منوعات

لتحسين أدائه الدراسي .. علماء يوضحون لماذا لا ينبغي أن تقول لابنك إنه ذكي

من منا لا يحب أن يكون أبناؤه أذكياء وعباقرة، وأصحاب مواهب؟ لكن الفرق بين أن تحب ذلك وترجو أن يتحقق شيء، وأن تحوله إلى خِطاب إطراء أو انتقاد في التعامل مع أطفالك شيء مختلف، بل تكون له نتائج عكسية تماما، خاصة فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي للأبناء.

وكثير من الآباء والمربون لا ينتبهون إلى أن طبيعة الخطاب، سواء التحفيزي أو النقدي، الذي يعاملون به أبناؤهم لمساعدتهم في التحصيل الدراسي، قد تملأ عقل الطفل بالأوهام التي تحد من تطوره العقلي.

ويبين علماء في دراسة جديدة أن خطاب الآباء الذي يركز على السمات الشخصية للأطفال (مثل الذكاء أو الغباء) وليس على جهدهم وتضحياتهم (مثل بذل الجهد)، في محاولة مساعدة أبنائهم على التحصيل الدراسي الجيد، خطاب يعط نتائج عكسية تماما.

ويقدم العلماء، بناء على دراسة حديثة، لماذا ينبغي التركيز على الجوانب المتعلقة بالعمل والجهد وليس على السمات الشخصية في التعامل مع الأطفال، ويقدمون نصائح للآباء والمربين في كيفية التعامل الصحية من أطفالهم لتحسين أدائهم الدراسي. ويوضحون لماذا لا ينبغي أن تقول لطفلك مثلا: أنت ذكي!

“أنت ذكي” عبارة لها أضرارها على الطفل

توصّل فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة جورجيا الأميركية، حسب الجزيرة نت، إلى أن الطريقة التي يخاطب بها الآباء أبناءهم -سواء في الثناء أو التأنيب- تؤثر بشكل واضح في تقدمهم بالرياضيات.

وللتوصل لتلك النتائج التي نشرت في دورية “تشايلد ديفيلوبمنت” (Child Development)، طلب الباحثون من أكثر من 500 من الآباء الإبلاغ عن كيفية استجابتهم لأداء أطفالهم في نتائج امتحان الرياضيات، وكذلك معتقداتهم عن الأمر.

وأظهرت النتائج أن استجابات الآباء كانت مسؤولة عن مستوى الأطفال في الرياضيات، فبدا أن الأطفال الذين تلقوا من أهلهم ردودًا متعلقة بالفشل لكنها متركزة أكثر حول سماتهم الشخصية، كانوا أكثر عرضة لإظهار مستويات أعلى من القلق من الرياضيات، وسجلوا درجات أقل في الاختبارات.

والردود المتركزة حول السمات الشخصية تعني مخاطبة الطفل بشيء من صفاته، بمعنى أن تقول له “أنت ذكي جدا” مثلا، ردا على إجابته لسؤال صعب، أو العكس: أن تقول له “الرياضيات ليست لك”، في إشارة إلى أنه من النوع الذي لا يؤدي جيدًا في الرياضيات، حينما يؤدي بشكل سيئ في سؤال أو امتحان ما.

وبحسب الدراسة، فإن الردود التي تركز على الجهد تؤثر بشكل أفضل، كأن تقول له على سبيل المثال “رائع، لقد عملت بجد”، أو “ما الذي قد يكون مفيدا لك في اختبار الرياضيات القادم؟”

وبشكل عام، وجدت الدراسة أن الآباء الذين رأوا أن التغيير في الرياضيات ممكن وليس مرتبطا بالسمات الشخصية، قدموا ردودا عملية تركز على استخدام أطفالهم إستراتيجيات فعالة وبذل الجهد، بدلا من التركيز على ذكائهم أو سماتهم الشخصية الأخرى.

عقل مرن

كارول دويل، عالمة النفس من جامعة ستانفورد، كانت من أوائل من اهتموا بفهم الفارق بين أن تقول لطفل ما إنه ذكي، أو أن تقول له: لقد بذلت جهدا، حيث افترضت -هي ورفاقها في دراسة نشرت بدورية “تشايلد ديفيلوبمنت” سنة 2007- أن العقل البشري يتبع قناعة عقلية من اثنيتن:

الأولى، هي المنظومة “العقلية الثابتة” (Fixed Mindset) التي يتصوّر عقلك معها أنه مُصمم لأداء وظائف محددة وبقدرات ثابتة لا تتغير مع الزمن، وبالتالي فأنت مقتنع بأنه لا حاجة للمقاومة من أجل مستوى أفضل، دراسيًا على سبيل المثال، أو اجتماعيًا كذلك، فالأمر شبه محسوم.

الثانية، هي المنظومة العقلية -أو قل آلية التفكير- التي تركز على “القناعة بإمكانية النمو” (Growth Mindset) التي تعتقد أن من الممكن أن نحسّن من قدراتنا العقلية، لأن أدمغتنا تعمل مثل عضلاتنا، ومع التمرين المناسب يمكن أن تصبح أفضل.

وما بين كلٍّ من المنظومتين، تتفرع تلك الاعتقادات لتؤثر في كل شيء آخر بحياتنا، بداية من الأداء الدراسي، ووصولا إلى اختيار الوظائف الأنسب لنا.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ تقول ديوك ورفاقها إن المقتنعين بالمنظومة الثابتة عادة ما يحاولون الظهور على الدوام بمظهر الذكي، ولا يقبلون النقد، ويتعاملون مع الناجحين باعتبارهم تهديدا لهم، ويؤمنون أن الموهبة فقط هي السبب في النجاح، ويؤثر كل ذلك بشكل سلبي على أدائهم مقابل المقتنعين بعقلية النمو.

توصيات العلماء

وبناء على نتائجهم، يرى باحثو جامعة جورجيا أن على الآباء والمعلمين الحد من الاستجابة التي تركز على السمات الشخصية في المنزل والمدرسة، ويفضل دائما استخدام استجابات تعتمد على الإستراتيجية المستخدمة في المذاكرة وبذل الجهد.

وكانت التوصية الثانية من الباحثين للآباء والأمهات هي التفكير في معتقداتهم وأهدافهم الخاصة لأطفالهم، ودراسة كيف يمكن أن تقودهم هذه إلى الاستجابة، إذ يرى الباحثون أن مجرد إخبار الأب أو الأم بتعديل سلوكه ليس كافيًا، بل عليه أن يغير من أفكاره أيضا.

بل يرى الباحثون أن إقناع الآباء أنفسهم بأن أداء الرياضيات يمكن أن يتحسن مع بذل الجهد في التمرين، يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا في حل هذه المشكلة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *