مجتمع

طبيب مغربي ينهي حياته شنقا.. وزملاؤه يكشفون تعرضه لـ”الحكرة” و”التهميش”

تعيش الأطر الطبية والتمريضية، بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، أو ما يطلق عليه المغاربة بـ”موريزكو”، حالة من الحزن والأسى على فقدان أحد أطرها، وهو الطبيب المتدرب ياسين رشيد الذي انتحر في ظروف غامضة بالمستشفى الذي يخضع فيه للتدريب في فرنسا.

ويُجمع عدد من زملاء الطبيب المختص في جراحة المسالك البولية، ياسين رشيد، على أن الضغوط التي تعرض لها من المشرفين على تدريبه بالمركز الاستشفائي الجامعي “ابن رشد”، من “حكرة” و”تهميش” و”تجبر” و”ابتزاز”، هي التي دفعت به إلى الانتحار.

وقالت طبيبة تدعى شادية خلوفي على حسابها بـ”فيسبوك”، إن الطبيب رشيد ياسين كان ضحية “مضايقات يومية لا هوادة فيها”، حوّلت حياته إلى جحيم، مضيفة أن المعاملة التي كان يلقاها تسببت في دخوله في حالة اكتئاب انتهت به إلى الانتحار.

وشددت الطبيبة خلوفي، على أنه حان الوقت لتتحقق العدالة، ويتم وضع حد للمعاملة السيئة التي يتلقاها العاملين في المستشفيات، لأن الكثيرين يعانون في صمت، مضيفة أنه يجب الكف عن القول: “لقد مررت بهذا من قبلك، ومررت من الأسوء ونجوت”.

من جانبه، قال الدكتور أيمن بوبوج، إنه اطلع على الكثير من الأراء التي تُرجع السبب الدافع للانتحار إلى الابتزاز والضغط التي تعرض له من قبل المشرفين على تأطيره من الأساتذة والمكوّنين، والذين يُفترَض فيهم، من الناحية المبدئية، أن يكونوا أحرصَ الناس على السلامة النفسية والجسدية لكل مَن يُوضعون تحت أيديهم، ليعلموهم ولينقلوا إليهم أخلاق المهنة، قبل أن يعلموهم الحرفة ذاتها.

وأضاف بوبوح في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أنه “بعيدا عن الخوض في مدى صحة هذه التفسيرات من عدمها في هذه الحالة بعينها، والتي لا أزكيها ولا أنفيها. سأعتبر هذا الحادث مناسبةً للتنبيه إلى بعض السلوكات التي أصبحت واقعاً لا يرتفع في دراسة الطب في المغرب، انطلاقا من تجربتي الشخصية ومن تجاربي زملائي وأصدقائي الذين أشاركهم ويشاركونني تجاربهم في هذا الباب”.

وأشار إلى أن “الطبيب الجراح لا يتخرج إلا بعدَ مسلسل طويل من المواقف المُهِينة والحاطّة بالكرامة في الكثير من الأحيان، وبعد مسلسل طويل من الابتزاز والاستغلال”، مضيفا أنه “مؤسف جدا أنّ الطالب يأتي إلى كلية الطب مثقلاً بالطموح وصدق العزم والمثابرة في الدراسة والرغبة الجامحة في تعلّم المهنة، وأن يصبح من أهرام وأعمدة الطب في المغرب، لكنّ ذلك كله يتحطم على صخرة واقع مُـرٍّ، سمته الأساس هي “الحكرة””.

وأوضح أن الطالب يجد نفسه يقوم بمهام هو غير مطالب بها، بوصفه طالبا أو طبيبا مقيما. ومن ذلك أعمال “السخرة”، بكل أنواعها، مردفا بالقول: “قد رأيت أطباء مقيمين يوصلون أبناء الأساتذة إلى المدرسة إذا كانوا صغارا، ويساعدونهم على إعداد العروض لهم إذا كانوا كبارا وما شابه ذلك كثير لا يتسع المجال لذكره”.

وتابع قائلا: “رحم الله ياسين، وأسكنه فسيح جنانه. والرجاء أن يكون الشرارة التي تفضح المستور، لعلنا نستطيع أن نتجاوز هذا الوضع الكارثي، وأن لا نسمع بآخرين بعد ياسين يضعون حدا لحياتهم”.

وسبق لجمعية الأطباء الداخليين بالمستشفى الجامعي ابن رشد، وجمعية الأطباء المقيمين بالمستشفى الجامعي ابن رشد، أن نبهت إلى ما يتعرض له الاطباء من حيف بمصلحة “Laboratoire de Biochimie” حيث يتم توزيعهم بطريقة إقصائية وتعسفية لا تراعي بتاتا أي ضوابط بيداغوجية أو تكوينية.

وقالت الجمعيتين في مراسلة إلى عميد كلية الطب بالدار البيضاء، شهر يوليوز الماضي، إن “الأمر وصل إلى توزيع عقابي للأطباء بسبب علاقات شخصية وصراعات ثنائية لم يكن لها أن تطغى على الهدف الأساسي من تواجد الأطباء المقيمين داخل المصالح الإستشفائية و هو “التكوين” تحت إشراف أساتذتنا الأجلاء”.

وطالبت الجمعيتين بـ”العمل على رفع هذا الحيف وضمان تكوين يليق بتاريخ وسمعة المؤسسة، ويضمن الحفاظ على القيمة العلمية التي يحظى بها خريجونا على المستويين الوطني والدولي”.

يشار إلى أن الطبيب ياسين رشيد المقيم بمصلحة جراحة المسالك البولية بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، قد ووري الثرى، أول أمس الجمعة بالدار البيضاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *