منوعات

التسوق .. لماذا يتدمر منه الرجال بينما تستمتع به النساء؟

تشتكي العديد من النساء من رفض أزواجهن عادة التسوق، وتنشأ العديد من النزاعات من سوء الفهم بين الزوجين حول سلوك التسوق، فيتدمر الرجل منه، فيما تنجذب إليه المرأة بل وتستمتع به.

ورغم أن الظاهرة ليست قاعدة عند الجميع، إلا أن شيوعها أثار اهتمام العلماء للبحث عن أسبابها وخلفياتها.

وحين لا يكون الوعي بهذا الاختلاف “الطبيعي” بين الزوجين تنشأ الخلافات بينهما، وقد يسعى كل طرف إلى تفسير غير عقلاني لسلوك الطرف الآخر بعيدا عن طبيعته، مما قد يزيد طين اختلافهما بلة.

وفي بعض المجتمعات، وكحل وسط، تلجأ الأسواق الكبرى إلى إنشاء فضاءات خاصة على شاكلة “حضانة الرجال”، حيث يجلس الرجال لشرب القهوة أو غيرها وقراءة الجرائد ومشاهدة التلفزيون … في انتظار انتهاء النساء من التسوق.

لكن حتى الآن، حسب الجزيرة نت، لا يوجد دليل يشير إلى أن النساء يتسوقن أكثر من الرجال، ولكن هناك دليل على أن الإناث يستمتعن بالتسوق أكثر من الذكور.

ففي عام 2013، حسب نفس المصدر، وجدت دراسة أجريت على ألفي متسوق في المملكة المتحدة أن الرجال ملّوا من التسوق في غضون 26 دقيقة، في حين سئمت النساء من التسوق بعد حوالي ساعتين، غالبا لأنهن لم يعثرن على أي شيء يعجبهن أو العنصر الذي يعتزمن شراءه.

الرجال ومحنة التسوق مع النساء

يمكنك إطلاق العنان لتخيل محنة المتسوقين الذكور الذين يرافقون زوجاتهم في مراكز التسوق، فقد وجدت الدراسة نفسها أن ما يقرب من نصف رحلات التسوق الزوجية انتهت بجدال، إذ أصيب الرجال بالإحباط لأنهم اشتروا ما يحتاجون إليه على الفور، في وقت كانت فيه زوجاتهم لا يزلن يبحثن ويستغرقن وقتا طويلا لاتخاذ القرارات.

غالبا ما يمل الرجال من التسوق عندما يستغرق الشريك وقتا في اتخاذ القرار، أو عندما يكونون عطشى أو جائعين. كما أن وجود المتاجر المزدحمة وعدم وجود برنامج تلفزيوني أو لعبة رياضية يزيد من مللهم.

وجدت الدراسة أيضا أن حوالي 48% من الرجال يشعرون بالملل من رحلة التسوق، ويتجولون في منطقة مختلفة، في حين يختفي الثلث في متجر مختلف تماما. في المقابل فإن امرأة واحدة فقط من بين كل 3 تجلس خارج المحل في انتظار شريكها.

وفقا لموقع “بيزنس” (Business)، فقد وجد الباحثون أن أكثر من رجل واحد من بين كل 4 اعترف بالملل الشديد من رحلة التسوق لدرجة أنهم تخلوا عن زوجاتهم، وعادوا إلى المنزل بمفردهم. وجدت الدراسة أيضا أن 80% من الرجال لا يحبون التسوق مع شركائهم، وأن 45% تجنبوا القيام بذلك بأي ثمن.

وجد الباحثون أيضا أن 58% من الرجال سيكونون أكثر ميلا للتصرف على الأقل وكأنهم يستمتعون برحلة تسوق إذا وُعدوا بمكافأة في نهاية ذلك.

وللتأكد من أن الرجال لا يثبطون عزيمة زوجاتهم من التسوق وشراء ما يرغبن فيه، أقامت بعض مراكز التسوق مراكز رعاية نهارية للرجال الكبار، يمكنهم الاسترخاء ومشاهدة التلفزيون مع الوجبات الخفيفة والمشروبات في وقت تفرغ نساؤهم الأموال من محافظهم دون إزعاج.

لماذا يختلف الجنسان؟

بحسب موقع “إيكونوميك تايمز” (Economictimes)، فإن إحدى النظريات تقول إن مئات الآلاف من السنين من التكيف تجعل الرجال والنساء يتصرفون بهذا الشكل. عندما عاش أسلافنا في الكهوف، خرج الذكور لاصطياد الحيوانات بينما جمعت الإناث الطعام (الفواكه والخضروات والتوت) من الغابات. بالنسبة للصيادين الذكور، كان من الضروري القيام بالاصطياد بسرعة والعودة إلى الأمان في المستوطنة بأسرع ما يمكن، وهذه هي الطريقة التي يتسوق بها بعض الرجال الآن.

لكن النساء الجامعات للثمار لم يكن في عجلة من أمرهن. بالنسبة لهن، كان البحث عن الطعام أيضا حدثا اجتماعيا، إذ ارتبطن بإناث أخريات من القبيلة، وقمن بفحص كل شجيرة وشجرة بعناية واختيار أفضل نوعية من الطعام المتاح. وهذه هي الطريقة التي لا تزال الكثير من النساء يتسوقن بها، يقارن المنتجات، ويبحثن عن بدائل، ويتبادلن الملاحظات مع الصديقات والزميلات.

تكتسب نظرية الصيد والجمع هذه مزيدا من المصداقية بعدما وجد البحث أن الرجال يحبون التسوق بمفردهم، بينما تفضل النساء الخروج مع نساء أخريات. وجدت الدراسة البريطانية أن 80% من الرجال يفضلون التسوق بمفردهم، ربما لأن الصيد نادرا ما كان حدثا اجتماعيا. كان على مجموعة الصيد أن تلتزم الصمت خشية أن ينبه حديثهم الفريسة. في المقابل لم يكن لدى النساء الجامعات مثل هذه القيود لأنهن يبحثن عن الطعام ويتبادلن الشائعات.

النساء معيلات للمجتمع القديم

جاء في موقع “سيكولوجي توداي” (Psychologytoday) أنه من المثير للاهتمام معرفة العلماء أن النساء كن “المعيلات” الرئيسيات في مجموعات الصيد والقطف قديما. يقدر علماء الأنثروبولوجيا أن مجتمع النساء قدم حوالي 80% إلى 90% من الطعام للمجموعات، فقد كان النظام الغذائي نباتيا إلى حد كبير مع مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات والبذور والمكسرات، وكلها تؤكل نيئة، وحوالي 10% و20% من اللحوم فقط.

بعد ذلك حوالي 8000 قبل الميلاد، بدأت المجتمعات البشرية في التحول إلى الزراعة في منطقة الشرق الأوسط. وببطء على مدى آلاف السنين التالية، انتشرت هذه الممارسة على نطاق واسع في جميع أنحاء آسيا وأوروبا.

وفي عام 2009 اكتشف عالما الأنثروبولوجيا كروجر وبيكر أوجه تشابه واضحة جدا بين عادات التسوق العصرية للرجال والنساء، وبين ماضينا في الصيد وجمع الثمار. ووجدوا أن النساء حصلن على درجات أعلى في المهارات والسلوكيات المرتبطة بالتجمع، رغم تغير البيئة والأشياء التي يتم جمعها في بيئة أجدادنا، في حين سجل الرجال درجات أعلى في المهارات والسلوكيات المرتبطة بالصيد.

وجد البحث أن النساء كن أكثر ميلا لقضاء وقت طويل في التجول بمراكز التسوق، في المقابل كان الرجال أكثر ميلا لشراء ما يحتاجون إليه ثم المغادرة على الفور.

وفقا لموقع سيكولوجي توداي، فإن معرفة نتائج هذه الدراسات قد تساعدنا في التغلب على الدافع لشراء سلع غير ضرورية، أشياء قد لا نكون قادرين على تحمل تكلفتها وغالبا لا تجلب لنا أي سعادة، وغالبا ما ينتجها العمال ذوو الأجور المنخفضة والمستغلون في الأجزاء الأفقر من العالم، وتساهم في التدهور البيئي بسبب الاستهلاك الجماعي الهائل.

بمجرد أن تدرك أسباب السلوك يصبح من السهل التحكم فيه والتغلب عليه. نحن لا نقول إنه يجب علينا التوقف عن التسوق، ولكن ربما يجب أن نتسوّق بطريقة أكثر عقلانية، وأن نجعل مشترياتنا تتماشى مع احتياجاتنا أكثر من رغباتنا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *