نتائج دراستهما التي قد تكون أساسا لطريق جديد لتكنولوجيا الطيران مستوحاة من العنكبوت، تستخدم لإرسال طائرات مسيرة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *