منوعات

في دراسة أشرفوا عليها .. 400 عالم يكتشفون خطأ جسيما في فهمهم الأساسي للطبيعة

التحولات التي تعرفها النظريات العلمية أمر طبيعي بصم تاريخ تطورها عبر التاريخ، لكن بالنسبة للحقائق العلمية، فالتحولات حولها أقرب إلى المستحيل. وهذا ما يجعل “الحقيقة الجديدة” حول الذرة، التي كشفت عنها دراسة حديثة أشرف عليها 400 عالم ونشرت، الخميس، في مجلة “ساينس” العلمية، حسب قناة الحرة، أمرا من شأنه أن يزلزل العديد من النظريات والحقائق العلمية.

فلأن الأمر يتعلق بحقيقة علمية فالاكتشاف الجديد هو اكتشاف لما اعتبره العلماء “خطأ جسيما”. وأكدوا أنه إذا تم إثبات نتائج الدراسة بدراسة أخرى فإن ذلك سيقدم واحدة من أكبر المشاكل التي قد يواجهها العلماء في القوانين الكونية المرسومة ضمن نظرية النموذج العياري أو نظرية النمذجة القياسية.

الفرق بين النظرية والحقيقة العلمية

وقبل التوقف عند الاكتشاف الجديد، ينبغي التمييز بين النظرية العلمية والحقيقة العلمية. وحسب موقع “ناسا بالعربي” فالنظرية العلمية هي نوع محدد من النظريات تُستخدم في المنهج العلمي (scientific method). ومعنى “النظرية” قد يتغير بالاعتماد على الشخص الذي تَطرح عليه السؤال. وحسب نفس المصدر، يقول جيم تانير Jaime Tanner، أستاذ علم الأحياء في كلية مارلبورو: “الطريقة التي يستخدم فيها العلماء تعبير النظرية يختلف قليلًا عن استخدامها الشائع لدى العامة؛ فمعظمهم يستخدمها ليُشير إلى فكرة أو شعور ما لدى أحدهم، لكنّ كلمة “نظرية” في العلم تُشير إلى الطريقة التي نفسر من خلالها الحقائق”.
وحسب نفس المصدر يجب أن تكون أي نظريةٍ علمية مبنيةً على فحص منطقي وحذرٍ للحقائق. الحقائق والنظريات هما شيئان مختلفان، ففي المنهج العلمي (scientific method)   هناك تمييز واضح بين الحقائق التي يُمكن رصدها أو/و قياسها، وبين النظريات التي تُمثل شروحات العلماء وتفسيراتهم للحقائق.

اكتشاف الخطأ الجسيم

حسب قناة الحرة، كشف العلماء في إطار الدراسة المشار إليها، وزنا ذريا قد يغير جميع المفاهيم البشرية عن الكون والعلوم الفيزيائية إن ثبتت صحته.

ففي تجربة لقياس وزن الجسيمات الأساسية المعروفة باسم “بوزونات دبليو” أو (W boson)   كشف العلماء أن وزنها هو أكثر بكثير مما كان متوقعا، وفقا لما نقلته وكالة أسوشيتد برس.

وتعتبر هذه الجسيمات القوة الدافعة الرئيسية في مركز الذرات، وتظهر لأجزاء فقط من الثانية قبل أن تختفي في ذرات أخرى.

وقال ديف توباك، الفيزيائي المتخصص في الجسيمات بجامعة “A&M” في ولاية تكساس، المتحدث باسم مختبر “فيرمي الوطني لتسريع الجسيمات” التابع للحكومة الأميركية، إن الاكتشاف “لا يعكس فقط وجود خطأ ما.. بل يعني حرفيا أن هناك خطأ جسيما في فهمنا الأساسي للطبيعة”.

العلماء في المختبر، المعروف باسم “فيرميلاب” اختصارا، قاموا بدراسة تصادم الجزيئات على مدى عشر سنوات، وقاسوا كثافة حوالي 4 ملايين جسيم من بوزونات دبليو.

وأضاف توباك أن هذه الجسيمات “تواصل الظهور والتلاشي في الوجود الكمي من الكون”.

وذكرت نفس الدراسة أن الفرق بين وزن الجسيمات الذي تقترحه النظريات السابقة وما كشفه العلماء مؤخرا أكبر ولا يمكن اعتباره مجرد خطأ في الحسابات، ولا يمكن التغاضي عنه.

البحث عن دليل إضافي من أجل التأكد

وأكد العلماء أن نتائج الدراسة المذهلة تتطلب إجراء دراسة أخرى، وإن تم إثباتها فإن ذلك سيقدم واحدة من أكبر المشاكل التي قد يواجهها العلماء في القوانين الكونية المرسومة ضمن نظرية النموذج العياري أو نظرية النمذجة القياسية.

وشبه الفيزيائي من جامعة ديوك، أشوتوش في كوتوال، المشرف على التحليلات نتائج  دراستهم بـ “اكتشاف غرفة خفية في منزلك”.

ويرجح العلماء وجود جسيمات لم يتم اكتشافها بعد، وأنه من الممكن أنها تتفاعل مع بوزونات دبليو، ما قد يفسر سر الكتلة الزائدة، أو أن الوزن قد يكون ناجما عن المادة المظلمة (dark matter)، وهي مادة أخرى شائعة الوجود في الكون لكن لا نعرف الكثير عنها.

وقال الباحثون إن من الممكن أن تكون هناك قوانين فيزياء جديدة قد أظهرت وجودها في الاختبار لكنهم لا يعرفون ما هي بعد.

ورغم أن الفرق بين الكتلتين، الموثقة سابقا والأخرى المكتشفة في الدراسة، قد تكون ضئيلة للناظرين، إلا أنها تعد عملاقة في عالم الذرات، فالكتلة التي تقترحها نظرية النموذج العياري لبوزونات دبليو يجب أن تبلغ 80,357,000 إلكترون فولت، قد يزيد أو ينقص بست درجات.

أما الكتلة التي تم الكشف عنها الخميس للجسيمات تبلغ 80,433,000 إلكترون فولت قد يزيد أو ينقص بتسع درجات.

وفي كل الأحوال يتطلب إثبات ادعاء كبير كهذا دليلا إضافيا من فريق ثان، وهو أمر لم يحصل بعد.

ويقول كلاوديو كامباجناري، عالم فيزياء الجسيمات بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، والذي لم يكن جزءا من فريق فيرميلاب: “إنه قياس دقيق للغاية، ويتطلب فهم المعايير المختلفة لعدد منوع من المؤثرات الصغيرة.. هؤلاء الشباب حقا جيدون. وأنا آخذهم على محمل الجد. لكني أعتقد في نهاية اليوم أن ما نحتاجه هو تأكيد من خلال تجربة أخرى”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *