مجتمع

نساء يبدعن في الخفاء من أجل التحضير لموكب الشموع بسلا (فيديو)

نساء “يعتكفن” لأزيد من شهر في رواق باب الخميس بسلا، من أجل صناعة شموع ضخمة، وذلك من خلال تزيين قوالب خشبية بقطع الشمع المختلفة الأشكال والألوان، استعدادا لموكب الشموع الذي تشرف عليه الزاوية الحسونية كل سنة احتفاء بعيد المولد النبوي الشريف.

في فضاء رحب وبترخيص من السلطات المحلية بسلا، تضع عائلة “بلكبير” كل الأدوات اللازمة لإخراج موكب الشموع في أبهى حلة.

“الجاجة زهرة” امرأة محافظة تحفظت عن إظهار وجهها للكاميرا، لا زالت تحافظ على إرث زوجها التاريخي، في تجهيز موكب الشموع، بمساعدة إبنتها وباقي عائلتها.

“التحضير للموكب هو بمثابة حرفة تقليدية دأبت عليها عائلتي “بلكبير” و”بنشقرون” طيلة قرون”، حرفة علمتها “الجاجة زهرة” لأبنائها منذ القدم، منهم من لازال يزاولها بحلول عيد المولد النبوي الشريف، ومنهم من ولج مهنا أخرى، ومنهم من لازال يشارك في صناعة الشموع الملونة رغم وظيفته الأخرى، كما هو الحال بالنسبة لخديجة، إبنة “الحاجة زهرة”، خديجة التي طلبت إجازة من إدارتها العمومية للتفرغ للتحضير لهذا التقليد السنوي العريق.

تقول “الحاجة زهرة” وهي تصنع من قطع الشمع الكبيرة أشكالا صغيرة: “قضيت في هذه الحرفة ما يزيد عن 46 سنة، ووالدة زوجي كان لها الفضل في تعليمي”، غير أنه بعد وفاة زوجها تضيف “أمي زهرة” ” واصلت هذا المشوار رفقة أبنائي وبتعاون مع عائلة بنشقرون التي دأبت هي الأخرى على هذا المنوال”.

بسعادة تغمر عينيها تتابع أمي زهرة” حديثها لجريدة “العمق”، “نستعد لهذه المناسبة كما لو أننا نحضر لعرس كبير، وكلما حلت الذكرى لا نتأخر عن الاستعداد طيلة الشهور التي تسبق ذكرى المولد النبوي”.

وعن كمية الشمع المستعملة ومراحل إعداد اشكالها المتنوعة، تقول الحاجة زهرة ” نقتني مايزيد عن طن من الشمع الخام المستخرج من “شهدة” العسل، يتم تذويبه وتجفيفه على الأسطح، بعد ذلك تتم تصفيته وطهيه ثم إضافة صباغات ملونة مخصصة للنسيج”.

بطرقة محترفة، تضع “الجاجة زهرة”، التي تفترش لحافا بسيطا، قالبا صغيرا خشبيا داخل آنية تحتوي على الشمع المذوب المصبوغ باللون الأخضر، وحين التصاق الشمع بالقالب الخشبي، تزيله لتغطسه داخل آنية أخرى مملوءة بالماء البارد، ليتجمد الشمع بسرعة وينفصل بسهولة عن القالب بعد أن يأخذ شكله المخروطي أو نصف دائري، فيطفو على سطح الآنية في انتظار تجفيفه.

بعد ذلك توضع هذه الاشكال الملونة على قوالب خشبية سميكة مغلفة بالورق الأبيض في شكل فني مستوحاه من تصاميم الزخرفة الإسلامية.

وفي ليلة العيد يخرج موكب الشموع الذي يُحمل على أكتاف مشاركين يرتدون اللباس الأبيض، ويسير في اتجاه مقر العمالة القديم مرفوقا بنغمات الطبول والأنغام التي تعزفها الفرق الموسيقية التقليدية.

أعمال عائلتي “بلكبير” و”بنشقرون” لا تنتهي بانتهاء الاحتفال بموكب الشموع، بل يستعدون بعد الموكب لتحضير شموع “سيدي بن عاشر” و”سيدي أحمد حجي” بسلا كما جرت العادة كل سنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *