وجهة نظر

البرلمان الأوروبي.. معايير مزدوجة في حقوق الانسان بين ستراسبورغ وبروكسيل!

عبد الله بوصوف يستعرض تحولات الهجرة وإشكاليات اليمين المتطرف في أوروبا أمام السفراء المعتمدين بالمغرب

أعلن المغرب في أكثر من مناسبة وبأكثر من طريقة أنه يعيش مغربا جديدا، على مستوى الإصلاحات الدستورية أو البناء الديمقراطي أو مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية.

كما رسم بأكثر من لغة وبأكثر من لون خطوطه الحمراء واحداثيات التعاون والشراكات الاقتصادية التي تحترم الشخصية التاريخية وجغرافية المغرب.

اليوم،  ونحن نسمع عن فرقعات إعلامية من هنا أو تشويش قضائي من هناك، فإننا نتأكد اننا نتعرض لهجوم على مؤسساتنا وعلى مقدساتنا، .ونتعرض لعمليات ابتزاز مدروسة وصل الأمر إلى توضيف مؤسسة البرلمان الأوروبي، بتخصيصها لجلسة هي الأولى من نوعها من أجل تدارس حقوق الصحافة ومعها حقوق الانسان، عمر الراضي نموذجا.

ولم نجد لكل هذه البهرجة الإعلامية تعليلا منطقيا لتصويت البرلمان الأوروبي يوم 19 يناير الجاري لقرار ينتقد أوضاع الصحافة وحقوق الانسان بالمغرب، بحضور 430 برلماني فقط إلى ستراسبورغ مع ان أعضاء البرلمان هو704، أوعندما عرى النائب الأوروبي الفرنسي “تيري مارياني” عن حزب لوبان، عن الوجه البشع لبعض المشرعين الأوروبيين واستفادة برلمانيي اليسار الاوروبي من أموال غاز سونطراك.

وقد يعتقد البعض أن منطلقنا في انتقاذ قرار جائر هووطني فقط، بل نحن نذهب أبعد من ذلك بكثير ونناقش مضمون القرار الفاضح لكل جوانب الابتزاز والجبن لنواب اوروبيين تعودوا على الهدايا القيمة من سونطراك، فكيف لمجموعات سياسية تنتحل دور الدفاع عن المواطن المغربي عمر الراضي، مع ملاحظة ان بعض أعضاء تلك المجموعات السياسية المحركة للقرار داخل برلمان ستراسبوغ هم ايضا أعضاء في لجنة تقصي الحقائق الخاصة بيغاسوس (38 عضوا)، واذا عملنا ان الصحافي عمر الراضي هومحسوب على الصحافة الاستقصائية التي قامت بتفجير تلك القضية، فإن عنصر الحياد ينتفي إذا علمنا أن البعض منهم حاول اقحام المغرب في ملف بيغاسوس وهوما جعل المغرب يرفع دعوى قضائية في حينه ضد تلك المنابر الأوروبية.

وستفضح الفقرة c نوايا المصوتين ضد المغرب من خلال اقحام اسم الصحافي الاسباني Ignacio cembrero وهوالمعروف بعداءه وبعمالته لصالح جهات معادية، وقولها بتعرضه لمضايقات قضائية في إشارة للدعوى القضائية التي رفعها ضده المغرب (جلسة 13يناير)، وهوما يعني ان الأمر لا يتعلق بالصحافي عمر الراضي، ولكن “بماكينة إعلامية” قذرة هدفها هوابتزاز وتشويه صورة المغرب.

أكثر من هذا، فعقد الشراكة المغربية الاوروبية لا يعني فرض الوصاية عليه والتشكيك في مرفق العدالة المغربية، وخرق مبدأ استقلالية القضاء وفصل السلط، إذ المعروف ان المواطن “عمر الراضي” هومتابع على خلفية جرائم عادية واستهلكت جميع مساطر التقاضي واحترام شروط المحاكمة العادلة كما تنص عليها الاعراف الدستورية والقضائية، وبذلك فإذا كان المصوتين الـ 353 “يحبون” الصحافي عمر الراضي، فإن 40 مليون مغربي بالداخل والخارج يطالبونهم بالاستماع إلى صوت ضحية عمر الراضي وزميلته الصحفية “حفصة. ب” وبجبر ضررها النفسي من جريمة الاغتصاب والتشهير بها.

