أدب وفنون

منع في أيام قرطاج السينمائية.. “قدر” فيلم تونسي يتناول عالم الشبكات السرية

تحتضن القاعات السينمائية التونسية منذ الـ19 من أكتوبر الجاري الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة التونسية إيمان بن حسين “قدر”، وهو من بطوله عدد من النجوم أبرزهم مهذب الرميلي، وجيهة الجندوبي، تقلا شمعون، معز القديري، رياض حمدي ورابعة السافي.

ويحكي فيلم “قدر” طيلة حوالي 100 دقيقة قصة طبيب تشريح يدعى “الحفناوي” تم تجنيده منذ طفولته من قبل شبكة سرية تعمل على تسيير قدر الشعوب من أجل تنفيذ مخططاتها التي لا يعلم عن تفاصيل أجنداتها، قبل أن يعيش صراعا داخليا بسبب عدم قدرته على تنفيذها ويحاول الانسلاخ منها والبحث عن إنسانيته.

وحظي فيلم “قدر” بعد مرور أيام قليلة على عرضه في القاعات السينمائية التونسية على إشادات كبيرة من قبل الجمهور والنقاد بسبب جرأته في التطرق لعدد من المواضيع المجتمعية والسياسية التي تعاني منها جميع الدول العربية، وهو يفسر عدم ترحيب أيام قرطاج السينمائية التي افتتحت فعاليتها يوم الـ29 أكتوبر الجاري بوضعه ضمن برمجتها الرسمية، وعلى غرارها عدد من المهرجانات العربية وفق ما صرحت به مخرجته إيمان بن حسين.

وفي تصريح لموقع “عربي 21″، قال الفنان التونسي مهذب الرميلي، الذي جسد شخصة الحنفاوي: “أرهقني هذا الفيلم على المستوى النفسي أساسا أوّلا على اعتبار التركيبة النفسية للشخصية والصراع الكبير بين موروث الشخصية، بين تاريخها وحاضرها، بين تأثير فترة الطفولة على نفسيته والوضعية الآنية للشخصية، بين بقايا الأحاسيس الإنسانية وبين النمط الآلي الذي أًصبح مجبول عليه. وفي كل مرة تتحرك داخله المشاعر الإنسانية”.

وأضاف الرميلي: “لقد أغرتني القضية والموضوع الذي يتناوله الفيلم. وأعتقد أني تغلبت على الصعوبات حول طبيعة الشخصية. وفخور أني شاركت في عمل يتناول الوضع العربي والوضع التونسي على مستوى؛ لأنّ هذا يضاف لي ولسيرتي الذاتية والفنية. والفن هو جرأة بالأساس، والفنان لا بد أن يكون في أول صف وحامل شعلة. لا أستطيع أن أكون فنانا وجبانا في الوقت ذاته”.

وتابع ذات المتحدث: “صراحة، كل المشاهد كانت متعبة.. ممكن نفسيا.. ممكن المشهد الذي عاد به إلى منزله الذي ترعرع فيه كان صعب جدا على المستوى النفسي.. فعودتي لذلك المكان ليس فيه تباعد بين الشخص والشخصية بمفهوم المعايشة.. كان صعب جدا أن نتبنى الشخصية؛ فالمشهد كان مدمرا على المستوى النفسي حقيقة”.

وحول مدى صعوبة تحويل الحقائق أو المشاهد الواقعيّة إلى مشاهد درامية، اعتبر الرميلي في حديثه لـ “عربي 21″أن : “تحول الحقائق إلى عمل سينمائي: أوّلا يلزم دراية مفصلة بتلك الحقائق، ولا بد أن تكون الحقائق ضرورية دراميا وليست مسقطة. البناء الدرامي يكتمل بتلك الحقائق، وضع الحقائق في إدارة السياق الدرامي حتى لا نسقط في التوثيق، ثم أيضا شكل تقديم الحقيقة التاريخية غير الحقيقة الفنية. العمل التوثيقي نقل الحقيقة التاريخية كما هي، أما استثمار الحقيقة التاريخية في العمل الدرامي، فهو استثمار لروح الحقيقة وليس للحقيقة كما هي”.

من جهته، قال المنتج الأدرني عبد العالي الشميري، إن الدافع وراء إنتاجه لفيلم قدر هو “قرب موضوعه من هموم الناس، وما يشغل تفكيرهم وهم يبحثون عن تفسير لما يرسم مصائرهم ويتحكم في حاضرهم ومستقبلهم، وهل هناك أفراد أو كيانات تطوع إمكانيات ومقدرات الأمم لما يصب في مصلحة مجموعة محدودة (كما تصر بعد القصص على وصفه)، أم أن المنفعة المتحصلة من الحراك السياسي والاقتصادي والمجتمعي تصب في مصلحة عموم المواطنين؟”.

وردا على سؤال لـ” عربي 21″ حول امكانية تعرض الفيلم للتهديد أو رفضه من قبل المنظومة العربية الرسمية، قال الشميري: “حقيقة لم يكن لدينا قلق من قبول المنظومة العربية الرسمية لهذه القصة ولهذا الفيلم، أو بالأحرى أن تقف في وجه نجاحه المتمثل في وصوله للجمهور. أبرز ما كان يشغلنا هو قبول المشاهد العربي للقصة وتفاعله معها، ونحن نعرف أن المشاهد العربي هو بالعموم مشغول بالسياسة منذ عقود، ومع موجات الربيع العربي، وما أعقبها من توترات زاد من بحثه عن إجابات لواقعه وسبل خلاصه وتقدمه”.

وزاد المنتج الأردني: “رفع سقف أي عمل إبداعي هو من عوامل حضوره وانتشاره بين الناس، خاصة أننا لا نتجاوز بحق المجتمع ومعتقداته، وبالتالي من متطلبات تقديم الجديد والإبداع هو دفع الحدود الفنية والفكرية وحتى سقف الحرية في هذه الأعمال، خاصة إذا كان هذا الدفع نابعا من داخل المبدع نفسه (الكاتب أو المخرج)، ومن تجارب وأسئلة شخصية لديه، وهذا ما حصل في فيلم قدر”.

واعتبر عبد العالي الشميري، أن “الواقع والتاريخ العربي معقد، وفيهما من التحديات والقصص وحتى البطولات ما تجعلهما مادة غنية لكتابة الأفلام وتحميلها بقضايا النقاش، وهو ما تعمل عليه شركتنا في الفترة القادمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *