منوعات

لوحة فنية لأحد مشاهير الفن التجريدي تعرض مقلوبة على مدى 75 عاما

“أصبح الخطأ هو الصواب” هذه العبارة أصبحت تمثل الخلاصة التراجيدية لمصير لوحة فنية حكمت الأقدار أن يستمر عرضها في وضع مقلوب بعد أن ضلت تعرض عليه طيلة 75 سنة.

قد لا يثير استمرار عرض لوحة الفن التجريدي المسماة “نيويورك سيتي 1” مقلوبة انتباه زوار المعارض، فقد لازمتها تلك الوضعية لأزيد من سبعة عقود دون أن ينتبه أحد لذلك حتى من بين الفنانين التجريديين أنفسهم، ولعل ذلك الوضع أصبح جزءا من مشهدها الفني. لكن هذا الاعتبار ليس هو من أملى الحكم عليها بالعرض مقلوبة “مدى الحياة”.

فكيف استمر عرض “نيويورك سيتي 1” مقلوبة طيلة أزيد من سبعة عقود؟ ولماذا تقرر الاستمرار في عرضها بتلك الوضعية؟

75 عاما من العرض مقلوبة

ظلت لوحة فنية للفنان التجريدي الهولندي بيت موندريان، حسب بي بي سي عربية،  تُعرض مقلوبة على مدى 75 عاماً في صالات عرض مختلفة، وفقاً لمؤرخة أعمال فنية.

ورغم اكتشاف الخطأ، حسب نفس المصدر، ستبقى اللوحة التي تحمل اسم “نيويورك سيتي 1″، معروضة بالمقلوب، لتجنب تعرضها للضرر.

وعُرضت اللوحة التي أنجزها موندريان عام 1941، في متحف الفن المعاصر “موما” في نيويورك عام 1945.

وعلقت اللوحة في مدينة دوسلدورف غرب ألمانيا، ضمن المجموعة الفنية بولاية شمال الراين – ويستفاليا منذ عام 1980.

ولاحظت المؤرخة سوزان ماير- بوزر الخطأ المرتكب منذ زمن طويل، خلال بحثها في عرض المتحف الجديد لأعمال موندريان بداية هذا العام، لكنها حّذرت من تمزقها في حال علّقت بالشكل الصحيح.

وتعتبر لوحة “نيويورك سيتي 1″، نسخة بأشرطة لاصقة من لوحة شبيهة للفنان ذاته، بعنوان “نيويورك سيتي”.

“اكتشاف الخطأ”

في حديثها عن العمل الفني غير المكتمل وغير الموقع، قالت سوزان ماير-بوزر لصحيفة الغارديان، “يجب أن تكون الخطوط المكثفة من الشبكة في الأعلى، كسماء مظلمة”.

وأضافت في اتصال مع بي بي سي: “حين أشرت بذلك لأمناء المتحف الآخرين، أدركنا أن الأمر كان واضحاً جداً. هناك احتمال كبير بأن الصورة معلقة بشكل خاطئ”.

ويبدو أن الأدلة تدعم هذه النظرية، فلوحة الفنان المماثلة والتي تحمل اسم “نيويورك سيتي”، معلقة في متحف “بومبيدو” في باريس بحيث تكون كثافة الخطوط في الأعلى.

وبالإضافة إلى هذا، تُظهر صورة لمشغل الفنان الهولندي، التقطت بعد أيام من وفاته، اللوحة ذاتها معلّقة على حامل باتجاه معاكس.

ولد بيت موندريان في منطقة أوترخت في هولندا عام 1872، وينظر إليه على أنه واحد من أعظم فناني القرن العشرين، ورائد الأسلوب التجريدي الحديث، البسيط والتعبيري في الرسم.

وكان مؤسس مجموعة وحركة “دي ستيل” الفنية. وفي بحثه عن “الجمال الكوني”، طوّر شكلاً غير تمثيلي، تحول إلى مصطلح “نيوبلاستسيم”.

اختبر الرسم التكعيبي مع انتقاله إلى باريس عام 1911، لكن اسمه حاليا يعتبر مرادفاً لتيار الحداثة.

وتركت أعماله تأثيراً كبيراً، ليس في عالم الفن فحسب، بل في ميادين التصميم والهندسة المعمارية والأزياء.

ويرى أمناء متحف دوسلدورف في إعادة تسليط الضوء على سلسلة أعماله “نيويورك سيتي”، المنجزة بين 1941 و 1942 – قبل نحو عامين من وفاته عن عمر 71 ناهز عاماً، “ثورة في مفهوم موندريان الصارم للشكل الكلي”.

ويصفها أمناء المعرض بأنها “إيقاع حيوي وديناميكي للخطوط الملونة، الأحمر والأزرق والأصفر، التي حلّت محل اللغة التصويرية المخففة جذريًا مع البنية الهندسية، مع تقليل الألوان الأساسية أيضًا كالأسود والأبيض”.

ما الفن التجريدي؟

يعمل الفن التشكيلي على نقل الواقع بالصورة التي يوجد عليها بالفعل، وبالتالي فهو يعتبر أكثر وضوحًا من الفن التجريدي، كما سنرى ذلك، وهو يتركب من عناصر وأشكال فنية، ويمكن تمييز الأجسام والشخصيات والتعرف عليها في لوحاته بكل سهولة من الوهلة الأولى.

أما الفن التجريدي فهو أكثر غموضًا من الفن التشكيلي، حيث إنه يقوم برسم الواقع من ناحية أبعاد أخرى، وذلك ما يجعل الناظر إلى اللوحة لا يقدر على تمييز أشياء واضحة بها على عكس الفن التشكيلي الذي يمكن من خلاله التعرف على كافة العناصر الفنية التي توجد في اللوحة، لكن تأثيرهما على الإنسان لا يختلف كثيرًا.

ويضم الفن التجريدي عدة أنواع، أهمها، حسب موقع الوفاق:

+ الرؤية التجريدية المطلقة

بدأ هذا النوع من الفن التجريدي بالظهور بدايةً من عام 1910م.

يمتلك أصحاب هذا النوع رأي خاص بهم فقط، حيث أن اعتقادهم الراسخ لديهم والذي يؤمنون به هو أن الفن التشكيلي أو الفن بصورة عامة لا يقتصر دوره فقط على تخليص التفاصيل من الأشياء، وإعادة تشكيل الأشياء التي يتمكن الفنان من رؤيتها حوله في الطبيعة، بل يرون أن الحقائق المطلقة من الممكن أن يتم التعبير عنها بمنتهى الوضوح.

الاعتماد الأساسي في هذا النوع لإظهار الفن يكون على الخطوط سواء الأفقية أو العمودية، بالإضافة إلى الألوان الرئيسية.

+ الرؤية التجريدية التكعيبية

هو أحد أنواع الفن التجريدي أيضًا، ويرجع ظهوره لأول مرة إلى عام 1908م بمدينة باريس بفرنسا.

بلغ هذا النوع ذروته عام 1914م، وأصبح من أشهر الأنواع، وحتى وقتنا هذا يتم استخدامه في عدة أماكن مختلفة، ويعتمد عليه الغالبية العظمى من الفنانين على مستوى العالم.

+ الرؤية التجريدية التعبيرية

هو آخر أنواع الفن التجريدي، واتخذ أصحابه منهج خاص بهم فقط، حيث اهتموا كثيرًا بإظهار مشهد محدد وإبرازه، فيقومون بالرسم من خلال استخدام الألوان.

أصحاب هذا النوع كانوا من أول الأشخاص الذين اهتموا باستخدام الفرشاة لإظهار الألوان بشدة في اللوحات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *