موطني مغربي من الواجب أن نحبك جميعا

تخاصم الفلاسفة واختلفوا حول أسرار محبة الأوطان. كانت هناك صراعات بإسم وطن وعاشت البشرية بشاعة الحرب العالمية الأولى والثانية و ما قبلها وحدث ما حدث. وجاءت بعدها صراعات ايديولوجية ولكن قدسية حب الانتماء إلى أرض وتاريخ وتقاليد لا يمكن إلا أن يقدس حب الأوطان.
هكذا تحتفل الشعوب على مسرح التاريخ وتهدي للمستقبل عرى توثيق حب الانتماء. أتذكر ذلك المساء من صيف 1986 حين أبدع عزيز بو دربالة وميري كري كريمو و التيمومي والهداف خيري و الزاكي و العميد بويحياوي و المايسترو المرحوم ضلمي و خليفه ولمريس وكل الأسود. في تلك السنة لم تكن العاصمة الرباط تعرف التمدد الذي تعرفه الآن. حي الرياض كان في بدايته قبل أن يصبح مركزا للعاصمة.
خرجت صحبة حفيدي المفتون بكرة القدم والعارف بالمجموعات التي تتنافس للوصول إلى دوري الثمانية بكل شغف و محبة في الاشتراك في الإحتفال من أجل أن يتملك ذكرى حدث جميل. كانت أسئلته لي مليئة بأسباب هذا الإحتفال العظيم الذي غير الجغرافيا وجعله يؤكد لي أن السياح اكتسحوا المدينة. قلت له بكثير من التبسيط أن أمه رافقتني إلى الاحتفال في سنة 1986 وهي لا زالت في رحم أمها، و لكنه لم يحفل بالموضوع.
المهم هو أنه كان منتشيا بلباسه الأحمر القاني و تلك النجمة الخضراء التي تتوسطه. كان يصرخ بأعلى طبقات صوته ” ديما مغرب” وهو يشاهد كل مظاهر الإحتفال العفوي في محيطه. كان يتمنى أن يكون غده عطلة، لكنه يعلم أنه سيستيقظ باكرا قبل شروق الشمس لحضور دروسه في المدرسة. لكنه نام والفرحة تسكنه و هو يمني نفسه بالانتصار المقبل.
ما سر و سحر هذه المستديرة التي جعلت من أبناء المغرب الجمهور الأكثر تميزا في قطر و قبلها في موسكو. نعم نعشق كرة القدم ولكن العشق الأول و الأكبر هو ذلك الذي يحمله المغربي من الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب وحتى ذلك المحتجز في تندوف و المغترب في القارات الخمس. السر كبير والسحر أكبر والحب عميق و التذكر حقيق وكلمة الأسرار تعلق بمجد تليد و عتيق.
إنه سر الأسرار ذلك الذي يربط إنسانا بحدث جميل و يرفعه مكانا عليا. خيري نفذ بمنتهى البراعة خطة رسمها زملاءه وجعل الكل يهتف في وسط الرباط ” فاريا و وليداتو… حتى فرقة ماغلباتو “. في هذا اليوم البهيج رفع اخوان الركراكي الراية المغربية بكثير من الافتخار و العفوية. لاحظنا جميعا كيف اقترن التوفيق بأبن البلد الذي يدرب الفريق بقلبه و بمهنيته لا بمقتضى عقد يحدد شروط تكليفه بمهمة. أبناء المغرب يعرفون كيفية إتقان صناعة السدود في ميدان كرة القدم و كفى. يا ليت كل مدافع عن حقوق المغاربة يستجلب السبل من ميادين كرة القدم. العطاء لديهم ليس رهين انتخاب أو انتماء لحزب أو سعي وراء مصلحة دنيوبة، أنه تعبير بالجهد والعرق عن انتماء لوطن إسمه المغرب ” منبث الأحرار “. وأبناء هذا الوطن متشبتون بالحرية التي ترفع من شأنه . وشكرا لكل من يسعى لرفعة ” منتدى السؤدد” و يشهدون ألله أننا نحيا في هذا البلد ” بشعار الله، الوطن، الملك “.
اترك تعليقاً