خارج الحدود

بعد إقصاء الأحزاب ورفض النقابة واعتذار الجامعات .. من سيضع دستور تونس؟

بعد إقصاء الأحزاب السياسية من المشاركة في الحوار الوطني لإعداد الدستور الجديد في تونس، وبعد إعلان الاتحاد التونسي للشغل مقاطعة ما أسماه “الحوار الشكلي معروف النتائج”، وتنظيمه إضرابا عاما، جاء رفض عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية في تونس عضوية اللجنة الاستشارية لصياغة الدستور الجديد التي سماها الرئيس قيس سعيد الأسبوع الماضي ليضع علامات استفهام كبيرة حول من سيضع الدستور الذي يريد به الرئيس قيس إقبار دستور ثورة الربيع التونسي؟

وكان الرئيس التونسي، قد أصدر الأسبوع الماضي مرسوما عين بموجبه أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد لرئاسة هيئة استشارية تتكون من عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية، مهمتها صياغة مشروع دستور جديد، وخلت اللجنة من عضوية الأحزاب السياسية.

وحسب مصادر إعلامية، أعرب عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية في تونس، في بيان، عن تمسكهم بحياد المؤسسات الجامعية وضرورة النأي بها عن الشأن السياسي، وأضاف البيان: “نعتذر عن قبول هذا التكليف”.

وكان الرئيس التونسي قد أعلن الجمعة عن إحداث لجنة للإعداد لمشروع تنقيح دستور “جمهورية جديدة” عبر “حوار وطني” استبعد منه الأحزاب السياسية.

وبعد أشهر من الانسداد السياسي، أعلن سعيد الذي انتخب في نهاية 2019 تولي كامل السلطات التنفيذيّة والتشريعية في 25 تموز/يوليو، وأقال رئيس الوزراء وعلق نشاط البرلمان قبل أن يحله في آذار/مارس. وفي خريطة طريق وضعها لإخراج البلاد من أزمتها السياسية، قرر سعيد إجراء استفتاء على تعديلات دستورية قيد التجهيز في 25 تموز/يوليو قبل إجراء انتخابات تشريعية في 17 كانون الأول/ديسمبر. كما منح نفسه في 22 نيسان/أبريل حق تعيين ثلاثة من أعضاء هيئة الانتخابات السبعة، بما في ذلك رئيسها.


أقوى نقابة ترفض الحوار وتقرر الإضراب الوطني

وجاء اعتذار رؤساء الجامعات عن المشاركة في صياغة دستور سعيد عقب إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل، الاثنين، رفض المشاركة في حوار اعتبره “شكلي وجاهز النتائج” وتنظيم إضراب وطني.

ويعد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم أكثر من مليون عضو، أقوى قوة فاعلة في تونس، وقد تشكل دعوته للإضراب أكبر تحد حتى الآن للرئيس سعيد.

وأعلن الاتحاد الاثنين رفضه المشاركة في الحوار الوطني الذي اقترحه الرئيس قيس سعيد من أجل “جمهورية جديدة”، معتبرا أنه “شكلي” ويقصي القوى المدنية. وقال الاتحاد إن الهيئة الادارية وهي أعلى سلطة فيه وافقت بالإجماع على القيام بإضراب وطني في الوظائف العامة والشركات العامة للدفاع عن الحقوق الاقتصادية للموظفين واحتجاجا على رفض الحكومة زيادة الأجور.

وأوضح الاتحاد العام للشغل في بيانه الختامي إثر اجتماع هيئته التنفيذية أن الحوار “شكلي تحدد فيه الأدوار من جانب واحد وتقصى فيه القوى المدنية”، فضلا عن كونه “استشاريا ولا يفضي الى نتائج”.

وتعهدت الأحزاب السياسية الرئيسية من بينها الحزب الدستوري الحر وحزب النهضة الإسلامي والتيار الديمقراطي في تونس بالتصدي لقرار سعيد باستبعادها من الإصلاحات السياسية الرئيسية بما في ذلك صياغة دستور جديد.

اقتصاد تونس

وحسب نفس المصادر، يكافح اقتصاد تونس منذ سنوات في ظل الجمود السياسي الذي بلغت ذروته بعد أن أحكم الرئيس التونسي، قيس سعيد، قبضته على السلطة التنفيذية وأقال الحكومة، وجمد البرلمان، في يوليو/ تموز من العام الماضي.

وتعاني تونس من ديون تعادل نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ولم تعد قادرة على الاقتراض في أسواق رأس المال الدولية.

يعادل الحد الأدنى للأجور الشهرية في تونس نحو 132 دولار فقط، ما تسبب في ضيق الظروف المعيشية، ورغم دعم الدولة جزئياً للخبز والوقود، لكنها رفعت أسعار الوقود 5% للمرة الثالثة هذا العام لكبح عجز الميزانية، وهو إصلاح اقتصادي يطالب به المقرضون الدوليون.

تعد تونس من أكثر الدول تضرراً من الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار الحبوب في بلد يعتبر الخبز جزءًا حيويًا من غذائه.

تزامن تأزم الوضع السياسي والاقتصادي لتونس، مع مفاوضات تجريها الحكومة مع صندوق النقد الدولي لطلب مساعدة، لكن الصندوق يشترط أن تكون المساعدة مقترنة ببرنامج إصلاحات اقتصادية وبنيوية، متوافق عليها مجتمعيًا.

الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”

وصدر في الجريدة الرسمية مرسوم رئاسي لإحداث هيئة وطنية مستقلة تسمى “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” تتولى “تقديم اقتراح يتعلق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة، ويقدم هذا المشروع إلى رئيس الجمهورية”.

وكلف سعيد أستاذ القانون الدستوري القريب منه صادق بلعيد “مهمّة الرئيس المنسّق للهيئة الوطنيّة الاستشاريّة”، حسب بيان لرئاسة الجمهوريّة.

تتفرع من الهيئة التي أعلنها سعيد لجان ثلاث، هي “اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية” و”اللجنة الاستشارية القانونية” و”لجنة الحوار الوطني”.

وتقوم “اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية” بتقديم مشاريع إصلاحات اقتصادية واجتماعية تضم المنظمات الكبرى في البلاد، من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ويرأسها عميد المحامين ابراهيم بودربالة الداعم لقرارات سعيد. أما “اللجنة الاستشارية القانونية” فتضم أكاديميين يعينون بمرسوم رئاسي. ويشارك جميع الأعضاء في “لجنة الحوار الوطني” برئاسة صادق بلعيد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *