أخبار الساعة، أدب وفنون

كيف نحبب التاريخ لأطفالنا ونجعلهم يستمتعون بحكايات الماضي؟

إذا كانت المدرسة كمؤسسة تربوية تواجه تحديات تحبيب مناهجها وبرامجها للمتعلمين مند الصغر، فإن الآباء والمربون يواجهون مشاكل جمة في تحبيب مواد معينة لأبنائهم وللمتعلمين، ورغم الأهمية الكبرى التي يكتسيها التاريخ في البناء المعرفي للإنسان، فمادته من أكثر ما يمثل التحديات في هذا المجال.

لقد فشلت المناهج الدراسية في تقديم مقررات التاريخ بشكل يجعل الطلاب يحبون مادتها ويقبلون عليها بنهم. وتحولت حصص التاريخ إلى “حصص تعذيب” لا يتحملها كثير من المتعلمين، بعد أن أصبحت سردا من الأحداث الجافة والمملة ينبغي حفظها لإعادة سردها أثناء الامتحانات، وفق المقولة المتداولة بين المتعلمين “أمانتكم ردت إليكم”.

وحسب الجزيرة نت، يقول الفيلسوف الإسباني جورج سانتيانا “أولئك الذين لا يتعلمون التاريخ محكوم عليهم أن يكرروه”، وكانت نصيحة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل لأي شاب يسعى إلى تحسين نفسه بأن يدرس التاريخ.

ربما الأحداث التي نمر بها في الوقت الحاضر والتواتر السريع للأحداث وتغير شكل العالم عما عرفناه في السابق هو أبرز دليل على ذلك.

من يريد أن يفهم واقعنا اليوم والحروب التي تبدأ في يوم وليلة، عليه أن يقرأ التاريخ. لماذا -على سبيل المثال- شنت روسيا حربها على أوكرانيا؟ وما سر اهتمامها بشبه جزيرة القرم؟ يمكن فهم ذلك من خلال قراءة تاريخ القتال الطويل على القرم بسبب مينائها الرئيسي على البحر الأسود. قد تكون مناقشة تأثير هذه الحرب على الاقتصاد العالمي وحتى على مصروفهم الشخصي هو الرد المناسب على طلبة المدارس الذين لديهم قناعة بعدم جدوى دراسة التاريخ.

لماذا يحبه بعض الناس ويكرهه آخرون؟

التاريخ هو أحد تلك الموضوعات التي يمكن أن تكون جافة ومملة، أو يمكن أن تنبض بالحياة وتلهم أطفالك. ولتعليم التاريخ لأطفالك بطريقة تجعلهم يحبونه، عليك الأخذ في الاعتبار أن ذلك يتطلب مجهودا أكبر من مجرد جعلهم يقرؤون كتابا دراسيا مقررا عليهم.

لماذا يحب بعض الناس دراسة التاريخ في حين يكرهه آخرون؟ هل هو مجرد اختلاف في الرأي؟ أو أن لذلك علاقة بالطريقة التي يُدرس بها التاريخ في كثير من الأحيان؟

إذا تحدثت إلى الطلاب الذين يتعلمون التاريخ من خلال قراءة كتاب مدرسي، والاستماع إلى المحاضرات، وتدوين الملاحظات، وحفظ التواريخ للاختبار، فربما تجد أن نسبة كبيرة منهم لا يستمتعون بدراسة التاريخ، بينما إذا تحدثت إلى الطلاب الذين يتعلمون التاريخ من خلال الانغماس في القصص، ومن خلال التفكير النقدي في سبب حدوث الأشياء بالطريقة التي تمت بها، ومن خلال تجربة التاريخ فعليا، فربما تجد أن نسبة كبيرة منهم يستمتعون بدراسة التاريخ.

وفقا لموقع “هيستوري نت” (History net)، فإن التاريخ هو أحد تلك الموضوعات السحرية التي يمكن للأمهات أن يساعدن في جعل الأطفال يحبونها، من خلال القيام ببعض الأمور البسيطة منها:

ليلة التاريخ

إحدى الطرق لجعل ابنك يهتم بالتاريخ، هي تخصيص ليلة في كل أسبوع تحكين له فيها عن الماضي بشكل جذاب يحبه، خصوصا لو كان ابنك صغيرا. يمكنك أن تحكي له عن قصص الملوك والملكات في العصور السابقة وعن تضحياتهم وانتصاراتهم. إذا كان ابنك مراهقا، ربما تجذبين انتباهه بأن تجعلي في “ليلة التاريخ” هذه اختبارا أو تحديا؛ إذ يحب الناس من جميع الأعمار التحديات التي تقوم على المنافسة، فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تسألي ابنك عن أول رؤساء دولتك أو عن قائد المعركة “كذا وكذا”.

يمكنك منح جوائز للفائز أو الثناء عليه؛ فينبغي للأطفال أن يجربوا الشعور بالفخر حينما يظهرون معرفتهم للآخرين. والآباء بحاجة إلى غرس الفضول وحب التعلم ليكونا قيمة وعادات تدوم مدى الحياة.

محادثة تاريخية

هذا يعتمد على عمر الطفل؛ فإذا كان لديك طفل يبلغ من العمر 12 أو 13 عاما، عليك أن تعتادي على الحديث عن الأخبار والأحداث العالمية. ويمكنك أنت وطفلك في هذا العمر مشاهدة الأخبار معا في يوم محدد أو يومين في الأسبوع، كما يمكنك محاولة تبسيط بعض الأحداث التي قد تكون معقدة؛ ومن ثم نسج التاريخ من خلال الأحداث التي تشاهدها.

ويقدم موقع “هوم سكول” (Homeschool) 7 طرق لتعليم أولادك كيفية الاستمتاع بدراسة التاريخ:

  • البدء بالمرحلة التاريخية التي يحبها طفلك

يوجد تنوع كبير في دراسة التاريخ، فيجب أن تبدئي مع ابنك من الموضوع الذي يحبه، إذ قد يكون مهتما بدراسة تاريخ الإمبراطوريات القديمة، أو تشكل الدول، وقد يفضل قصص الشخصيات التاريخية الهامة، وحتى تاريخ تشكل الأرض نفسها، ربما يفضل ابنك البدء من الحرب العالمية الأولى والثانية وربطهما بما يحدث حاليا في أرض الواقع. اعرفي ماذا يفضل ابنك وابدأي به.

  • قراءة الروايات

قراءة الروايات التاريخية طريقة رائعة ليعيش الأطفال التاريخ بأنفسهم؛ فالروايات التاريخية الجيدة لن تتناول فقط ما حدث ولكن كيف شعر الناس حيال ما كان يحدث. غالبا ما تروي هذه الكتب انتصاراتهم ونضالاتهم، إنها تساعد أطفالنا على الشعور وكأنهم مروا بهذه الفترة الزمنية.

  • قراءة الكتب الواقعية

إضافة إلى الكتب الروائية، تعد قراءة الكتب غير الروائية طريقة رائعة للتأكد من أن ابنك يتعلم حقائق ما حدث بالفعل.

  • مشاهدة الأفلام التاريخية والوثائقية

يتمتع معظم الأولاد بأسلوب تعلم بصري إلى حد ما على الأقل. يُعد السماح لابنك بمشاهدة الأفلام ذات الصلة بالمرحلة التاريخية التي يتعلم عنها طريقة ممتازة للاستمتاع بمعرفة التاريخ.

  • التدريب العملي والأنشطة

التدريب العملي على أنشطة التاريخ ممتع للغاية، اغمري ابنك في الفترة الزمنية التي يتناولها في الوقت الحالي، من خلال تصميم أو ارتداء ملابس هذه الفترة، والاستماع إلى الموسيقى، وتجربة الطعام الخاص بهذه الفترة. كل هذا سيسمح له بتجربة ما قد مر به شخص من تلك الفترة الزمنية بالفعل.

  • الرحلات الميدانية والأماكن التاريخية

شجعي ابنك على المشاركة في الرحلات التي تنظمها المدارس إلى الأماكن التاريخية. ويمكنك أيضا اصطحاب ابنك إلى الأماكن التاريخية في بلدك وملاحظة كيف يعيش الناس في هذه المناطق في الوقت الحالي، مقارنة بالفترات التاريخية السابقة.

قومي بزيارة القرى التي حدثت فيها معارك مع القوى الاستعمارية في الماضي، وزيارة القلاع والحصون، ومواقع المعارك والحروب المشهورة، وما إلى ذلك.

  • البحث عن طريقة إبداعية له لتسجيل ما تعلمه

اجعلي ابنك ينشئ نوعا من المشاريع التي ستساعده على تذكر ما تعلمه؛ فإذا كان يحب الكتابة، اجعليه يحتفظ بدفتر ملاحظات أو يكتب رواية تاريخية. وإذا كان يحب التصوير الفوتوغرافي، فاجعليه يصنع دفتر قصاصات أو كتاب صور.

إذا كان مهتما بصناعة الأفلام، اجعليه يصنع فيلما أو فيلما وثائقيا. وإذا كان مهتما بأجهزة الكمبيوتر أو التكنولوجيا، اطلبي منه إنشاء صفحة ويب أو تسجيل بودكاست.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *