مجتمع

مطالب بفتح تحقيق في “اختلالات” صفقة إعادة تهيئة المكتبة الوطنية بالرباط

أدانت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، ما وصفته، “اختلالات خطيرة شابت الصفقة العمومية الخاصة بإعادة تهيئة المكتبة الوطنية بالرباط، بمبلغ يفوق 18 مليون درهم.

وجددت النقابة، في بلاغ توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، إدانتها الشديدة لهذه الاختلالات الخطيرة، وللتهديد المستمر الممارس من طرف مدير المؤسسة على كل من يدعو إلى افتحاص هذه الصفقات والتأكد من مدى مطابقتها للقانون.

وناشدت النقابة الجهات العليا قصد التدخل بهدف إنقاذ المؤسسة من الانهيار، مطالبة الوزارة الوصية بتنفيذ مضامين التعليمات الملكية القاضية بربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك بفتح تحقيق شامل لكل الصفقات العمومية داخل المكتبة الوطنية.

ودعت النقابة الجهات الرقابية المختصة إلى التدخل العاجل قصد إيقاف هذه الاختلالات، مستنكرة “المقاربة القمعية والاستبدادية لمدير المؤسسة في تعامله مع العنصر البشري، ورفضها المطلق لسياسة التهديد والوعيد والتضييق الممارسة ضد مناضلي النقابة، مؤكدة ضرورة تنزيل النظام الأساسي الخاص بمستخدمي المؤسسة والتسريع بإقرار منح التعويض عن الأخطار المهنية.

خروقات مسطرية

نبهت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية لعدد من الخروقات المسطرية، من بينها خرق الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون المحدد لشروط وأشكال تمرير الصفقات العمومية الخاص بالمكتبة الوطنية، والمتمثل في ضم اللجنة الخاصة بفتح الأظرفة، التي شكلتها إدارة المؤسسة، لرئيس قطب بمثابة نائب عن المدير، إلى جانب أعضاء آخرين يتشكلون من أطر ومستخدمين لا تتوفر فيهم الصفة القانونية.

وأشارت النقابة إلى تواجد مستخدمة لا تتوفر على الخبرة والتكوين اللازمين ضمن أعضاء اللجنة، وبالخصوص إذا تعلق الأمر بصفقة رصدت لها ميزانية خيالية، في حين أن المادة 35 تنص بصريح العبارة على ضرورة توفر اللجنة المذكورة ضمن عضويتها على مسؤول عن مصلحة المشتريات ومسؤول آخر عن مصلحة المالية، الشيء الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول كيفية وقانونية تشكيل هاته اللجنة.

كما استنكرت النقابة غياب اسم المسؤولة الوحيدة التي تجمع بين تدبير “شعبة الموارد المالية” والمصالح التابعة لها، وهي “مصلحة الميزانية” و “مصلحة المحاسبة”، والمشرفة أيضا على تدبير شؤون “شعبة الصفقات والتجهيز” والمصالح التابعة لها كمصلحة “الصفقات” و “مصلحة تدبير البنايات”، عن لجنة فتح الأظرفة الخاصة بهذه الصفقة وصفقات عمومية أخرى.

واعتبرت النقابة أن هذا الأمر ضربا صارخا لمبادئ الرقابة والحكامة الرشيدة، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول نزاهة هذه الصفقة، بل ويثير الشبهات حول سبب تهربها من تحمل أي مسؤولية في هذه الصفقة وفي صفقات أخرى، وتساءلت: “كيف لمدير المؤسسة أن يغض الطرف عن ذلك؟ أم أن هناك اتفاق بينهما؟ ولماذا يتم الزج بمستخدمين آخرين في هذه الصفقة؟”

ومن بين الخروقات التي نبهت إليها النقابة، “خرق الفقرة رقم 3 من المادة 35 من القانون المحدد لشروط وأشكال تمرير الصفقات العمومية الخاص بالمكتبة الوطنية، والتي تنص على ضرورة إبلاغ أعضاء اللجنة 7 أيام على الأقل قبل تاريخ اجتماع اللجنة وفتح الأظرفة الخاصة بالصفقة المعنية، متساءلة عمّن قام بإعداد المساطر الإدارية والمالية اللازمة لهذه الصفقة وتحديد الحاجيات الداخلية لكل مصلحة على حدة في ظل الفراغ المهول للهيكل التنظيمي للمؤسسة”.

خروقات تدبيرية

اعتبرت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية أن بناية المكتبة ومنشآتها، ومنذ تدشينها من طرف الملك محمد السادس في أكتوبر 2008، لازالت في بنية جيدة ولا تحتاج لميزانية ضخمة من هذا الحجم.

وأضافت النقابة: “إن كان هناك ما يستدعي ويبرر لدى الإدارة رصد ميزانية هائلة لتجديد المؤسسة وتهيئتها فهذا يساءل نفس الإدارة عن جدوى ملايين الدراهم التي صرفت على مدى سنوات طويلة بغرض صيانة البناية ومنشآتها.

وفي هذا الصدد، تساءلت النقابة ذاتها: “ما الداعي إذن إلى الهرولة نحو صرف أموال طائلة إضافية تكلف خزينة الدولة باهظا في ظل الظرفية الحالية التي تمر منها البلاد من أجل إعادة التهيئة، رغم أن المؤسسة ظلت ومنذ افتتاحها خاضعة لعمليات الصيانة والترميم ؟

كما أكدت أنه “بعد اضطلاعها على جدول الأسعار الخاص بالصفقة اتضح جليا أن هناك مبالغة كبيرة في الكميات المطلوبة بشكل يوحي أن بناية المؤسسة ومنشآتها قد تقادمت وتهالكت وتؤول للانهيار، محذرة من أن هذه المبالغة في الكميات سترافقها مبالغة وتضخيم في أثمنة الوحدات المطلوبة “.

وما يزيد الشكوك حول شبهات الفساد في هذه الصفقة، تضيف النقابة، معلومات توصلت بها النقابة تفيد بعزم مدير المؤسسة الاعتماد على مسؤول سابق بشعبة صيانة البنايات تم إعفاؤه منها في عهد الإدارة السابقة على إثر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات لأسباب تتعلق بصفقات شابها فساد مالي بملايين الدراهم”.

وفي سياق متصل، ذكرت النقابة أن إدارة المؤسسة أعلنت في 27 شتنبر 2022 عن فتح باب الترشح لتقلد تسع مناصب للمسؤولية، ويتعلق الأمر بـ”رئيس قطب الشؤون المالية والإدارية”، و”رئيس شعبة الصفقات والتجهيز”، مشيرة إلى أن هذا الأمر جاء بعد تجاهل فاق الأربع سنوات لأسباب مجهولة.

وعادت النقابة لتطرح سؤالا حول “الدافع الأساسي وراء هذه الخطوة المفاجئة وفي هذا التوقيت بالذات وأسباب الإعلان عن الصفقة والإصرار على إتمام عملية فتح الأظرفة قبل تعيين مسؤولين بالمناصب المرتبطة ارتباطا مباشرا بها”.

وأكدت النقابة أن هذا الأمر “يثبت بالملموس أن الإدارة مصرة باهتمام شديد على تمرير العديد من الصفقات في وقت قياسي، حيث أصبح شغلها الشاغل، تضيف النقابة، هو الجانب المالي، حتى وإن استدعى الأمر توظيف أطر خارجية لتمرير الصفقات المشبوهة خاصة بعد انسحاب رئيس لجنة فتح الأظرفة من هذه الصفقة بسبب الخروقات المسطرية وتعرضه لأزمة نفسية حادة جراء الضغوطات الممارسة عليه “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *