أدب وفنون

افتتح بفيلم “زومبي” فوضوي .. مهرجان “كان” بين السينما والسياسة

انطلق مهرجان كان السنيمائي الأربعاء وقد أثار أسئلة حول هويته بين السياسة والدراما السنيمائية، حسب عدد من المصادر الإعلامية. وكرست انطلاقة الدورة 75، تمتد ما بين 17 و28 مايو 2022، حظر الظلال الثقيلة للغزو الروسي لأوكرانيا، والاعتقاد القديم بأن مهرجان كان لا يحسن اختيار أفلام الافتتاح. كما أعطت إشارات مقلقة حول مدى تمكن المهرجان من تحقيق شعاره الذي اختير له بوستر رسمي تضمن صورة من النهاية الشهيرة لفيلم The Truman Show من بطولة Jim Carrey عام 1999، والتي قال عنها المنظمون إنها تشبه الفيلم الشهير برسالته المبطنة، الا وهي حثّ المشاهدين على التفكير بين الحقيقة، الخيال والتلاعب.

حضور السياسة بظلالها الثقيلة

بعد حرب لا تزال مستمرة، حسب الجزيرة نت، أعلن المهرجان مقاطعة كاملة للدولة الروسية وما في قلبها من فنانين وصنّاع، كما رفض إعطاء أي طلبات اعتماد صحفي إلى أي صحفي روسي داخل الصحف القومية، وهي مقاطعات زادت حدتها حينما منع صحفي روسي يعمل بمكان عالمي من الحصول على تصريح أنه على ذمة صحيفة روسية إلى جانب وكالته كردّة فعل “للهمجية الروسية التي حدثت في أوكرانيا”.

كانت النقطة الأكثر لفتا للأنظار، حسب نفس المصدر، هي منافسة المخرج الروسي كيريل سيريبرينكوف بفيلمه “زوجة تشايكوفيسكي” الذي يروي سيرة الموسيقار الشهير، إذ تصدّر هذا الفيلم ومخرجه القصة فقط لأنه مُنع من السفر في الأعوام الثلاثة الماضية؛ حتى إنه عرض له فيلمان “صيف” و”حمى بيتروف” من دون حضوره، وذلك في أثناء وضعه تحت الإقامة الجبرية لمعارضته النظام الروسي.

وكما يقدم المخرج السياسي سيرجي لوزنيستا المعروف بأفلامه المناهضة للتدخل الروسي فيلم “التاريخ الطبيعي للدمار” إلى جانب فيلم “ماريبوليس 2” الذي قتلت القوات الروسية قبل شهور مخرجه مانتاس كفيدارافيسيوس بعد أن هربت حبيبته بمادة الفيلم التي وافق المهرجان على عرضها في المهرجان قبل بداية المهرجان بأقل من أسبوع.

أيضا تقدم المخرجة هنا بيلو فيلمها الذي يحكي بروفة سابقة وإرهاصات داخلية عن الحرب الدائرة الآن في أوكرانيا، وثمة خطاب سياسي فج يحمله الفيلم الذي يقدم روسيا مجرمة حرب ينبغي أن تتحمل آلام شعوب عديدة إلى جانب الشعب الأوكراني الذي دمرته.

وعلى ما يبدو أصبح التأثير السياسي فيما يخص قضية الحرب حاضرا بشكل لافت للأنظار أو مسيطرا على الاختيارات والتوجهات، كان أقصاها تحرك الصناع لتغيير اسم فيلم “زد” إلى فيلم “نسخة أخيرة” الذي تسبب في إرباك الموزعين الذين برروا ذلك أن اسم “زد” استخدمته القوات الروسية في أثناء حراكها، بالرغم من أنه عمل كوميدي ليس له علاقة بالحرب تماما.

والأغلبية الساحقة تؤيد مقاطعة المهرجان الأشهر لروسيا التي ارتكبت مجازر مجحفة في أثناء الشهور الماضية، بينما عدد قليل يحاول إعادة عرض الفرضية بتساؤل استنكاري عن الاهتمام الشديد الذي ظهر في مقابل تجاهل سابق لأوضاع أخرى ربما تكون مشابهة، سواء في الداخل الأوروبي أو خارجه، ويراها ربما مزايدة سياسية أكبر مما تستحق، لكن تظل المظاهرة السينمائية الأكبر تحمل إلى جانب بعدها السياسي الأكبر بعضَ الأفلام التي ينتظرها الكثيرون بين العام والآخر.

“اقطعوا!” يفتتح المهرجان

افتتح فيلم “اقطعوا!” للمخرج الفرنسي ميشال أزانافيسيوس الدورة الخامسة والسبعين للمهرجان. وهو ، حسب اندبندنت عربية، فيلم في منتهى الغرابة يؤكد أن  مهرجان “كان” لم يحسن دائماً اختيار أفلام الافتتاح.

“اقطعوا!” هو في الأساس اقتباس لفيلم ياباني “وان كات أوف ذا ديد” لشينيشيرو أودا الذي أنجز قبل خمسة أعوام ولفت بعض الأنظار في أوساط محبي أفلام الزومبي الهزلية، وحقق إيرادات بلغت الـ31 مليون دولار عالمياً، بالرغم من موازنته الضئيلة.

كل شيء في الفصل الأول من الفيلم يوحي بأننا أمام عمل هواة، حسب نفس المصدر، وأمام نحو ساعتين من الصراخ المتواصل، حيث الممثّلون سيركضون بعضهم خلف بعضهم. الافتعال سيد الموقف، ولكنه افتعال مقصود يهدف به أزانافيسيوس  إلى اسقاطات هو وحده يفهمها. ومن الواضح أنه هو وحده يستمتع بها، لأن مشاهدة الفيلم طوال هذه المدة بتكراره ودورانه في الفراغ، جلسة عذاب. لا يمكن الشروع في التفاصيل ذلك أن هذا الفعل قد يفسد بعض المفاجآت التي يوفرها الفيلم، خصوصاً أن المشاهد الأولى ستُعاد وتُشرح في نهاية الفيلم.

وحسب اندبندنت عربية، الهدف من هذا الفيلم هو تخريبي. أزانافيسيوس يقول لنا انه قادر على الاتيان بفيلم فوضوي لا معنى له إلى “كان”، ويتسلق أدراج القصر بعمل لا يقيم أي وزن للذوق العام. ثم هناك هاجس السينما الذي يلازمه منذ فترة طويلة. العودة إلى بعض أفلامه ضرورية لفهمه. لا يمكن فصل خلفيته الثقافية وحقيبته السينمائية عن أي فيلم يقدم على إخراجه، لذلك يمكن اعتباره سينمائياً مؤلفاً وإن تشبع بأساليب السينما التجارية. مجمل عمله يدور حول السينما والرغبة في الحديث عنها أو محاكاتها. الموضوع الأساسي لسينماه هو السينما نفسها. فهو بدأ حياته المهنية مع سلسلة “أو أس أس”، وهي باروديا لأفلام التجسس.

ذاع صيته العام 2011 عندما أخرج فيلمه الشهير “الفنّان” بالأسود والأبيض، فنال عنه جائزة “أوسكار أفضل فيلم في العام التالي، مخولاً لبطله جان دوجاردان الفوز بـ أوسكار” أفضل ممثل. مجموع الجوائز التي أُسندت إليه عن هذا الفيلم وصل إلى المئة. “الفنان” كان عن حكاية هذا الذي يدعى جورج فالنتاين، ممثّل سينما صامتة يقع في النسيان مع وصول السينما الناطقة. وها نحن نرحل مجدداً في واحدة من أبعد الرحلات عبر تاريخ السينما، يتخللها صعود وهبوط، عظمة وانحطاط، أمل ويأس. هكذا كانت السينما في زمن البراءة، حلمٌ قابل للتصديق، يهز وجدان الجالسين في صالة مظلمة. ثم في “الرهيب” (2017)، عاد أزانافيسيوس إلى هوايته المفضلة: الضرب على رأس السينما، هذه المرة من خلال جان لوك غودار، وكانت المقاربة ساخرة إلى حد كبير، طرح فيها غودار كشخصية سجالية، جدالاته البيزنطية التي تتخطى السينما، ذلك أن ارتباطاته السياسية والعقائدية كانت دائماً محل خلاف حتى مع أقرب المقربين له

لا شيء من هذه الطبقات المتعددة في فيلمه الجديد الذي يبدو فارغاً. ليس هناك سينما صامتة أو ناطقة أو غودارية. فهو قرر التعامل مع سينما مصاصي الدماء، ليدخل نتيجة ذلك إلى دائرة مغقلة، بحيث أن عدداً محدوداً من الناس يهتمون بهذا الـ”جانر” الدموي. حتى جيم جارموش أضاع طريقه عندما تناول مصاصي الدماء في فيلمه الأخير “الميت لا يموت” الذي افتتح “كان” قبل 3 سنوات. فهذا النوع مهما كان كاريكاتورياً وساخراً الا ان تأثيره محدود.

والفيلم، حسب نفس المصدر،  لا يليق لا ب”كان” ولا بتاريخه المجيد، وهو حتماً ليس عملاً يستحق أن تنطلق به دورة تعدنا بالكثير من الأعمال السينمائية الكبيرة وبالعودة إلى الحياة الطبيعية.

مواجهات سينمائية

يتضمن البرنامج الرسمي للدورة 75 من مهرجان كان  ما يقرب من 22 فيلما تتنافس على السعفة الذهبية وجوائز المهرجان الأخرى، وعدد كبير من المخرجين المخضرمين الذين نالوا سعفة ذهبية أو أكثر، سيتواجهون مع مخرجين شباب حققوا إنجازات كبيرة في السنوات الأخيرة، ونالوا خلالها جوائز عديدة وأفلام ينتظرها أغلب عشاق السينما، كما نشاهد في عدد كبير من تلك الأفلام حضورا سياسيا لافتا، حسب الجزيرة نت.

وحسب نفس المصدر، ينتظر عدد كبير من الجمهور أعمالا مثل فيلم “وسط” الياباني للمخرج هيروكازو كوري إيدا الذي فاز من قبل عن “سارقو المتاجر”، كما ينتظر الجميع فيلم “مثلث الحزن” للمخرج روبن أوستولوند، صانع فيلم “المربع” الذي حصد جوائز عديدة وقت عرضه، إلى جانب فيلم المخرج العالمي جيمس جراي “زمن القيامة” الذي رغب أكبر عدد من المتابعين في مشاهدته.

حضور عربي

أيضا لدينا حضورا عربيا لافتا في برنامج المهرجان برصيد 6 أفلام، من بينهم فيلم المخرج علي عباسي الذي يشارك البلجيكي لوكاس دونت في المسابقة الرسمية بفيلمهما “عنكبوت مقدس” حول قصة متطرف ديني يسعى إلى تطهير مكانه من المومسات، إلى جانب فيلم “صبي من الجنة” للمصري السويدي طارق صالح الذي يرجح أن يثير جدلا دينيا وسياسيا، والذي تناول قبل ذلك “حادث النيل هيلتون”، ومنع عرضه في مصر، كما مُنع “صبي من الجنة” إلى جانب الفيلم الإيراني “أشقاء ليلى” للمخرج علي روستائي، وثمة رسائل سياسية في أغلب هذه الأفلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *