أخبار الساعة، مجتمع

“الأمازيغية من خلال وثائق مرجعية”.. إصدار جديد يغني الخزانة الأمازيغية بالمغرب

صدر مؤخرا بالمغرب، كتاب جديد عن الأمازيغية بعنوان: “الأمازيغية من خلال وثائق مرجعية.. مساهمة في تعزيز الوعي الثقافي والقانوني، من أجل تملك واع للقضية”، ألَّفه الكاتب يحيى شوطى، وهو باحث مغربي متخصص في اللسانيات الاجتماعية والتخطيط اللغوي.

الكتاب الذي صدر عن منشورات وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة، يضم 58 وثيقة قانونية وتنظيمية مرتبطة بالأمازيغية ما بين سنة 1914 إلى سنة 2021.

والكاتب هو مستشار رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، المكلف بملف الأمازيغية، حيث كشف أن اشتغاله على هذا الملف ولّد لديه الرغبة في جمع مواد هذا الكتاب، قصد توفير مادة تاريخية أرشيفية ستشكل مرجعا للمهتمين بالأمازيغية.

واعتبر شوطى أن مهمته بجانب رئيس الحكومة السابق، جعلته يلاحظ أن أول عقبة تعترض أي مهتم بالأمازيغية ومساراتها، هو افتقادها لأي كتاب يضم مختلف الوثائق الرسمية التي تشكل مرجعيات في مختلف المجالات ذات الصلة بالأمازيغية، وهو ما شجع الباحث لخوض هذا التحدي، وهو نفس التحدي الذي سبق ودفع الكاتب إلى تأليف الكتاب الأول الذي وُسِم بـ”ئيژنژارن ن ؤوغانيب: دراسات في الأمازيغية والثقافة”.

ويرى الكاتب أن الأمازيغية تُعد من اللغات التي صمدت آلاف السنين على الرغم من التحديات السياسية والثقافية والاجتماعية التي عرفها المغرب عبر تاريخه الطويل.

وأشار إلى أن ذلك قد يعود جزئيا إلى كونها لغة سكان المغرب الأصليين، لكنه يرتبط أيضا بامتلاك الأمازيغية لمؤهلات تجعلها قابلة للاستمرار والتجدد، دون القفز على حقيقة ما بات يتهدد الأمازيغية من تهديدات ليس أقلها تصنيفها ضمن اللغات المهددة بالانقراض.

وأوضح أن تناول القضية الأمازيغية لابد له أن يكون في شموليتها كقضية هوية ثقافية حضارية متكاملة الأبعاد، مشيرا إلى أن التنوع الثقافي واللساني حقيقة واقعة بالمغرب، لا تحتاج إلى إثبات، ولا أظن أن هناك من ينكر ذلك.

وتابع قوله: “لكن هذا التنوع في الوقت نفسه وحدة، وحدة لحمتها التاريخ والتراث والدين وغيرها كثير. وفي إطار هذه الوحدة فإن تراث المغرب- ملك لكل المغاربة- والاعتناء به واجب كل واحد منهم”.

وأضاف في تقديمه للكتاب: “لقد عاشت الأمازيغية منذ تأسيس أول إطار مدني سنة 1967 إلى التوقيع على ميثاق أكادير سنة 1991، محطات هامة ومفصلية كانت بمثابة نقاط تحول هامة في مسار القضية. وقد شكل أرضية مهمة يمكن الوقوف عليها لرصد تحول الوعي والعمل على القضية الأمازيغية”.

وأردف: “في نفس السياق شهدت “الحركة الأمازيغية” تطورات وتموجات في عملها المطلبي، وأنتج العديدون من أبنائها أعمالا مهمة في المجال الثقافي والجمعوي والإعلامي وفي البحث الأكاديمي”.

ويرى شوطى أن مطلب دسترة اللغة الأمازيغية شكل رهانا سياسيا في المقام الأول ضمن البرنامج النضالي للحركة الأمازيغية، وجاء النضال للنهوض بالثقافة الأمازيغية بوصفه جوابا طبيعيا على الوضعية التي عاشتها الأمازيغية هوية ولغة وثقافة.

وفي المحصلة، يضيف المتحدث، “يمكن القول إن الأمازيغية استطاعت من خلال مسيرة ربع قرن ونيف أن تراكم عدد من المكتسبات من مختلف الجوانب، ولعل تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية 2001، وتأسيس القناة الثامنة 2010، وإدراج الأمازيغية في منظومة التعليم العالي منذ سنة 2006 بالنسبة لسلك الماستر، وبالمقابل انطلق العمل بمسلك الدراسات الأمازيغية منذ الموسم الجامعي 2007/2008، وغيرها من المسالك الجامعية بجامعات أخرى، أسفر عن دسترة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للدولة في دستور 2011”.

ولفت إلى أن هذا المقتضى الدستوري الجوهري الذي جعل من الأمازيغية رصيدا مشتركا لكل المغاربة، مما يضع الجميع دون استثناء، أمام المسؤولية الوطنية المتمثلة في الحفاظ عليها. كل هذه المكتسبات تعكس حجم التحول الايجابي تجاه الأمازيغية.

واعتبر أن هذه الأمور التي تحققت رغم أهميتها، لا تنفي أن إعادة الاعتبار للأمازيغية باعتبارها ورشا وطنيا مهما، لا يزال في أمس الحاجة لتظافر جهود كل الخيرين والوطنيين من أجل تجاوز عثرات الماضي واستحضار تحديات الحاضر من أجل استشراف قوي ومتبصر لمستقبل أفضل للأمازيغية.

كما أن تقييم تطور خطاب الحركة الأمازيغية عبر العقود الأخيرة من الزمان شيء مهم وضروري، لتفادي ما يمكن أن يشوش على الأهداف والمقاصد التي رامت إلى تحقيقها عبر عملها المتواصل ونضالها المستميت. وهو ما يستلزم طرح عدد من الأسئلة الموجِّهة حول مستقبل الفكرة الأمازيغية في تطور وامتداد مسارها، وفق تعبيره.

ويقول شوطى، إن “رغبتي وحرصي على جمع مواد هذا الكتاب، هي رغبة نابعة في توفير مادة تاريخية أرشيفية ستنفع كل مهتم بالأمازيغية. كما أنني استلهمت فكرة جمع مواد هذا الكتاب، خلال اشتغالي كمستشار للسيد رئيس الحكومة خلال الفترة ما بين 2017-2021”.

وأضاف: “لاحظت أن أول عقبة تعترض أي مهتم بالأمازيغية ومساراتها، هو افتقادها، للأسف الشديد، لأي كتاب يضم مختلف الوثائق الرسمية التي تشكل مرجعيات في مختلف المجالات ذات الصلة بالأمازيغية، وهو ما شجعني لخوض هذا التحدي، والذي لا أخفي أنني عشته بلذة عارمة، وبلهفة جامحة، لاحظها كل من عاش معي مخاض هذا الكتاب”.

وتابع قوله: “لا مندوحة من القول إن مستقبل الأمازيغية لا يمكن أن يصل مداه المنشود بدون مساهمة الجميع، من مؤسسات الدولة، وأحزاب ومسؤولين ومنظمات كمسؤولية وواجب وطني استراتيجي لا مكان فيه للتمييز بين الناطقين بالأمازيغية وغير الناطقين بها، يروم تحقيق مجتمع متوازن تضمن فيه حقوق المواطنة والديمقراطية، ومن شأنه في نفس الوقت ضمان استمرار المغرب التاريخي والحضاري في انسجام خلاق مع هويته الجامعة وحضارته المتجذرة”.

وشدد على أن الأمازيغية اليوم في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى الالتفات إلى عمق الإشكالات الحقيقية التي تخدم جوهر القضية الأمازيغية، والابتعاد عن هوامش القضايا وحواشيها، للإسهام الجاد والقاصد لتعزيز وترصيد كافة المكتسبات التي حققتها الأمازيغة.

وختم المؤلف قوله: “لا يسعني إلا أن أجدد الشكر للصديق المناضل ناصر الرامي على كل أياديه البيضاء في مساعدتي في الجوانب الفنية لإخراج هذا الكتاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *