في “مثلث الحزن”.. السخرية السياسية تفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان

بعد افتتاحها بفيلم “اقطعوا!” للمخرج الفرنسي ميشال أزانافيسيوس، وهو فيلم زومبي فوضوي، اختتمت الدورة 75 لمهرجان كان السينمائي في جنوب فرنسا، السبت، بمنح جائزته الكبرى للسخرية السياسية بمنح “السعفة الذهبية” لفيلم “مثلث الحزن” للمخرج السويدي روبن أوستلوند.
والمهرجان الذي عاد في الذكرى 75 لتأسيسه إلى مساره التقليدي هذا العام بعد عامين من الاضطرابات جراء تفشي فيروس كورونا، شارك في تقاسم جوائزه مع “مثلث الحزن” أفلام منها “قرار الرحيل” و”العنكبوت المقدس” و”صبي من الجنة” و”نجوم في الظهيرة” و”قريب” و”قرار الرحيل” و”بروكر” و”إي أو” و”الجبال الثمانية” …
العمق المغربي تقدم تقريرا وافيا اعتمادا على مصادر إعلامية واكبت المهرجان (البي بي سي عربي، سي ان ان عربية، قناة الحرة، اندبندنت عربية)
السعفة الذهبية لمثلث الحزن
قال مخرج “مثلث الحزن”، أوستلوند: “عندما بدأنا في العمل على هذا الفيلم، أعتقد أنه كان لدينا هدف واحد- وهو أن نحاول حقا صنع فيلم مثير للجمهور وتقديم محتوى مثير للتفكير”
وأضاف: “أردنا الترفيه عنهم، أردناهم أن يسألوا أنفسهم أسئلة، أردناهم أن يخرجوا بعد العرض ويكون لديهم شيء يتحدثون عنه”.
ويواصل أوستلوند في هذا الفيلم نهجه في انتقاد الطبقة البرجوازية التي يراها غارقة في عالم آخر من الترف.
فيبدأ فيلمه في اختبار لاختيار مجموعة من عارضي الأزياء من الشباب وسط فضاء من الفكاهة والسخرية، ثم ينتقل إلى رحلة في يخت فاخر على متنه اثنين من المجموعة وعدد من الأثرياء الروس والأمريكيين الذين يستعرضون ثرواتهم وبذخهم أمام العاملات والعمال البسطاء الذين يسهرون على خدمتهم على متن اليخت.
وتنتهي رحلة اليخت بكارثة تؤدي إلى غرقة، وفي أزمة الغرق ونجاة البعض ووصولهم إلى جزيرة مهجورة تنزل هذه الشخصيات الثرية من أبراجها العاجية، وتخضع لأوامر عاملة بسيطة كانت تخدمهم لكنها أثبت أن لديها أفضل مهارات البقاء على قيد الحياة.
وأقر رئيس لجنة تحكيم المهرجان الممثل فنسان لاندون، من ناحيته، بأن “اللجنة كلها صُدمت بهذا الفيلم”
وقد علق في ذاكرة مشاهدي الفيلم مشهد التقيؤ الجماعي على متن السفينة بسبب حالات إعياء عمّت المسافرين جميعاً خلال حفلة عشاء على السفينة المترنحة، أو معركة الأقوال المأثورة بين القبطان الشيوعي وأحد الأوليغارشيين الروس.
وقالت مجلة “فاراييتي” في مراجعتها للفيلم: “ما يميز أوستلوند هو أنه يجعلك تضحك، لكنه يجعلك تفكر أيضاً”.
وأضافت: “بغض النظر عن المجال الذي يتعامل معه، نحن ملزمون برؤية العالم بشكل مختلف”
أفضل ممثلة في “العنكبوت المقدس”
فازت الممثلة الإيرانية زار أمير إبراهيمي، بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “العنكبوت المقدس”.
وقد بكت زار أمير إبراهيمي، التي تعيش في المنفى بعد حملة تشهير بحياتها العاطفية، لحظة تسلمها الجائزة.
وأدت فازت إبراهيمي، البالغة من العمر 41 عاماً، دور صحفية تحاول حل سلسلة جرائم قتل لبائعات الهوى في مدينة مشهد المقدسة في إيران.
وقالت إبراهيمي للجمهور في حفل توزيع الجوائز “لقد مررت بالكثير حتى وصلت لأكون على هذا المسرح الليلة. لم تكن قصتي سهلة”.
وأضافت أن “السينما أنقذتها”.
وقالت: “كان هناك إذلال، لكن كانت لدي السينما، كانت العزلة ولكن كانت لدي السينما، كان الظلام ولكن كانت هناك السينما. أقف الآن أمامكم في ليلة فرح”.
وفيلم “العنكبوت المقدس” للمخرج الدنماركي الإيراني علي عباسي، مستوحى من قصة حقيقية لرجل من الطبقة العاملة قتل بائعات الهوى في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأصبح يعرف باسم “العنكبوت القاتل”.
ولم يسمح لعباسي تصوير الفيلم في إيران وتم تصويره في النهاية في الأردن.
وكانت إبراهيمي أصبحت نجمة في إيران في أوائل العشرينيات من عمرها لدورها في واحد من أطول المسلسلات الإيرانية، بعنوان “نرجس”.
لكن حياتها الشخصية والمهنية انهارت بعد فترة وجيزة من انتهاء العرض، عندما سُرب شريط جنسي على الإنترنت في عام 2006 زُعم أنه يظهرها.
كانت شخصية إبراهيمي في فيلم “العنكبوت المقدس” أيضا ضحية شائعات فاسدة وافتراس الذكور.
ويلمح الفيلم إلى أنه كان هناك ضغط رسمي ضئيل للقبض على القاتل، الذي اعتبر في نهاية المطاف بطلاً لدى المتدينين.
وقالت إبراهيمي: “هذا الفيلم عن النساء، عن أجسادهن، إنه فيلم مليء بالوجوه والشعر والأيدي والأقدام والأثداء والجنس – وكل شيء من المستحيل عرضه في إيران”.
وفي مؤتمر صحفي سابق بعد انتهاء العرض الأول للفيلم، قالت إبراهيمي إنها استلهمت ملامح دورها من أصدقائها الصحفيين الحقيقيين في إيران.
وقالت: “أعرف الصعوبات التي يواجهونها كل يوم. غادر العديد من أصدقائي الصحفيين، وخاصة النساء منهم، إيران بعدي مباشرة”.
ومن جهته أصر عباسي على، مخرج “العنكبوت المقدس”، أنه لا ينبغي اعتبار الفيلم مثيرا للجدل.
وقال: “كل ما يظهر هنا هو جزء من الحياة اليومية للناس. هناك أدلة كافية على أن الناس في إيران يمارسون الجنس أيضا. هناك أدلة كثيرة على ممارسة الدعارة في كل مدينة في إيران”.
جوائز المهرجان
توزعت جوائز النسخة 75 من مهرجان كان السنيمائي كالتالي:
السعفة الذهبية: روبن أوستلوند عن “مثلث الحزن” (السويد – ألمانيا – فرنسا – بريطانيا)
الجائزة الكبرى: مشاركة بين لوكاس دونت عن فيلم “قريب” (بلجيكا-هولندا-فرنسا) وكلير دينيس عن فيلم “نجوم في الظهيرة” (فرنسا).
أفضل مخرج: بارك تشان ووك “قرار الرحيل” (كوريا الجنوبية)
أفضل ممثلة: زار أمير إبراهيمي عن فيلم “العنكبوت المقدس” (الدنمارك-ألمانيا-السويد-فرنسا).
أفضل ممثل: سونغ كانغ-هو عن فيلم “بروكر” (كوريا الجنوبية)
أفضل سيناريو: طارق صالح عن “صبي من الجنة” (السويد-فرنسا-فنلندا-الدنمارك)
وفيلم “صبي من الجنة”، هو عمل تشويقي سياسي ديني ينتقد أداء السلطات المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ويغوص في عالم أبرز المؤسسات المعنية بالإسلام السني.
جائزة لجنة التحكيم: مشاركة بين جيرزي سكوليموفسكي عن فيلم “إي أو” (بولندا) وشارلوت فانديرميرش وفيليكس فان غرونينغن عن فيلم “الجبال الثمانية” (إيطاليا – بلجيكا – فرنسا – بريطانيا).
الكاميرا الذهبية لأفضل فيلم أول: رايلي كيو وجينا غاميل عن “War Pony” (الولايات المتحدة)
أفضل فيلم قصير: جيانينغ تشين عن فيلم The Water Murmurs (الصين)
هيمنة بلجيكية وخسارة روسية
وكانت بلجيكا من أبرز الرابحين في المهرجان، إذ بالإضافة إلى فوز لوكاس دونت بالجائزة الكبرى، حصل الأخوان داردين الميالان إلى السينما الاجتماعية، على جائزة خاصة عن فيلم “توري أند لوكيتا”، وهو دراما اجتماعية عن شباب منفيين، في حين حصل الزوجان شارلوت فاندرميرش وفيليكس فان غارونينغن على جائزة لجنة التحكيم عن “ذي إيت ماونتنز” بالمناصفة مع “إي أو” وهو فيلم عن حمار من إخراج البولندي جيرزي سكوليموفسكي.
وفيما كان للحرب في أوكرانيا حضور بارز خلال المهرجان من خلال تضمنه عدداً من الأفلام لمخرجين أوكرانيين، وافتتاحه برسالة مقاومة للرئيس فولوديمير زيلينسكي من كييف، خرج المخرج الروسي كيريل سيريبرينيكوف خاوي الوفاض.
وبعد أن أصبح رمزاً للفن الروسي في المنفى، تمكن المخرج المناهض لنظام فلاديمير بوتين من الحضور للمرة الأولى إلى مهرجان كان لمواكبة فيلمه المشارك في المسابقة “تشايكوفسكيز وايف”.
وأمتع المهرجان الجمهور هذه السنة بحضور نجمين عُرِض فيلماهما من خارج المسابقة، أولهما توم كروز في “توب غان: مافريك”، والثاني النجم الصاعد أوستن بتلر البالغ 30 عاما في العرض العالمي الأول لفيلم “إلفيس”، حيث يؤدي شخصية “الملك” إلفيس بريسلي
وتعول الصناعة السينمائية على هذين الفيلمين لإعادة جذب الجمهور إلى دور السينما بعد الأزمة الصحية المستمرة منذ عامين.
اترك تعليقاً