مجتمع

رفض “الإجبار الجنسي” للزوجة.. انتصار لكرامة المرأة أم ثورة ضد الفقه التقليدي؟

أثار قرار قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، الرافض إجبار سيدة على المعاشرة الزوجية، بعدما رفع ضدها زوجها دعوى قضائية يطالبها بتمكينه من الدخول بها، ردودا مشيدة بالقرار، خاصة من باحثين في العلوم الشرعية والمدافعين عن الحقوق الإنسانية للمرأة.

انتصار لكرامة المرأة

تعليقا على القرار من وجهة نظر الحركة النسائية، اعتبرت الناشطة الحقوقية فوزية عسولي، أن قرار قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط القاضي برفض إجبار زوجة مغربية بمعاشرة زوجها، “انتصار ورد الاعتبار لكرامة المرأة”.

كما اعتبرت عسولي في تصريح لجريدة “العمق”، أن هذا القرار القضائي، “دليل على نزاهة القضاء وحكمة المتخصصين في تطبيق القانون الساهرين على احترام الدستور والاتفاقيات الدولية المعنية بالحقوق الإنسانية للنساء”.

وأكدت الناشطة الحقوقية أن قرار قسم قضاء الأسرة بابتدائية الرباط الصادر بتاريخ 9 يناير 2020 والمتداول حديثا، “فيه رد الاعتبار أيضا لصورة المغرب التي خدشتها بعض الأحكام القضائية التي تنتهك حقوق الإنسان باسم الخصوصية”.

وقالت عسولي تعليقا على القرار باعتباره ثورة على الفقه التقليدي كما أورد بعض الباحثين في العلوم الإسلامية، بأن الفقه التقليدي “يبرر ويشرعن باعتباره تأويل واستعمال للدين في غير محله فيكون بذلك يسيء للدين، بمعنى أن الفقه التقليدي إذا لم ينصف المرأة ويحترم كرامتها وإنسانيتها ويشرعن ويحلل اغتصاب النساء فهذا لا يسيء فقط للفقه بل يسيء لدين الإسلام الذي يعتبر منصفا للمرأة” تقول الحقوقية.

وأوردت عسولي في تصريحها، أن هذا القرار القضائي أيضا ثورة ضد الاغتصاب الزوجي الذي “لا يمكن تبريره بتأويلات أو بفقه كيفما كما نوعه ولو كان مبنيا على اجتهادات فقهية لأن هذه الاجتهادات تبقى تأويلات وقراءات متعلقة بأشخاص لا أكثر”.

حكمٌ شجاع وجريء

في المقابل اعتبر الباحث في الدراسات الإسلامية، عبد الوهاب رفيقي، أن هذا الحكم القضائي غير مسبوق، فيه جرأة وشجاعة، لأن القانون المغربي المبني على الفقه التقليدي لا يؤمن بـ”الاغتصاب الزوجي”، ويعتبر تمكين المرأة لزوجها من مقتضيات العقد، بغض النظر على رغبتها أو رضاها.

وأشار إلى أن ذلك يأتي بناء على عدد من النصوص التي تقول بأن المرأة مأمورة بالاستجابة لرغبات الزوج ولو كانت على شوك، وأنها لو امتنعت باتت الملائكة تلعنها حتى تصبح، وهي الأحاديث الموجودة على كتب الفقه التي تحيل المادة 400 من المدونة عليه كمرجعية لقوانين الأسرة.

ويرى رفيفي أن هذا الحكم كان شجاعا وجريئا ودافعا لإعادة النظر في هذه القضية وتجريم الاغتصاب الزوجي، مضيفا: “وإن كانت عندي ملاحظة بعد ما اطلعت على نسخة الحكم، واش فقط لأن هيئة الحكم كانت كلها من النساء مشات فهاذ الاتجاه، أو أن القضاء المغربي جملة غادي فاتجاه تجريم الاغتصاب الزوجي، وهذا ما أتمناه فعلا”.

ثورة ضد الفقه التقليدي

وفي رأي العلوم الشرعية، اعتبر الباحث والخطيب، الحسين الموس، أن “مسألة المعاشرة الحميمية وإن وردت فيها نصوص كثيرة تتضمن الترغيب والترهيب قصد الوفاء بها، إلا أنه لا يمكن أن يتدخل القضاء لفرضها بقوة القانون، فهي كما يدل الاسم علاقة حميمة تقوم على الود والانجذاب التلقائي، ومن ثم فرفض الحكم من المحكمة طبيعي”.

ودون الموس أن الشريعة في هذا الموضوع “تتذرع بالترغيب في الوفاء بحق المعاشرة وبالترهيب من إهماله دون مبرر، لكنها أيضا تؤكد على أنها قائمة على الحب والرغبة وأنه لا يستقيم وجود الشقاق والنزاع والأذى مع هذه العلاقة”.

وردّ على أن “من رأوا في الحكم الصادر، ثورة ضد الفقه التقليدي يتعاملون مع نصوص الشريعة بانتقائية، حيث يغلبون ما ورد من وعيد في حق المرأة حين لا تستجيب لزوجها، على ما ورد من آداب شرعية لنجاح العلاقة الحميمية، ولكي لا  تتحول إلى معاشرة جنسية فاقدة لروحها” مستدلا في هذا الصدد بالحديث القائل: “ألا يستحي أحدكم أن يجلد امرأته جلد العبد ثم يعاشرها في آخر النهار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • رشيد
    منذ سنتين

    من حقها ترفض لكن من حق الزوج يطلب التطليق بدون تبعات مالية.