سياسة

العلاقات المغربية التونسية.. رئيس منقلب على الديمقراطية يعض اليد التي أحسنت لبلاده

ملك المغرب في تونس

ابتداء من زيارة الملك محمد السادس في عز مواجهات السلطات الأمنية مع الإرهاب إلى الدعم الإنساني لمواجهة “كورونا”، عرفت العلاقات المغربية التونسية خلال السنوات الأخيرة ازدهارا أحادي الجانب، عنوانه الأبرز الدعم المتواصل لبلاد قرطاج في أصعب وأحلك أيامها، يقابله إعراض مبرر بـ”الحياد الإيجابي”، قبل أن يصر الرئيس التونسي المنقلب على الديمقراطية بقلب الموازين والخروج من دائرة “الحياد الإيجابي” إلى الاصطفاف في جانب الأعداء.

هذا الانقلاب في الموقف التونسي من علاقاته مع المغرب لم يكن يفاجئ لمن يتتبع الشأن السياسي التونسي الذي يشهد انقلابات متكررة من منذ وصول قيس سعيد إلى الرئاسة، فكان أول شيء انقلب عليه هي آمال التونسيين الذين صوتوا عليه لقطع الطريق عن “الفساد المالي والسياسي”، باعتبار سعيد أستاذا للقانون الدستوري وبدون رصيد سياسي يفسد تاريخه، غير أنه سريعا ما انقلب على الدستور وعلى المؤسسات المنتخبة سعيا إلى الانفراد بالسلطة والقرار.

ووصل الأمر بسعيد في “انقلابه على تونس” إلى الضرب بعرض الحائط قاعدة “الحياد الإيجابي” في قضية الصحراء المغربية، والتي طالما تفهمها المغرب بالنظر للموقع الجغرافي لتونس ومشاركتها الحدود مع الجزائر التي يعلن نظامها العداء للمغرب، بل الأكثر من هذا ضرب تاريخا زاخرا بالمساعدات المغربية لتونس في الصفر وهرول إلى استقبال زعيم كيان وهمي يعيش على اختلاس المساعدات الإنسانية للمحتجزين في المخيمات ويغذي الإرهاب بالمنطقة.

الزيارة الملكية

في الوقت الذي كانت تعيش في تونس أزمة اقتصادية خانقة بسبب الهجمات الإرهابية التي تعرض لها البلاد، والتي أدت إلى مقتل عشرات المواطنين واغتيال بعض الوجوه السياسية المشهورة، مما أدى إلى تراجع عائدات السياحة التي يرتكز عليها اقتصاد البلد، فاجأ الملك محمد السادس العالم بقيامه بزيارة عمل إلى بلاد قرطاج، مدتها ثلاثة أيام رافقه خلاله ولي عهده مولاي الحسن وشقيقه الأمير مولاي رشيد، ثم مددها إلى 10 أيام وذلك شهر ماي 2014.

وخلق الملك محمد السادس حملة عالمية روجت للسياحة في تونس وأكد للعالم أن البلاد تعيش استقرارا وقادرة على مواجهة الإرهاب، وذلك بعد أن ظهر الملك بلباس غير رسمي وبدون حرس في مجموعة من شوارع تونس العاصمة وأسواقها، يتجول هنا ويلتقط صورا هناك.

هذه الزيارة التي كانت تونس في حاجة ماسة لها، لم يقم بها أي ملك أو رئيس دولة باستثناء الملك محمد السادس، والتي قالت الصحافة التونسية يومها إنها “كسرت شوكة الإرهاب، ونسفت الحملات الإعلامية المعادية لتونس”.

الإعلامي التونسي سمير الوافي، علق على الزيارة الملكية في عهد الرئيس منصف المرزقي الذي يلاحقه قيس سعيد اليوم بغية اعتقاله، بقوله “وصل فيديو جولة ملك المغرب في شوارع تونس إلى أكبر وأهم المواقع والقنوات العالمية.. كانت مجرد مشاهد عابرة ومعبرة.. لكنها أقوی وأسرع وأسهل دعاية للسياحة التونسية”، مضيفا “لقد أعطت جولته العفوية من دون حراسة مشددة فكرة جديدة عن تونس عكس مشاهد الإرهاب والموت والجريمة”.

كسر شوكة الإرهاب

دعم المغرب لأشقائه التونسيين في “كسر شوكة الإرهاب”، لم ينحصر في الحملة الترويجية التي قدمها الملك محمد السادس لتونس، بل ظهر أيضا من خلال الاتفاقيات والشركات التي تم توقيعها خلال الزيارة الملكية ذاتها، والتي وصل عددها إلى 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم.

ومن بين الاتفاقيات المذكورة، دعم المغرب لتونس في تدريب الأئمة والمرشدين الدينيين والخطباء المكلفين بالمساجد التونسية، ووضع التجربة المغربية الفريدة في هذا الجانب رهن إشارة الأشقاء التونسيين.

كما تم أيضا توقيع اتفاق تعاون في المجال الأمني ومكافحة ظاهرة الإرهاب، وهي الاتفاقية التي تبرز مدى حرص المغرب على تونس بتقديمه يد العون في مجال يشهد له العالم بالتميز فيه وتحقيق نتائج إيجابية جدا، ويسيل لعاب دول متقدمة للتبادل الخبرة فيه مع المغرب.

دعم كورونا

وعندما كانت تونس تختنق بفيروس كورونا المستجد، ووصلت حالة لم تشهدها أي دولة إفريقية بعد أن تصدرت عدد الحالات والوفيات اليومية في القارة السمراء، لم يتوانى الملك محمد السادس في إصدار تعليماته لتقديم يد العون وإمداد البلاد بالمساعدات الطبية والإنسانية اللازمة.

وحطت في مطار قرطاج الدولي عشر طائرات مغربية على فترات مختلفة، وكانت الدفعة الأولى المشكلة من ثلاث طائرات من بين أولى المساعدات الدولية التي تصل تونس.

وبالرغم الفارق الكبير في القدرات المالية بين المغرب وبين الدول الداعمة، إلا أن المملكة أصرت على أن تكون في طليعة ومقدمة مادي يد العون، وقدم المغرب أكبر مساعدة إنسانية وطبية توصلت بها تونس مقارنة مع جميع الداعمين.

الدفعة الأولى لوحدها، تشكلت من 3 طائرات عسكرية محملة بـ 13.5 طن من المساعدات الطبية، وتتكون هذه من وحدتي إنعاش كاملتين ومستقلتين، بسعة إيواء تبلغ 100 سرير، وتشمل 100 جهاز تنفس ومولدين للأكسجين.

دعم للديمقراطية

بعد ثورة الياسمين التي كانت شرارة للحراك الاجتماعي بالمنطقة، كان المغرب من بين المرحبين بالدستور التونسي الجديد وتحقيق البلاد للديمقراطية، كما شارك المغرب في تنصيب الرؤساء المنتخبين بتمثيلية مهمة، وأشاد بالإنجاز التونسي.

وفي فبراير 2014، أوفد الملك محمد السادس شقيقه الأمير مولاي رشيد من أجل تمثيله في حفل المصادقة الدستور التونسي الجديد، فيما ألقى الملك خطابا أمام المجلس التأسيسي ثلاثة أشهر بعد ذلك، وشدد على أنه يعطي البلد مكانة خاصة بتأكيد أنه “خصص لتونس أكبر عدد من الزيارات في المنطقة المغاربية”.

وقال الملك مادحا الانتقال الديمقراطي التونسي “يسعدني أن أتوجه إلى هذا المجلس الموقر، الذي يمثل تونس الجديدة، مشيدا بالجهود الدؤوبة، التي بذلها رئيسه وأعضاؤه، وبروح التوافق الإيجابي لكل مكوناته، جاعلين مصلحة الوطن هي العليا، وهو ما تكلل بإقرار دستور متقدم، يؤسس لمرحلة حاسمة في تاريخ تونس الشقيقة”.

مضيفا “كما أعبر عن تقديري الكبير للدور الهام الذي يقوم به فخامة الرئيس السيد المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة السيد مهدي جمعة، وكذا لانخراط كافة القوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *