منوعات

بالخبرة.. كيف تعرف إن كان الألم هو سبب بكاء أي طفل؟

البكاء هو اللغة الأولى للطفل، لكن فك شفرتها يضع الآباء، خاصة الجدد، أمام تحديات حقيقة.

فالبكاء هو الوسيلة الوحيدة التي يعبر بها الأطفال حديثي الولادة عن حاجتهم إلى تدخل الآخرين، لكن هناك العديد من الأسباب التي قد تجعل الطفل يبكي، منها الجوع والعطش، والخوف، والحاجة إلى النوم، وغيرها.

لكن أكثر ما يشغل بال الآباء هو التأكد مما إذا كان البكاء نتيجة ألم، مما يتطلب الإسراع في القيام بالواجب، ومعرفة طبيعة الألم ومصدره وما إذا كان ناتجا عن شيء خطير.

ومعرفة تمييز أسباب البكاء من مجرد سماع صوته ليست قدرة فطرية بل يتطلب خبرة، وهذا ما كشفت عنه دراسة حديثة.

صوت محدد يميز بكاء الألم عن غيره

حسب اندبندنت عربية، تشير دراسة جديدة إلى أن تحديد سبب بكاء الطفل بشعوره بألم ما ليس مهارة يملكها الوالدان بالفطرة، وعليهما أن يتعلما كيف يميزان صوتاً محدداً عن غيره من أنواع البكاء الأخرى التي يصدرها الصغير.

فقبل أن يتعلم الأطفال الكلام، يشكل البكاء وسيلتهم الوحيدة المتاحة للتواصل الصوتي مع الآخرين والذي يمكن أن يعني التعب، أو الرغبة في النوم، أو عدم الراحة، أو الألم. وعلى البالغين أن يفهموا ما إذا كان الطفل يكابد ألماً ما أو أنه يشعر بانزعاج طفيف فحسب.

ولكن الدراسة الجديدة، حسب نفس المصدر، تشير إلى أن قدرة البشر على تفسير الأسباب الكامنة وراء بكاء الأطفال ليست كفاءة فطرية لديهم، بل إنهم يستمدون هذه المعرفة من طريق التجارب.

ووجد الباحثون أنه خلال تربية الأطفال تتشكل لدى الأهل القدرة على فك شيفرة الأسباب الكامنة وراء مختلف أنواع بكاء هؤلاء الصغار.

تحدث في هذا الشأن نيكولاس ماثيفون من “جامعة سانت إتيان” في فرنسا فقال إنه وزملاءه وجدوا “أن القدرة على اكتشاف أن البكاء تُعزى إلى الألم، أي تمييز البكاء بسبب الألم عن البكاء بسبب الشعور بانزعاج بسيط، تشكلها الخبرة في رعاية الأطفال”.

ووفق ماثيفون، “في مقدور الأمهات والآباء الذين يتولون حالياً رعاية أطفال أن يتعرفوا إلى بكاءات الطفل الناجمة عن ألم حتى لو أنهم لم يسمعوا بكاء هذا الصغير سابقاً، في حين يعجز عن ذلك عادةً الأشخاص غير المتمرسين في هذا المجال”

الخبرة السابقة في تربية الأطفال

في الدراسة سعى الباحثون إلى النظر في كيف أن التجربة السابقة في رعاية الأطفال كونت القدرة لدى المرء على تحديد الحالات التي كان هؤلاء الصغار يتألمون فيها.

واشتملت الدراسة على مشاركين لديهم مستويات مختلفة من الخبرة في رعاية الأطفال، بدءاً بأشخاص يفتقرون تماماً إلى خبرة من هذا النوع، وصولاً إلى أمهات وآباء يهتمون حالياً برعاية أطفالهم، وكذلك ضمت الدراسة أشخاصاً خاضوا تجربة عرضية في مجالسة أطفال، وأشخاصاً ليس لديهم أطفال إنما يتمتعون بخبرة مهنية واسعة في رعاية الصغار

وخاض المشاركون كلهم في الدراسة مرحلة قصيرة من التدريب، سمعوا خلالها ثمانية أنواع من البكاء المزعج من الطفل نفسه على مدى يومين، ثم خضعوا لاختبار يقيس قدرتهم على ترجمة هذا البكاء، أي هل يتسبب بها شعور مزعج أم ألم.

ووفق الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة “كارنت بيولوجي” Current Biology، لم يسعَ أصحاب الخبرة القليلة أو المعدومة التمييز بين مختلف أنواع البكاء بشكل أفضل من الحظ نفسه، بينما كان أداء من لديهم قدر ضئيل من الخبرة أفضل قليلاً.

أما أمهات وآباء الأطفال فكانوا قادرين على تحديد الحالات الكامنة وراء بكاء الأطفال، حتى عندما لم يسمعوا بكاء ذلك الطفل سابقاً.

ووجدت الدراسة أيضاً أن أهالي الأطفال الأكبر سناً والمشاركين ذوي الخبرة المهنية لم يُبلوا بلاءً حسناً في حال البكاء غير المألوف بالنسبة إليهم.

وقالت الباحثة الأولى في الدراسة سيلوي كورفين، إن “أهالي الأطفال الأصغر سناً فقط استطاعوا تحديد ظروف بكاء طفل مجهول لم يسبق أن سمعوا بكاءه أبداً”.

وذكر كاميل فوشون، الذي شارك في إعداد الدراسة “أن مقدمي الرعاية المهنية للأطفال أقل نجاحاً في توسيع هذه القدرة لتشمل الأطفال غير المعروفين بالنسبة إليهم”.

“كان هذا الأمر مفاجئاً في البداية، بيد أنه في الحقيقة يتفق مع الفكرة القائلة إن المستمعين ذوي الخبرة قد يطورون مقاومة تقلل من حساسيتهم تجاه الإشارات الصوتية الدالة على الألم”، وفق ما شرح فوشون.

وقال الباحثون إن نتائج دراستهم تشير إلى أن القدرة على فك شيفرة المعلومات التي ينطوي عليها بكاء الطفل وتحديد متى يكون في حالة ألم، تتحسن مع الاستماع أكثر إلى مختلف أشكال البكاء ومع اكتساب الخبرة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *