وجهة نظر

باختزال.. ألم يفقد العرب اتجاه القبلة؟

يعيش العرب في توتر نفسي حاد ويعانون بشكل مؤلم لدرجة أنهم أصبحوا مشلولون تماما ومتفرجون على أنفسهم.

مُساءلة الذات غائبة كلياً في التربية الأسرية والمدرسية وهي المسؤولة عن التشويش النفسي للعرب. إنها دراما حقيقية.

إن عدم مساءلة الذات يسجن العربي داخل الدّين لكي يبرر لنفسه أنه مُوجَّه بشكل جيد وانه على الطريق الصحيح. إنه هذيان خيالي.
تتجلى آلية الارتباك هذه على عدة مستويات:

1- الدين

العربي ممزق بين شريعة دينه (المقيدة) والحرية الفردية وفق حقوق الإنسان الدولية. وهذه المعاناة من التناقضات تدفعه إلى التحول إلى ديانات أخرى (البهائية، المسيحية) وإلى تيارات روحية (البوذية، الصوفية، الأحمدية) الأكثر أكسجينًا أو إلى الإلحاد والحياد الديني.
للأسف وعلى الرغم من إيمانه الجديد فإنه يجد نفسه مرة أخرى يعيش في انقسام وفصام.

2- الهجرة إلى الغرب

إن الدافع الأساسي لهذه الموجة البُركانية من هجرة الشباب العرب إلى الدول الغربية هو البحث عن الحرية الفردية فقط. ولكن عندما يصلون إلى هناك يتم استبعادهم وينتهي بهم الأمر بالعودة إلى الفقاعة الدينية.

3- اللذة والمحرمات الدينية

العرب يخالفون الشريعة الدينية كل دقيقة من أجل الحصول على المتعة. وبعد ذلك يظهر الشعور بالذنب ولكن يتم تعويضه بسرعة عن طريق الممارسة الدينية (قراءة النصوص المقدسة والصلاة وإعطاء الصدقات). هذه الاستراتيجية العربية هي شعار يومي. إنه الغش “حلال”.

4- وهم الهوية الدينية

العربي يسرق ويكذب ويشرب الخمر ويمارس الجنس الحرّ وفي أثناء هذه الممارسات اللّادينية يعلن دينه هو الأفضل والوحيد الذي يقبله الله للدخول إلى الجنة. دماغان في جمجمة واحدة.

5- الإعجاب بالغرب وكرهه

ينحني العرب للخلف ليبدو مثل الغربيين، البشرة البيضاء والشعر الأملس والعفوية وحب الذات والعيش الممتع وما إلى ذلك، وفي نفس الوقت لا يتمنى إلا البلاء للغرب من خلال اعتبارهم كفاراً. إنه أصل الجنون.

6- العمى

في البلدان العربية وفي وضح النهار نجد محلات ومؤسسات (بيوت دعارة وحانات ومصانع الخمر…) قيد التشغيل. ورغم هذا الواقع نرى العربي يذكرنا بصوت عالٍ وبكل فخر بأن بلاده دولة دينية ويجب احترام ثقافتها المحافظة.

7- الطوباوية الدينية وأحلام الطفولة

العربي يعيش سنوات ضوئية بعيدًا عن مبادئ دينه ومع ذلك فهو مقتنع بأن دينه هو الخلاص الوحيد في العالم. ولكن العرب غير قادرين على أن يسألوا أنفسهم لماذا يهرب الناس من الدين؟ هل يمكننا الهروب مما يمنحنا اللذة والسكينة؟ إلا إذا كان العربي مازوشي؟

8- زواج الفاتحة والمعاشرة الجنسية “حلال”

ظاهرة جديدة تتوسع في الوطن العربي وإنها حيلة بارعة لإعطاء صفة “حلال” للحرية الجنسية. إنه التنافر المعرفي الحقيقي.

9- البنوك الدينية بدون رِبا

لقد وجدت البنوك العربية حيلة ذكية لتحويل الربا من “حرام” إلى “حلال” علما أن الكل واعي بهذه الخدعة. إنها حفلة تنكرية حقيقية.

10- الفستان الأبيض والحجاب والقفطان

يجب على العروس والعريس خلال الزفاف أن يكون كل منهما غربي (كوسْتيم وْ لاروبْ بيضاء غربية مع الحجاب) وأيضا تقليدي (قفطان، جلابة بيضا وْ الرّْزة). اثنان في واحد.

باختزال، طالما أن العرب لا يزالون ينتظرون المعجزات الدينية ويستمرون في جهل مساءلة الذات (الكوجيتو) فسوف يستمرون في اضمحلالهم بالكامل.

* الدكتور جواد مبروكي، طبيب نفسي ومحلل نفسي للمجتمع المغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *