أخبار الساعة

إليك كيف طور الذكاء الاصطناعي قدرات الاستخبارات الإسرائيلية

ما أن يدخل الذكاء الصناعي مجالا إلا ويحدث فيه ثورة، ويعطي لمعتمده قوة تميزه عن منافسيه ممن قد يتخلفون عن إدخال تكنولوجيا الخوارزميات فيه.

ولعل أكثر المجالات حساسية فيما يتعلق بالإمكانات التي قد يتيحها الذكاء الصناعي فيه هو مجال الأمن بشكل عام، والمجال الاستخباراتي بشكل خاص. وهذا الأخير هو ما طورته إسرائيل اعتمادا على الخوارزميات القائمة على الشبكات العصبية، وجربته في اعتداءاتها على غزة.

وحسب الجزيرة نت، قال الباحث الإسرائيلي ديفيد سيمان-توف في مقال له بموقع ناشونال إنترست الأميركي (The National Interest) إنه ومع نضوج تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، من المحتمل الحصول على نتائج متوقعة وغير متوقعة على البشرية.

ونقل عن قائد الوحدة 8200، وهي الوحدة السيبرانية للاستخبارات العسكرية التي تقود التحول في الجيش الإسرائيلي، قوله، حسب نفس المصدر، إن الآلة يمكنها حاليا استخدام البيانات الضخمة لإنشاء معلومات أفضل من البشر، لكنها لا تفهم السياق، وليس لديها عواطف أو أخلاقيات، وغير قادرة على “التفكير خارج الصندوق”.

لذلك، بدلا من المفاضلة بين الآلات وبين البشر، يقول الكاتب، يجب أن ندرك أنه، في المستقبل المنظور على الأقل، لن تحل الآلات محل البشر في اتخاذ القرارات الاستخبارية. ومع ذلك، فمن الواضح أن المتخصصين في مجال الاستخبارات بحاجة إلى تكييف تصورهم للتكنولوجيا والتفكير الرياضي في القرن الـ 21.

الترجمة الآلية

وقال الكاتب إن أول تطور مثير للاهتمام يستحق تسليط الضوء عليه في المخابرات الإسرائيلية هو الترجمة الآلية، إذ شهدت السنوات الأخيرة تطورات غير مسبوقة في تكنولوجيا الترجمة.

وأضاف أن الخوارزميات القائمة على الشبكات العصبية نجحت في تقديم مستوى عالي الدقة من الترجمة، وأن ترجمة اللغات مثل العربية والفارسية إلى العبرية تسمح لمحللي الاستخبارات بالتعامل المباشر مع المواد الخام وتنهي اعتماد المحللين على وحدات تجميع المعلومات.

وبالإضافة إلى ذلك، فهي تمكن محللي الاستخبارات من التعامل مع مستودعات البيانات الضخمة، وهذا يعني أن المخابرات العسكرية الإسرائيلية بدأت في دمج محركات الترجمة الآلية في عمليات عملها وبدأت في التخلي عن بعض مترجميها البشريين. وبدلا من ذلك، يقوم الجيش بتدريب بعض أفراد استخباراته على الآلات لرفع مستوى الترجمة التي يقدمونها.

تحديد الأهداف للهجمات

والتطور الثاني وقع في مجال تحديد الأهداف للهجوم في الحرب على “الإرهاب”. وتعتمد هذه العملية على خوارزميات متقدمة في مجال التعلم الآلي، باستخدام القدرة على معالجة كميات هائلة من المعلومات وربط طبقات عديدة من المعلومات الجغرافية للكشف عن الحالات الشاذة في البيانات.

وظهر التغيير إلى الآلات في هذا المجال لأول مرة في العملية الأخيرة في غزة (2021)، حيث استخدمت المخابرات العسكرية الإسرائيلية لأول مرة الذكاء الاصطناعي في تحديد العديد من الأهداف في الوقت الحقيقي.

وأضاف الكاتب أن دمج الذكاء الاصطناعي في العمل الاستخباراتي سيؤدي إلى تغيير الطريقة التي يتم بها التعامل مع المعلومات الاستخباراتية في إسرائيل لفترة طويلة في المستقبل، ولكن لا تزال هناك تحديات لم يتم حلها.

ففي الوقت الحالي، لا تزال الآلات لا تعرف كيفية طرح الأسئلة أو تلخيص رؤى البحث بمستوى كاف. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكليف آلة بمسؤولية تحديد ومهاجمة الأهداف يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة ويخلق معضلات أخلاقية.

العمود الفقري لتقنيات التجسس حول العالم

تملك الدولة العبرية ثلاثة أجهزة استخبارية، على رأس دائرة صنع القرار والتغييرات في رأس هرم هذا الكيان، وهي: أمان أو شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، (المخابرات العسكرية)، والموساد (المخابرات الخارجية)، وشاباك (الأمن الداخلي).

وحسب الجزيرة نت، تعد الوحدة “8200” (الوحدة السيبرانية للاستخبارات العسكرية) إحدى أقوى أذرع هيئة الاستخبارات الإسرائيلية، ويمتد عملها إلى أنحاء العالم؛ نظرا لما تملكه من إمكانيات وخبرات تستطيع من خلالها تغذية مختلف المؤسسات الإسرائيلية بالمعلومات اللازمة بعد جمعها من خلال اختراقات وعمليات تجسس، يعتمد معظمها على العمل السيبراني، الذي يتميز فيه العاملون بها.

ونظرا لأهمية الوحدة في إسرائيل، فإن السرية تحيط بها بشكل كبير، وصل إلى عدم الإعلان عن هوية العاملين بها حتى قائدها، وهو الأمر الذي كان واضحا عند تسليم وتسلم قيادة الوحدة في 28 فبراير/شباط الماضي، حيث حرص الجيش الإسرائيلي على تمويه وجه القائد في صور الحفل، التي تم الإفراج عنها.

وعلى الرغم من عدم السماح بنشر معظم المعلومات حول الوحدة وتشغيلها؛ إلا أنه على مر السنين تم الكشف عن عدد من التفاصيل حولها، وحول خريجيها، الذين شغلوا أكثر المناصب المرغوبة في عالم التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل؛ نظرا لما تمتعوا به من خبرات عملية في هذا المجال أثناء خدمتهم في تلك الوحدة.

كيف توظف “8200” إمكانياتها للتجسس؟

قبل سنوات قليلة، أثارت الوحدة الكثير من التعليقات بسبب دورها في الحرب الإلكترونية، وبسبب ما تملكه من قدرات فائقة في مجال التكنولوجيا.

كما أدلى المسؤولون الإسرائيليون باعترافات تفيد بتحول عمل الوحدة من الدفاع إلى الهجوم في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتنوعت أدوات التجسس والتجنيد؛ من بينها استخدام الرسائل النصية بهدف اختراق الهواتف المحمولة، وهو الأمر الذي تستخدمه أجهزة المخابرات في الدول المتقدمة.

ربما هذا الأمر ليس بجديد؛ لكن عندما يتعلق الأمر بشركة إسرائيلية بعينها وارتباطها بالوحدة “8200”، حيث تمكنت شركة إسرائيلية خاصة وهي “إن إس أو” (NSO) والتي خدم مؤسسوها في الوحدة أن تكشف ثغرة في هواتف “آيفون”، التي تتمتع بحماية قوية مقارنة بالهواتف المحمولة الأخرى، وطورت برنامجا لاختراقها عن بعد واستخدامها كأداة تجسس.

ومما لا شك فيه أن هناك علاقة كبيرة بين الشركات الخاصة، التي تتولى عمليات تطوير البرمجيات في إسرائيل والوحدة “8200”، خصوصًا أن مديريها من خريجي تلك الوحدة، وهذا الأمر يتيح للاستخبارات الإسرائيلية استخدام تلك القدرات لصالح إسرائيل عن طريق عملية التجسس، التي تقوم بها الوحدة التي يتحدث معظم العاملين فيها باللغة العربية والفارسية. ويؤكد تلك الفرضية ما كشفته معاهد متخصصة بأن شركة “إن إس أو” وحدها استهدفت حوالي 180 شخصا ببرامجها للتجسس خلال عامين فقط.

يوضح أفيفا ليتان، الباحث والمحلل بـ”مركز غارتنر” (Gartner Research)، ما يحدث، فيُخبرنا أن هذه الطفرة في صناعة الأمن السيبراني في إسرائيل “تُنسب لرواد الأعمال ذوي الخلفيات العسكرية، الذين قضوا خدمتهم في وحدات النخبة الإسرائيلية المتخصصة في الأمن السيبراني”، ثم جلبوا خبراتهم العسكرية إلى القطاع الخاص.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *