منوعات

غرب أفريقيا مهده الأول .. هل تعلم أن “دلاح” العصور القديمة كان مرا وقاتلا؟  

غزا البطيخ الأحمر معظم الأسواق العالمية في السنين الأخيرة، واكتسب شهرة كبيرة في مختلف الأوساط ليس فقط بجمال منظره وفوائده الغذائية الكثيرة، بل بالأساس بطعمه اللذيذ ومذاقه الحلو.

وحسب (atlasbig) يتم إنتاج أزيد من 117 مليون طن ( 117،204،081 ) من البطيخ سنويا في جميع أنحاء العالم. وتعد الصين أكبر منتج للبطيخ في العالم حيث يبلغ حجم إنتاجها 79244271 طنًا سنويًا (أي قرابة 80 مليون طن سنويا).

ومن الصعب أن تقنع أي شخص من عشاق البطيخ الأحمر، الدلاح كما يطلق عليه في المغرب، أنه كان مر المذاق، بل وأنه كان قاتلا، خاصة وأن هذه الفاكهة سجلت حضورها القوي في ثقافة الغذاء لدى البشر، بل وينصح العديد من خبراء التغذية والأطباء باستهلاكه لما يوفره من مصادر غذائية غنية ومتنوعة.

لكن دراسة علمية أكدت الحقيقة المرة التي تفيد أن البطيخ الأحمر كان طعمه بالفعل مرا وأنه كان من الأكلات القاتلة، وأن تدجين البشر له حوله من طعام مر قاتل إلى طعام حلو يعشقه الملايين.

دراسة تكشف الماضي القاتل للدلاح

وفق دراسة هي الأولى من نوعها، يرجح العلماء أن بشر العصور القديمة استزرعوا بطيخاً مر الطعم، ويقدر على قتل من يأكله من بني الإنسان، ولربما عمد البشر آنذاك إلى الاستغناء عن لب البطيخ الذي بات طعمه لذيذاً وحلواً في أزمنة لاحقة، واكتفوا بأكل بذور البطيخ.

وحسب “اندبندنت”، جاءت تلك الاستنتاجات عقب دراسات جينية  (2021) أجريت على بذور بطيخ يرجع إلى العصور القديمة.

وفي حديث إلى “اندبندنت”، أشار أحد الباحثين في “كيو غاردنز” أوسكار بيريز إسكوبار، إلى أن ذلك البطيخ كان قاتلاً، إضافة إلى كونه مراً وغير مستساغ، وتحتوي حدائق “كيو غاردنز” على أحد أكبر تجمعات التنوع البيولوجي النباتي في العالم.

ووفق الدراسة الجينية المشار إليها آنفاً، شكلت منطقة غرب أفريقيا المهد الأول لذلك البطيخ المسموم، وهو أمر لم يكن الرأي العلمي حاسماً بشأنه قبل هذه الدراسة التي نشرت في مجلة “التطور والعلوم الجينية”.

حوله التدجين فهل تمسخه أزمة المناخ؟

ويقول الباحثون أنه في مراحل لاحقة، حصل نوع من “التدجين” للبطيخ المسموم، بمعنى أن البشر لم يعودوا ليكتفوا بما يعثرون عليه في الطبيعة، بل شرعوا في زرعه بأنفسهم، مع ملاءمة أنواعه لحاجاتهم المختلفة، وبالتدريج تحول طعم لب البطيخ إلى المذاق الحلو الذي تعطيه إياه مادة الـ”سكاريين”.

وحاليا تستخدم مادة الـ”سكاريين” بديلاً عن السكر في إعطاء الطعام مذاقاً حلواً، مع تجنب السعرات الحرارية التي يحتويها السكر.

وفي السياق نفسه، لا يبدو العلماء واثقين من تأثير أزمة المناخ الراهنة على البطيخ وطعمه وفائدته، إذ قد تتأثر تلك الأشياء كلها بمعطيات كتكرار نوبات الجفاف وموجات الحرارة ونقص المياه وغيرها، بالتالي يسعى العلماء إلى استيلاد أنواع من البطيخ تكون قادرة على الصمود في وجه التقلبات المناخية الحادة، مع احتفاظها بالمذاق الحلو لتلك النبتة، والأرجح أن يتأتى ذلك عبر استخدام تعديلات جينية مختلفة.

ويوضح إسكوبار أن البطيخ يشكل سوقا عالمية يصل حجمها إلى مئات ملايين الدولارات، ما يجعل الاستثمار في التعديل الجيني للبطيخ أمراً مربحاً وعملياً.

نبذة تاريخية عن انتشار زراعته

وحسب “الشرق الأوسط”، انتشرت زراعة البطيخ من أفريقيا في وادي النيل منذ القرن الثاني قبل الميلاد، ووجدت بعض بذور البطيخ في مقبرة توت عنخ آمون. وفي القرن السابع كان البطيخ يزرع في الهند ومع حلول القرن العاشر الميلادي انتقل البطيخ إلى الصين التي تعد حاليا أكبر الدول زراعة واستهلاكا للبطيخ.

وحسب نفس المصدر، قدم العرب البطيخ إلى أوروبا عن طريق الأندلس حيث توجد آثار لزراعته في قرطبة في عام 961، وفي إشبيليه في عام 1158، وبدأ البطيخ يظهر في كتب الطبخ الأوروبية بداية من القرن السابع عشر، وكان يزرع في الحدائق الأوروبية خلال هذه القرن ولم يحد من انتشاره في أوروبا إلا حاجة النبات إلى صيف حار وجاف وهو ما لا يتوافر في دول وسط وشمال أوروبا.

وحملت تجارة العبيد من أفريقيا نباتات البطيخ معها إلى العالم الجديد وزرعه الإسبان في فلوريدا في عام 1576، ثم انتقل إلى دول أميركا اللاتينية في القرن السابع عشر. كما قدم المستكشفون الإنجليز من أمثال الكابتن جيمس كوك البطيخ إلى هاواي وجزر المحيط الهادي.

وهناك أكثر من 1200 نوع من البطيخ تتراوح في الشكل والحجم والوزن ما يبن أقل من كيلوغرام واحد إلى أكثر من 90 كيلوغراما. كما تختلف ألوان البطيخ بين الأصفر والأحمر والأبيض والبرتقالي. وتؤكل أيضا بذور البطيخ بعد شيها. وفي بعض الدول الآسيوية يتم تناول بذور البطيخ أثناء احتفالات العام الجديد.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *