مجتمع

التقاليد والشرف والاغتصاب.. هذه 10 مبررات يعتمدها القضاة لتزويج القاصرات

كشفت دراسة أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمعية صندوق الأمم المتحدثة للسكان بالمغرب، وجرى تقديم نتائجها، الاثنين، عن 10 مبررات يعتمدها القضاة للموافقة على طلبات تزويج القاصرات، من بينها التقاليد والأعراف والخوف من وقوعها في علاقة جنسية خارج إطار الزواج.

ويتعلق المبرر الأول، بحسب الدراسة التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، بـ”تزويج الطفلة مراعاة للتقاليد والأعراف”، حيث أشارت إلى أنه فـي كثيـر مـن طلبـات تزويـج الطفـلات يسـتند فيها أصحاب هـذه الطلبات على الأعـراف والتقاليـد بالمنطقـة والتـي تقتضـي تزويـج الفتيـات فـي سـن مبكـر تحصينـا لهـم، أو خوفـا من فقـدان فرصـة الـزواج.

وجاء ضمن دراسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن فـي بعـض المقررات القضائيـة يتم الاعتمـاد علـى الأعـراف والتقاليـد لإصـدار هـذه الأذون خاصـة خـلال الفتـرة الزمنيـة الأولـى لإصـدار مدونـة الأسـرة، وكذلـك بالمناطـق التـي تعـرف انتشـارا للـزواج المبكـر، حيـث يتـم تعليـل صـدور الاذن بعبـارات مـن قبيـل «وحيـث أن العـرف فـي مثـل هـذه المناطـق يعـزز زواج البنـت بمجـرد بلوغهـا مثـل هـذا السـن».

وبخصوص المبرر الثاني، والمتعلق بـ”تزويج الطفلة التي تعاني من اليتم أو غياب الأب”، فقد أوضحت الدراسة، أن بعـض الطلبـات المقدمـة إلى أقسـام قضـاء الأسـرة تسـتند علـى الظـروف الاجتماعيـة للطفلة التـي ترغب أسرتها في تزويجهـا، كالحالـة التـي تعانـي فيهـا من اليتـم، أو وفاة أحـد الوالدين.

وبحسب المصدر ذاته، فغالبـا ما تسـتجيب المحاكم لهـذه الطلبات متى كان سـن الطفلـة قريبـا مـن سـن الرشـد القانونـي، وتوفـرت باقـي الشـروط الأخـرى، فـي المقابـل يلاحـظ أن القضـاء يرفـض منـح الإذن بتزويـج الطفلـة فـي الحالـة التـي يغيـب فيهـا الأب دون أن تنتقـل النيابـة القانونيـة لـلأم بشـكل قانونـي.

أما المبرر الثالث، فيتعلق بحسب الدراسة بـ”تزويج الطفلة بسبب القرابة”، حيث تسـتند بعـض الطلبـات المقدمـة إلى المحاكـم علـى وجـود مصلحـة للطفلـة أو الطفـل بتزويجهمـا مـن أحـد الأقـارب، وغالبـا مـا يتـم الاسـتجابة إلى هـذه الطلبـات مـن خـلال اعتمـاد حيثيـات مـن قبيـل: «وحيـث أن الخاطـب ابـن عمهـا، وكثيـر المخالطـة بهـم، وأن المخطوبـة قـادرة علـى الـزواج والأمومـة، وأن الخاطـب كـفء لهـا..».

ويتعلق المبرر الرابع، بـ”تزويج الطفلة لأسباب اقتصادية لضمان مستوى عيش أفضل”، حيث تشير الدراسة إلى أنه أحيانـا يفسـر العمـل القضائـي شـرط مصلحـة الطفلـة مـن ناحيـة ماديـة ويعتبـر أن تزويـج الطفلـة مـن شـأنه ضمـان عيـش أفضـل لهـا، خاصـة حينمـا تكـون منحـدرة مـن أوسـاط هشـة وفقيـرة، ويكـون الخاطـب ميسـور الحـال.

وجـاء فـي أحـد المقـررات القضائيـة، تضيف الدراسة ذاتها: “وحيـث أن مصلحـة القاصـرة أعـلاه فـي الـزواج تبقـى قائمـة بالنظـر إلـى المعطيـات السـالفة الذكـر خاصـة وأن الـزوج لـه دخـل محتـرم مـن شـأنه أن يوفـر لهـا حاجياتهـا الخاصـة وحاجيـات الأبنـاء”.

فيما يتعلق المبرر الخامس بـ”تزويج الطفلة بسبب عدم التمدرس أو التسرب المدرسي”، حيث لاحظت الدراسة مـن خـلال عـدة نمـاذج لمقـررات قضائيـة وجـود توجـه عـام يرمـي إلى رفـض طلبـات تزويـج الطفـلات إذا كانـوا يتابعـن دراسـتهن، وقـد أدى هـذا التوجه ببعـض أولياء أمور الفتيـات إلى إرغامهن على الانقطاع عن الدراسـة.

ووفقا للمصدر ذات، فقد أصبحـت شـهادة الانقطـاع عـن الدراسـة وثيقـة مـن بيـن الوثائـق التـي يدلى بهـا في ملـف طلب تزويـج القاصـر، وهو مـا يبـدو مـن خـلال عـدة مقـررات قضائيـة اعتمـدت علـى منـح الإذن بالتزويـج علـى كـون الطفلـة لا تتابـع دراسـته.

فـي المقابـل، أشارت الدراسة إلى وجود مقـررات قضائية تعتمـد لمنح الإذن بتزويـج الطفلة على مبرر عدم تمدرسـها وفي هذا السـياق جـاء فـي مقـرر قضائـي: “… وحيـث إن عـدم تعلم البنـت لا يعد مبـررا للحرمان مـن الزواج قبـل اكتمـال الأهلية وفق 2 مـا ذهـب إليـه المقـرر المطعـون فيـه لأن نجـاح الـزواج أو فشـله لا يرتبطـان بالضـرورة بأميـة أو تعليم…”.

وبخصوص المبرر السادس، فيتعلق بـ”تزويج الطفلة لبلوغها «سن الزواج» الواقعي وليس القانوني”، حيث تشير الدراسة إلى أنه بالرغم من أن مدونة الأسـرة لـم تحـدد سـنا أدنـى للـزواج، إلا أن الممارسـة القضائيـة فـي غالبيـة أقسـام قضـاء الأسـرة اهتـدت الـى تحديـد السـن الأدنـى للـزواج مـا بيـن 16 و17 سـنة، مـع إمكانيـة النـزول الى سـن 15 سـنة في حـالات نادرة.

أما المبرر السابع، فيتعلق بـ”تزويج الطفلة لكونها أصبحت ناضجة وتتحمل أعباء الزواج”، حيث سجلت الدراسة، أن عـددا مـن الطلبـات يسـتند فيهـا الآبـاء علـى مبـرر نضـج الفتـاة، ويلاحـظ أن هـذا المبـرر يختلـف عـن مبـرر السـن، كأن يكـون سـن الطفلـة أقـل مـن 16 سـنة، ويدعـي أوليـاء أمورهـا بأنهـا ناضجـة بشـكل أكبـر مـن السـن المدون فـي سـجلات الحالـة المدنيـة، ويسـتند أصحـاب هـذا المبـرر فـي كثيـر مـن الأحيـان علـى تصـورات ثقافيـة تجعـل مـن معيـار النضـج معيـارا متميـزا عـن معيار السـن.

فيما يتعلق المبرر الثامن بـ”تزويج الطفلة خوفا عليها من الوقوع في علاقة جنسية خارج إطار مؤسسة الزواج”، وهنا لاحظت الدراسة، أن عـددا مـن الطلبـات المقدمـة الـى المحاكـم للحصول علـى اذن بتزويـج الطفـلات تعتمد على مبـررات من قبيـل الخـوف عليهـن مـن العنـت أو الوقـوع فـي المعصيـة أو الفسـاد.

وسجلت الدراسة أن عـددا مـن المقـررات القضائيـة التي تسـتجيب للطلـب تعتمـد علـى نفـس هـذا المبـرر، حيث يتـم تبرير شـرط المصلحة فـي الخوف مـن دخـول الطفلة في علاقـة جنسـية خـارج إطار مؤسسـة الـزواج، وتعتمد لذلك عدة مبـررات من قبيـل «الاتقاء مما يخشـى معه العنت أو مـا تتطلبـه المحافظـة علـى العفـة والشـرف والحمايـة والإحصـان مـن الوقوع في الفسـاد».

ويتعلق المبرر التاسع، ضمن المبررات المعتمدة لتزويج القاصرات من طرف القضاة بـ”تزويج «الطفلة» المغتصبة من مغتصبها”، حيث وقفـت الدراسـة علـى نماذج من طلبات تزويج الطفـلات التي يكن ضحايا اغتصاب أو تغرير أو علاقة جنسـية خارج إطـار مؤسسـة الـزواج أو حمـل غيـر مرغـوب فيه، والملاحـظ أن غالبيـة هـذه الطلبات تكـون مغلفة بدواعـي أخرى- غيـر حقيقيـة- كرغبة أسـرة الطفلة فـي إحصانها، ولا يتم الإشـارة في المقـال الافتتاحي لكون الطفلـة ضحية اعتداء جنسي.

وبحسب الدراسة ذاته، فغالبـا مـا يتـم الكشـف عـن هـذا المعطـى عنـد جلسـة البحـت الاجتماعـي، حيـث تصـرح بـه الطفلـة طواعيـة عنـد الاسـتماع اليهـا على انفـراد، أو يصرح بذلـك أحد والديهـا، للضغط «معنويا» علـى المحكمة لمنـح الإذن بتزويج الطفلـة، وفـي أحيـان أخرى يتم الكشـف عن ذلك حينما يأمر القاضي باسـتدعاء الخاطب للتعرف عليه، وتضطر أسـرة الطفلـة للبـوح بكون الخاطب يتواجد بالسـجن، وفي أحوال أخرى يتم الكشـف عن هذا المعطـى نتيجة الخبرة الطبية التـي تفيد بـأن الطفلة تعرضـت لاغتصـاب، أو أنها حامل.

فيما يتعلق المبرر العاشر والأخير بـ”تزويج الطفلات بشكل قانوني حماية لهن من مخاطر الزواج غير القانوني”، وتشير الدراسة إلى أنه قـد لا يظهـر هذا السـبب ضمـن تعليلات المقررات التي تم الوقـوف عليها، لكنه يعتبر عاملا ضمنيـا أكدته المقابلات التـي تمـت مـع أطـراف الاستشـارة فـي إعداد هـذه الدراسـة والتـي كشـفت علـى أن نسـبة كبيـرة مـن قضـاة الأسـرة المكلفيـن بالـزواج، يفضلـون الاسـتجابة إلى طلبـات تزويـج الطفـلات، حمايـة لهن مـن مخاطـر تزويجهن بشـكل غير قانونـي عـن طريـق مـا يسـمى زواج الفاتحة، وهـو زواج لا يضمـن لهن أي حقـوق، خاصة بعـد انتهاء الأجـل المحدد لسـماع دعـوى الزوجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • سليم
    منذ سنة واحدة

    زواج القاصرات تجربة ناجحة منذ الأزل