لكن كيف لاولئك المصوتين في ستراسبورغ إعطاء المغرب دروسا في إحترام حقوق الإنسان الصحافة والمرأة، ويتفادون في نفس اليوم أي 19 يناير، سماع صراخ واستغاثة النائبة الاوروبية اليونانية Eva kaili والمقالة من منصب نائب رئيس البرلمان الأوروبي على خلفية ” قطر غيت”، إذ مافتئت تشتكي من ظروف اعتقالها وزنزانتها الباردة وغياب الانارة ليلا واستحالة الاستحمام منذ يوم اعتقالها في 9 دجنبر، فأين ضميرهم من توسلات أم يتم ابتزازها بإبعاد رضيعتها ذات 22 شهرا دون رؤيتها؟ كيف سيبرر مشرعوا البرلمان الأوروبي وصف Eva kaili لظروف اعتقالها بأنها تعذيب يشبه أوروبا العصور الوسطى؟ كيف يكيل نفس البرلمان قضايا حقوق الانسان والصحافة بمكيالين مختلفين بين بروكسيل وستراسبورغ؟

وسيزيد القدر في إذلالهم، اذا علمنا ان المتهمة Eva kaili هي في نفس الآن نائبة برلمانية وصحافية وأم، فلماذا لم تشفع لها كل هذه الصفات في ظروف تحقيق قانونية وعادلة؟

فكلما امعنا في قراءة القرار، نزداد يقينا بالهجوم المبرمج على المغرب وإبتزازه من خلال سرد أسماء أخرى، قال القضاء في ملفاتهم كلمته الأخيرة، وهي بهذا تحاول زعزعة استقرار المغرب من خلال التشكيك في قضاءه!

فقرار البرلمان الأوربي المنتقد لوضع الصحافة والمطالب بتخصيص معاملة خاصة للصحافيين، .يحمل في طياته تمييزا بين المغاربة وأن أمثال عمر وسليمان وتوفيق، .ملائكة لا يخطئون،  وعندما يخطئون فهم “محميون” بأصدقاءهم بالبرلمان الأوروبي.

إننا نسعى بالمغرب إلى تحسين جودة الحياة لكل المغاربة، وليس لبعض المغاربة، نسعى لتحسين وتحصين المكتسبات الدستورية بخصوص المحاكمة العادلة لكل المغاربة وليس لزملاء عمر فقط، ونسعى لترسيخ ثقافة حقوق الانسان والصحافة، في إحترام تام للنظام العام والأخلاق العامة، من خلال مؤسسات وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية كالمجلس الوطني لحقوق الانسان والمجلس الوطني للصحافة وباقي مؤسسات الحكامة.

لذلك فإننا نرى في الزج بعمر الراضي وغيره في قرار البرلمان الأوروبي هوتمويهفي مسلسل ابتزاز كبيرة يتعلق بالصحراء المغربية واتفاقيات الصيد البحري والفلاحة والهجرة والأمن، وهي أسطوانة غير ملزمة للمغرب قانونيا، كما أنها حلقة أخرى في مسلسل محاولات تشويه صورة المغرب بالخارج، .وأن الحلقة القادمة (أبريل 2023) هي تقديم لجنة Pega لتقريرها في ملف بيغاسوس والذي ستحاول أطراف معادية تفصيل مخرجاته ضد المصالح المغربية وضد الشراكات المغربية / الأوروبية.

لكن الأكيد هو أن البرلمان الأوروبي لا يحب عمر، وأنه يستعرض عضلاته في انتظار رفع سونطراك لامداداتها من الغاز الطبيعي لأوروبا، وهوما يجعل خيوط المؤامرة ضد المصالح الوطنية مكشوفة أمام الرأي العام الأوروبي وعقلاء مؤسسات الإتحاد الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *