وجهة نظر

حاكم تونس يسدل الستار عل الماضي الحافل، ويغامر بالمستقبل المشترك

إن علماء وفقهاء ومؤرخي تونس وسياسييها ومواطنيها بكل أطيافهم يعلمون علم اليقين أن لا وجود لدولة اسمها الجمهورية الصحراوية، وأن كيانا مصطنعا من طرف قيادة عسكر الجزائر مقام داخل ترابها يعود تاريخه إلى سنوات الاديولوجيات التي عمرت إلى حدود انهيار جدار برلين قبل التسعينات من القرن الماضي الذي تغيرت بحلوله خريطة العالم بأسره جيو-سياسيا واستراتيجيا وفي كل الابعاد الأخرى، إلا قيادة العسكر بالجزائر لم تغير أسلوب ضمان استمرارها في الحكم جاثمة على صدور أفراد الشعب الجزائري الشقيق من خلال زرع وتثبيت الحقد والكراهية للشعب المغربي ك”عدو” يجب محاربته بكل الوسائل، وذلك رغم ما قدمه ملوك وشعب المغرب من تضحيات ومساعدات ومساندة قوية لشعب الجزائر من أجل الحصول على استقلاله وهو امر يعرفه كل من هو غير جاحد.

إن اهل تونس يعرفون كل هذا معرفة تامة، ويعرفون قصة أحداث صنيعة الجزائر، ويعرفون أنها تصرف مال الشعب الجزائري من أجلها دون حساب لإبقاء التأهب للحرب المزعوم دائما معششا في أذهان الجزائريين كعنصر أساسي لضمان بقائهم على رأس دولة الجزائر.

ولإن كان لقادة الجزائر هدفهم واضحا في استمرار اسطوانة ما يسمونه الجمهورية الصحراوية، فعلينا أن نبحث عن سبب استقبال زعيم تونس لزعيم
البوليزاريو، وهو يعرف تاريخنا المشترك المميز في كل شيء، ويعرف أهمية السير إلى المستقبل معا وسويا، ويعرف حرص تونس على تجنب السقوط في مصيدة قادة العسكر الجزائري التي يحاول اصطيادها بها منذ السبعينات إلى ان تولى الحكم هذا الرئيس الذي يظهر جليا من تصرفاته الداخلية والخارجية أنه ينتمي إلى عهد سطالين وامثاله. وما فعلته غير المدروسة العواقب هذه إلا تأكيدا على أن هذا الاخير منفرد بالسلطة ويزج ببلاده في أزمة دبلوماسية مع المغرب لا قبل لهاذين البلدين الشقيقين بها من قبل.

ألا يعرف هذا الرجل جيدا خطورة رسالته وهو يستقبل زعيم البوليزاريو أياما معدودة على خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة 20 غشت التي تخلد ثورة الملك والشعب، و الذي أكد فيه ان نظارة المغرب للعالم اليوم تتم من خلال الصحراء المغربية؟
إن ما يزيد من فداحة سقطة زعيم تونس

انها تقع في الوقت الذي عرفت قضية الصحراء المغربية تطورات ايجابة جدا على الصعيد العالمي من خلال تبني الطرح المغربي ودعمه ” الحكم الذاتي “، خصوصا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة من الدول الأوربية ومجلس الأمن وتثبيت عدد من الدول تمثيليتها فوق تراب الصحراء المغربية، وسحب جل الدول اعترافها بالبوليزاريو بعد ان عرفت حقيقة الامر وتفنذت اكذوبة الجزائر.

فما السبب اذن في أقدام حاكم تونس على فعلته التي تمشي في الاتجاه المعاكس الذي لم يعد طريقا يتبعه أحد إلا قادة جيش الجزائر؟

إن تاريخ الشعوب الأصيلة والعريقة كشعب تونس لا يرضى ان يسجل بين سطوره أفعال أناس حمقاء حملتهم إلى السلطة أقدار استثنائية. إذ سرعان ما تلفضهم أقدار اكثر استثناءا خارج المسار السليم وتطوى عليهم الصفحة السوداء من الإجرام الذي ارتكبوه الى الابد.

* إدريس مرون، وزير مغربي سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *