منوعات

استعمالاته مسرطنة .. ما يعادل بطاقة بنكية من البلاستيك تدخل الجسم أسبوعيا

غزت البلاستيك عاداتنا اليومية، واقتحمت معظم الاستعمالات وخاصة المتصلة بالأطعمة وتخزينها.

ورغم انتشار تحذيرات إرشادية حول أضرار البلاستيك وتسببه في السرطان، وحول التلوث الغذائي الذي يتسبب فيه سوء استعماله، إلا أن عادات إعداد وتحضير وتخزين الأطعمة كرست سلوكات تعزز استمرار البلاستيك مصدرا لتلوث خطير يصل تراكم ذرات ما قد نستهلكه منه أسبوعيا إلى حجم البطاقة البنكية، حسب الجزيرة نت!

إنتاج ضِعْف وزن سكان العالم

تم تطوير أول نوع من البلاستيك الاصطناعي على الإطلاق في عام 1907. ومنذ ذلك الحين، تنتج البشرية كميات متزايدة من البلاستيك وتستخدمه تقريبا في كل شيء وأي شيء.

ففي عام 1950 مثلاً، تم إنتاج مليوني طن من البلاستيك. ثم في عام 2019 فقط، قفز هذا الرقم إلى 368 مليون طن، وفقا لموقع “بلاستيك سووب فاونديشن” (Plastic Soup Foundation)   للبيئة والاستدامة. ​​مع توقعات بأن يرتفع الإنتاج العالمي من البلاستيك إلى حوالي 600 مليون طن عام 2025. وهذا ما يقرب من ضعف الوزن الإجمالي لسكان العالم اليوم.

وإذا نظرتِ بتمعُّن، ستجدين أنكِ تستخدمين البلاستيك بصورة كبيرة في إعداد وتحضير وحفظ الطعام، بعد أن دخلت تلك المواد في كل شيء تقريبا من أدوات المطبخ.

المشكلة لا تتوقف عند هذا الكم الهائل من البلاستيك في البيئة، والذي يتكسَّر ويتحول إلى ذرات صغيرة غير قابلة للتحلل؛ بل إن الأمر وصل إلى حد استهلاك البشر لملايين الأجزاء الدقيقة من تلك المواد الخطيرة بعد أن وصلت إلى كل شيء في حياتنا تقريبا، بدءا من البحار والمحيطات وصولاً لأجهزتنا الهضمية.

ولكن، كيف يحدث ذلك بالضبط وكيف تقومين بذلك يوميا في المطبخ دون أن تدري؟

ورق النايلون والأكواب البلاستيكية

وفقًا لإحدى الدراسات الحديثة المنشورة بمجلة  “ناشيونال جيوغرافيك”، فإن متوسط البالغين الحديثين يتناولون ما بين 39 ألفا إلى 52 ألف جزيء من البلاستيك الدقيق سنويا، ويحدث ذلك إما بسبب أغلفة الطعام والوجبات السريعة البلاستيكية في الأسواق، أو لعادات الطهي وتحضير الطعام اليومية.

وأفاد مؤلفو الدراسة من الجمعية الكيميائية الأميركية بأن المواد البلاستيكية الموجودة في أكياس الطهي المصنوعة من النايلون وأكواب الكرتون المبطنة بالبلاستيك تطلق تريليونات من الجسيمات النانوية في كل لتر من الماء الذي تلامسه، باردا كان أو ساخنا.

ومن بين تلك المصادر، أكياس الطهي المصنوعة من النايلون، والتي قد تجعل الحياة في المطبخ أسهل كثيرا، إذ تُعد مثالية للحفاظ على رطوبة الطعام في الفرن أو لتبسيط وصفات الطهي البطيء.

كما تعتمد أعداد لا تُحصى من البيوت على النايلون المخصص للطعام في حفظه في البرادات لكي لا يتعرض للجفاف والتلف.

وبالمثل، فإن الأكواب المبطنة بالبلاستيك، المصممة عادةً للاستخدام لمرة واحدة، تُعد مصدرا كبيرا للبلاستيك في المشروبات الدافئة دون أن تدري.

كما يحافظ الغطاء البلاستيكي الذي يغطي الأكواب الورقية على قهوتك ساخنة مع إيقاف التسربات المحتملة، لكنه في الوقت ذاته يتفاعل مع بخار المشروب الساخن ليفرز جزيئات نانوية من البلاستيك التي تقطر مجددا في مشروبك ثم تستهلكها في نهاية المطاف.

وبالرغم من تلك الفوائد المتعددة والعملية في الروتين اليومي لحفظ وتناول الأطعمة والمشروبات، تُعد تلك المواد البلاستيكية هي المصدر الأبرز لعدد لا يحصى من الجسيمات البلاستيكية النانوية في معدتنا. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد أيضا.

مخاطر صحون تسخين الطعام

كم مرة قمتِ فيها بإعادة تسخين الطعام في عبوة أو صحنٍ بلاستيكي في فرن الميكرويف اختصارا للوقت وتوفيرا لصحن جديد يُضاف إلى مهام غسل الأطباق اليومية المزعجة؟

في الواقع، يؤدي استخدام المواد البلاستيكية في إعادة تسخين المشروبات والطعام في الميكرويف أو الفرن، ولو لفترات زمنية قصيرة، إلى إفراز كميات من البلاستيك والمركبات الأخرى التي تختلط في نهاية المطاف مع طعامنا وشرابنا، والتي تُسمى بالـ”ديوكسينات”.

تهديد محتمل بالسرطانات

يقول “رولف هالدن”، أستاذ مساعد في مركز المياه والصحة في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة “الديوكسينات هي منتجات ثانوية ناجمة عن عدد من العمليات، أولها الحرق”.

لذلك عندما نحرق أي شيء، فإننا ننتج الديوكسينات التي تنطلق في الهواء وتلوث البيئة مجددا بعد هطولها مع المطر. ولأن الإنسان في قمة مفترسي الهرم الغذائي، فإننا نستهلك تلك المركبات عند تناولنا المياه والحيوانات والنباتات الملوثة.

ويوضح هالدن: “بمجرد دخول الديوكسينات أجسامنا، فإنها تتراكم في الأنسجة الدهنية”، وعادة ما تظل هناك لسنوات لصعوبة تحللها. وفي النهاية، قد تسبب الديوكسينات قائمة طويلة من المشاكل الصحية.

وفقًا للمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية الأميركي، فإن “التعرض للديوكسين بمستويات عالية يؤدي لزيادة مخاطر السرطان”.

كما أن التعرض للديوكسينات على مدى فترة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي لمشاكل في الإنجاب والنمو.

ومع ذلك، تعتبر بعض الدراسات أن تسخين الأطعمة والمشروبات في الصحون والأواني البلاستيكية لن يقوم بالضرورة بإنتاج هذه المركبات الخطيرة، وبالتالي فإن مخاطر التعرُّض لها عبر تلك العملية تظل محدودة وغير خطيرة على صحة الإنسان.

لذا في الوقت الحالي، لا يزال العلم الحديث بعيدًا عن تحديد التأثير الصحي لهذه الجسيمات النانوية من البلاستيك على البشر عند تناولها. بل ويقر الباحثون بأننا لسنا مستعدين تقنيا لعلاج هذا التحدي الكبير حتى الآن.

كل ما في الأمر أنه بتجنُّب بعض العادات اليومية السالف ذكرها عند طهي وتحضير الطعام، قد يتم تجنُّب ملايين الذرات الدقيقة من البلاستيك التي تظل في جسم أسرتك إلى الأبد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *