منتدى العمق

الوعي المعطوب والعقل المصلوب..

تتوالى المصائب وتتعد الأزمات لتصير خيبات ونكسات، يصعب الحديث عنها جملة واحدة ولكن وجب الإشارة إليها بومضة سريعة، من العسير اختيار نقطة البداية، لأهمية كل واحدة وما تحمله من غاية، لكن سادتي اسمحولي أن أصوغ توضيحا منذ اللحظة، نحن نخوض في الشكليات ولا نعزم على الممارسة الفعلية، والإيمان أن الأشياء بعبرها التاريخية.

سادتي أين الشعب وأين هو من قضاياه المصيرية، أين مواقفه من أحداث وزلات وهفوات، وقضايا كثيرة مقصودة. أين الوطن وأين أبناؤه الشرفاء للتضحية والنضال في سبيل أرض نستوطنها يعبق منها نسيم الكرامة وأريج الديمقراطية، ونشم في أرجائها طعم حقوق الإنسانية، متى نحس أن الوطن رؤوف بِنَا، ونحن رؤوفون بالوطن وهمنا هو الحفاظ عليه.

سادتي لا أريد الخوض في أمور جد معروفة، وقضايا فساد عديدة في مجالات كثيرة، تكفينا إطلالة سريعة على ازدراء الخدمات الصحية، وغياب البنيات التحتية، ورذاءة المدرسة العمومية، وأمور شتى في الوزارة الوصية على قطاع من الواجب عليه التعامل بمنطق : ” اللي دار الذنب يستاهل العقوبة” وهلم جرا تجاه مؤسسات كبيرة تم التعامل معها بعفا الله عما سلفَ.

مللنا من تعرية هذا الواقع، ويئسنا من سماع معضلاته، لأن الصغير والكبير يعلمه، والهادي والبادي مطلع عليه، وما زلنا إلى اليوم ننتظر اليوم غير المنتظر، الذي نأمل فيه غدا افضل وعدلا سائدا ومجتمعا منيرا ….

إن كثرة انتظارنا تعيد إنتاج خيباتنا، لأنه وببساطة وكما يقول المثل: ” ما عند الميت ما يدير قدام غسالو” نحن شعب ميت أغمي عليه، وهو السبب لما آلت إليه الأوضاع، شعب – لا أتحدث بمنطق التعميم – غير واع في سلوكاته وممارساته، لا يحتكم الى عقله، ولا يلجأ لتحريك وعيه، صرنا غرباء مع أنفسنا وندعو بشكل غير مباشر للقطيعة مع ذواتنا، قطيعة تخرب تفكيرنا وتدمر عقولنا، وتحرف جوهر مطالبنا، إن إرادة التغيير تتطلب منا تطهير الأنفس وتحصينها، لنكون مثالا للنضج والرقي، إذا كنّا نرغب ونشتغل من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل بناء الوطن فعلينا أولا بناء الذات القادرة على تشرب مبادئ المجتمع الذي نحلم به، مجتمع الصوت الواحد والقضية الواحدة، مجتمع يتجاوز فكر الفردانية، ويضع صوب أعينه المصلحة العامة.

ــــــــــ

أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي