منوعات

إليك لماذا قد تخسر دول عربية معركتها حول القيم ضد “نتفليكس”

تفاعلت عدة دول عربية بشكل رسمي مع تصاعد وتيرة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حول المضامين التي تبثها بعض المنصات الدولية، وخاصة نتفليكس وديزني، والموجهة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. خاصة وأنه تجاوز نقد القيمة الفنية للأفلام والمسلسلات التي تقدمها المنصة إلى الحديث عن استهداف الهوية الاجتماعية والسياسية للمجتمعات العربية والإسلامية.

وتوالت البيانات الرسمية التي تطالب منصة نتفليكس بسحب مضامين غير لائقة، وخاصة الموجهة للأطفال، واحترام الهوية الثقافية والدينية للمجتمعات العربية والإسلامية، وبعد بيان المجلس الأعلى لتنظيم شؤون الإعلام بمصر، جاء بيان دول مجلس التعاون الخليجي في نفس السياق.

فكيف تعمل منصة نتفليكس؟ وبماذا تطالب تلك الدول المنصة؟ وما هي حظوظ نجاحها في مطالبها؟

اتهامات خليجية ومصرية ومطالب بحذف مضامين

طالبت دول مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء 6 سبتمبر الجاري، منصة “نتفليكس”، بإزالة محتوى يتعارض مع “القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية”، بما في ذلك محتوى موجه للأطفال.

وأفاد بيان صادر عن مجلس التعاون الخليجي، حسب مصادر إعلامية، بأن لجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني بدول المجلس عقدت اجتماعا لمناقشة “ما لوحظ في الفترة الأخيرة من قيام منصة نتفليكس ببث بعض المواد المرئية والمحتوى المخالف لضوابط المحتوى الإعلامي في دول المجلس والذي يتعارض مع المبادئ الإسلامية والمجتمعية”.

وأضاف البيان أنه “تم التواصل مع منصة نتفليكس لإزالة هذا المحتوى بما فيه الموجه للأطفال والالتزام بالأنظمة”.

وتابع البيان أن “الجهات المعنية ستتابع مدى التزامها، وفي حال استمرار بث المحتوى المخالف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة”.

وأكدت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في المملكة العربية السعودية على مطالبة منصة نتفليكس بإزالة المحتوى المخالف، وأشارت إلى أن بيان لجنة مسؤولي الإعلام الإلكتروني هو بيان مشترك.

كما أصدرت هيئة تنظيم الاتصالات ومكتب تنظيم الإعلام بالإمارات العربية المتحدة بيانا مماثلا، أشار إلى التواصل مع “نتفليكس” لإزالة المحتوى المخالف وخاصة المحتوى الموجه للأطفال.

غموض المطالب والمعايير

حسب الجزيرة نت، أوضح أستاذ الإعلام والاتصال في جامعة قطر نور الدين ميلادي أن تعاظم تأثير نتفليكس على سلوك الشباب في العالم العربي وحضورها المتزايد في المنطقة العربية جعل مجلس التعاون الخليجي يتخذ هذه الخطوة، باعتبار أن المحتوى أصبح يضرب عمق الثقافة والثوابت العربية والإسلامية في المنطقة.

ورأى أن الفئة الأكثر متابعة لهذه المنصات هم المراهقون، حيث يتابعون أفلاما تزرع عادات غير مناسبة لمجتمعاتنا العربية، مبينا أن بعض الشباب صار عندهم نوع من الإدمان على هذه المنصات لعدم اقتصارها على الشاشة وتوفرها في جميع الأجهزة الإلكترونية.

من جانبه، أوضح أستاذ الإعلام في جامعة الكويت خالد القحص أن وصف بيان مجلس التعاون الخليجي ومصر كان فضفاضا وغير محدد لماهية المحتوى المطلوب إزالته، مبينا أن هذا الوصف يجعل الدراما العربية الرمضانية تتعارض أيضا مع القيم الإسلامية.

وأضاف أن منصة نتفليكس تتعامل مع المطالب التي تحدد المواد المطلوب حذفها في حال تعارضها مع بعض القوانين، ولكنها لا تتعامل مع المصطلحات الواسعة التي لا تحدد المواد المخالفة لقوانين بلد معين.

وفي مصر، طالب المجلس الأعلى لتنظيم شؤون الإعلام منصات البث الرقمي بالالتزام بالأعراف والقيم المجتمعية للدولة، وعدم بث مواد فنية وتلفزيونية تتعارض معها.

وأكد المجلس أنه بصدد إصدار قواعد تنظيمية وتراخيص لمنصات البث الرقمي لإلزامها بالقيم المجتمعية، مُحذرا من بث مواد تتعارض مع هذه القيم والأعراف، إذ ستُتخذ ضدها الإجراءات اللازمة فورا.

معركة خاسرة

أما كريستين ماكوورتر، أستاذة الإعلام في جامعة هاورد، فرأت أن محاولة منع بعض محتويات نتفليكس عن المنطقة العربية ستكون معركة خاسرة، إلا إذا استطاعت أن تثبت الدول العربية أن المحتوى الإعلامي لهذه الأفلام يتعارض مع القوانين العربية.

ورأت أن منصة نتفليكس غير مسؤولة عن مدى ملاءمة المحتوى إن كان جيدا أو سيئا، لأن الأمر ثقافي ونسبي، فهي لا تتحمل مسؤولية المواد الإعلامية ولا تهتم بقيم معينة لبلدان محددة، بل تهتم بما يحقق لها أرباحا مادية.

وفي وقت سابق من العام الحالي، حسب الجزيرة نت، أثير جدل كبير بعد عرض فيلم “لايت يير” (Light year) من إنتاج أستوديوهات بيكسار وأفلام والت ديزني.

وانتقد المهاجمون فيلم “السنة الضوئية” بسبب احتوائه على مشهد “قبلة بين مثليین”. وتم حظر عرض الفيلم في 14 دولة مسلمة لانتهاکه المعاییر المحلية لمحتوى وسائل الإعلام بهذه الدول، بسبب المشهد الذي تم اقتطاعه بالفعل في النسخة الأولی من الفیلم، لكن تمت إضافته في النسخة النهائیة بعد مطالبة موظفي بيكسار بتقلیص الرقابة على “المثلية”.

كما أعلنت شبكة “ديزني بلس” منع عرض الفيلم على منصتها بالشرق الأوسط، التي تم إطلاقها في المنطقة مع بداية یونیو/حزیران الماضي.

السلاح الذي تملكه نتفليكس ولا تملكه الشركات الأخرى

الطباعة، والراديو، والتلفزيون، حسب “بي بي سي عربي”، وسائط انتقلت عبرها الثقافة والمعلومات والترفيه لتغير حياتنا للأبد. ثم جاء الإنترنت، ليغير حتى مفهومنا عن الزمان والمكان، يقرب البعيد ويسرع الوتيرة ويجمع بين الوسائط.

وحسب نفس المصدر، أصبح التلفزيون بشكله الحديث جزءًا من الإنترنت، من خلال نموذج خدمات البث و الاشتراك الشهري، والذي طرحته أولًا شركة نتفليكس.

ففي أواخر التسعينات، حسب المصدر ذاته، بدأ مؤسسا شركة نتفليكس “مارك راندولف” و”ريد هاستينجز”، في البحث عن كيفية تعظيم ربح تأجير الأفلام والمسلسلات وتوصيلها للمنازل. ولأن شرائط الفيديو كبيرة الحجم وسهلة التلف، بدأت الشركة تأجير أقراص “الدي في دي”، مما أحدث ثورة في مجال تأجير الأفلام لتصبح نتفليكس الشركة الأكبر في المجال مع بداية الألفية الحالية.

وأصبحت الشركة متحفزة للقفزة القادمة، ففي 2006، أعلنت نيتفلكس عن جائزة قدرها مليون دولار لمن يقترح خوارزمية تُرشح الأعمال الدرامية بناءً على ذوق المشاهدين وتتوقع اختياراتهم، وبعدها بسنة، ومع زيادة سرعة الإنترنت في الولايات المتحدة، أتاحت الشركة أول مجموعة من أفلامها للبث عبر الإنترنت.

والآن لم تعد نتفليكس مجرد شركة لبث الأفلام والمسلسلات بل يتزايد إنتاجها من الأفلام والمسلسلات لتنافس شركات الإنتاج الامريكية الكبرى مثل “ديزني” و”وارنر بروس”.

وتملك نتفليكس، حسب المصدر السابق، سلاحا لا تملكه الشركات الأخرى وهو خوارزمية متطورة تم تغذيتها لأكثر من 10 سنوات بالسلوك الاستهلاكي وأذواق ملايين المشاهدين حول العالم.

وعلى عكس التلفزيون الذي جمع العائلات في غرف المعيشة، تدفع خدمات البث وعلى رأسها نتفليكس مشاهدة الأفلام والمسلسلات إلى “الفردانية”. ولذلك تعتمد هذه المنصات بشكل كبير على خوارزميات الترشيح والتوقع، فمزيد من الأذواق والاختيارات، يعني مزيدا من الاشتراكات والأرباح. وحتى الآن لا تملك أي شركة أخرى خوارزمية مماثلة لنتفليكس مما قد يفسح لها المجال للسيطرة على الإنتاج الدرامي.

وقد يكون من يرى أن هناك هيمنة ثقافية غربية على الأعمال العربية التي تنتجها نتفليكس محقًا، وكذلك من يرى ملاذا في الأعمال التي تخرج عن سيطرة الرقابة المجتمعية وتعبر عنه كأقلية مجتمعية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مطالب غير مفهومة
    منذ سنتين

    غير مفهومة مثل هذه المطالب بالحذف ! إذا كان هناك استهداف فيجب العمل على التضييق على برامجها، والأهم ... العمل على خلق منصات مماثلة ببرامج تلائم المجتمعات التي تشتكي ... اما هذه الادعاءات بالدفاع عن الهوية من خلال هذه المقاربات فهي طبعا تخدم اشهار نتفليكس ومثيلاتها