مجتمع

بعد احتجاجات السكان.. وزارة التجهيز تلزم مقالع “الزينات” بمراجعة عدد التفجيرات المسموح بها

كشفت وزارة التجهيز والماء أنها ألزمت مقالع الحجارة بجماعة الزينات بإقليم تطوان، بتنفيذ سبع إجراءات عقب عدد من الزيارات التي قامت بها اللجنة الإقليمية للمقالع للمنطقة، إلى جانب إعادة النظر في عدد التفجيرات المسموح بها أسبوعيا.

وأشارت الوزارة إلى أنه تمت مراسلة الشركات المشرفة على المقالع الستة بجماعة الزينات، من أجل تنفيذ التوصيات المسجلة من طرف اللجنة الإقليمية، تحت طائلة تطبيق العقوبات الجزرية في حق المخالفين، وذلك بعد تصاعد وتيرة احتجاجات السكان الذين يتهمون تلك المقالع بتعريض حياتهم للخطر.

وبحسب رد الوزارة على سؤال كتابي للبرلمانية سلوى البردعي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، تتوفر “العمق” على نسخة منه، فإن الإجراءات المتخذة تتجلى في ضرورة استكمال تسييج المناطق الخطيرة لبعض المقالع، وصيانة المسالك المؤدية للمقالع لتفادي تطاير الغبار.

كما يتعلق الأمر باستكمال العمل بنظام المدرجات المقترح بالدراسة البيئية والتقنية في بعض المناطق، وتكثيف علامات التشوير وعلامات الخطر بالمقالع، ومسك سجل تتبع النفايات الخطيرة والعمل بالتدابير المنصوص عليها بالقانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها.

وطالبت الوزارة من الشركات المعنية، بتكثيف عملية الرش أثناء الاستغلال لتفادي تطاير الغبار مع الترشيد السليم لاستعمال المياه، والعمل على تنظيف وصيانة برك الترسيب المعمولة قصد حماية المجاري المائية.

وبخصوص تطاير الغبار الذي تحدثه المقالع، قالت الوزارة إن الأمر ناتج عن التفجيرات المتكررة المستعملة في الاستغلال، إضافة إلى عامل الرياح الذي يزيد من حدة انتشار الغبار.

وطالبت الوزارة من اللجنة المكلفة بالترخيص للمتفجرات، والمكونة من السلطة المحلية والدرك الملكي والوزارة المكلفة بالانتقال الطاقي، بإعادة النظر في عدد التفجيرات المسموح بها أسبوعيا.

كما طالبتها بالحث على تجنب القيام بهذه العملية أثناء هبوب الرياح القوية التي تعرفها المنطقة، مشيرة إلى أن اللجنة الإقليمية للمقالع “ما فتئت تحت مستغليها على ضرورة تكثيف عملية الرش أثناء الاستغلال لتفادي تطاير الغبار”.

يأتي ذلك بعدما قامت اللجنة الإقليمية بعدة زيارات لمراقبة المقالع المعنية ومدى التزامها بكناش التحملات ودراسات التأثير على البيئة، ويتعلق الأمر بمقالع تشرف عليها شركات “سينطرام” و”كونكساج الرماح” و”بذور الرمال” و”كويكسترا” و”الهلاوي” و”الغرانيت الوردي”.

وشددت الوزاة على أن الأمر لا يتعلق بمقالع الأشغال العمومية التي ترخص لإنجاز مشاريع عمومية في إطار صفقات مبرمة مع الدولة، بل مقالع عادية حاصلة على وصل التصريح بالاستغلال لتزويد الأسواق المحلية والجهوية بالمواد الأولية للبناء.

معاناة طويلة

يُشار إلى أن سكان جماعة الزينات بإقليم تطوان، يخوضون احتجاجات مستمرة منذ أشهر تنديدا بتفجيرات مقالع الحجارة المجاورة لمنازلهم، وللمطالبة بفتح تحقيق في الأضرار التي تخلفها التفجيرات يوميا، مستنكرين “تجاهل اعتراضاتهم المتكررة”، حيث يعتبرون أن تفجيرات المقالع “جريمة إنسانية”.

وتتواجد في جماعة الزينات القروية، 6 مقالع تشتغل منذ سنوات طويلة، حيث شرع مؤخرا المقلع السادس في عمله رغم اعتراض مئات السكان عليه، فيما تقول الساكنة إنهم أصبحوا يأكلون الغُبار مع الطعام وكأنهم في سوريا أو فلسطين أو اليمن بسبب تلك التفجيرات، وفق تعبيرهم.

وبحسب ما عاينته جريدة “العمق” أثناء جولة سابقة لها في المنطقة، فقد بدا واضحا مدى تأثير التفجيرات اليومية للمقالع على حياة السكان، إذ أن عددا كبيرا من المنازل أصيبت بتشققات وتصدعات، كما أن الغبار يملء المنطقة.

وأوضح سكان القرية في تصريحات سابقة لجريدة “العمق”، أن المقالع تسببت في مضاعفات صحية وأزمات نفسية لأبنائهم، كما أدت إلى وفاة جنين داخل بطن والدته سنة 2009، عقب تفجير ضخم هز المنطقة، مشيرين إلى أن الأطفال لا يستيطعون التركيز مع دراستهم في ظل هذا الوضع.

وأضافوا أن التفجيرات القوية التي تقع يوميا بشكل عشوائي وبدون أي إشعار أو معرفة توقيتها، تسببت في تدهور الفلاحة وتربية المواشي في المنطقة، كما أدت إلى تضرر المياه الصالحة للشرب، بما فيها مياه سد الشريف الإدريسي، بالموازاة مع استنزاف الفرشة المائية.

وأشاروا إلى أنهم اتخذوا عدة إجراءات وخطوات قانونية واحتجاجية طيلة سنوات من أجل المطالبة بتدخل المسؤولين ورفع الضرر عنهم، دون أي جدوى، لافتين إلى أنهم قدموا اعتراضا وقعه أزيد من 340 من السكان لمنع دخول المقلع الأخير، قبل أن يتفاجؤوا بشروعه في أنشطته مؤخرا.

وتعتبر الساكنة أنها لا تستفيد من هذه المقالع وتعيش في التهميش، كما أن عددا قليلا من السكان يشتغلون في المقالع ضمن أعمال بسيطة جدا وبدون أي وثائق قانونية، مطالبين بإيفاد لجنة تحقيق لكشف خروقات المقالع والجهات المسؤولة عن الترخيص لها، ومعرفة مصير اعتراضاتهم.

ويخوض سعيد الحداد، زوج السيدة التي سقط جنينها بفعل تفجيرات المقالع، اعتصاما طويلا منذ أشهر بمركز الجماعة، حاملا معه الأعلام المغربية وصور الملك ولافتات كُتب عليها مطالب الساكنة، بعدما لم تنفع الشكايات التي وجهها سابقا إلى وزير العدل ووكيل الملك بتطوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *