سياسة، مجتمع

ميارة: نجاح ورش الجهوية رهين بالزمن .. والنصوص القانونية لا تكفي للنجاح

النعم ميارة

قال رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، إن وصفات النجاح لا تكون في النصوص القانونية المنظمة، وإنما في كيفية إعمال نصوص جامدة في بيئة جهوية متغيرة، بمعطيات جغرافية وبشرية متنوعة، وبرهانات متباينة، وبوقائع مختلفة.

جاء ذلك في معرض كلمة ألقاها ضمن ندوة بمقر جهة الداخلة وادي الذهب، اليوم الخميس، حول موضوع “الجهوية المتقدمة ورهانات التنمية الترابية المندمجة: جهة الداخلة وادي الذهب نموذجا‘‘.

وأضاف ميارة خلال استعراضه للمراحل والإنجازات التي قطعها ورش الجهوية، أن السنوات الأولى للتجربة كانت تدور حول معضلات التمويل، وتتمة البناء القانوني، وتعثرات البدايات، والبرامج التنموية ودور الخبرة التكنوقراطية في إعدادها، وعن وضع الأنظمة الداخلية للمجالس كآليات للتدبير الداخلي.

وأوضح أن المرحلة الحالية تقتضي تقاسم التجارب، والاهتمام بمعرفة أسباب النجاحات في مناطق، وأسباب الإخفاق والتعثر في مناطق أخرى، وكيف يمكن للحوار الداخلي بين المجالس، أن يغني التجارب والممارسات الفضلى، وأن يكون باعثا للاستلهام، ودافعا للتجديد.

وذكّر ميارة بأن ورش الجهوية، بدأ بالتفكير فيه، مرورا بدسترته، فإخراج القوانين التنظيمية المتعلقة به، فانتخاب المجالس الجهوية في مناسبتين، وقبل ذلك مرحلة إخراج النصوص التنظيمية التي تتوقف عليها فِعلية القوانين التنظيمية، مشيرا إلى أن البداية كانت موسومة بالآمال، وبالتخوفات، والانتظارات.

وأكد على أنه وكأي إصلاح مهيكل، لا بد لورش الجهوية المتقدمة من الزمن لكي يكتمل تبلوره، وتعي النخب الجهوية أدوارها ومسؤوليتها الجديدة، وتتكيف الدولة مع فكرة تقاسم الاختصاص، ويتمثل المواطنون لحظة التحول هذه عبر النظر إلى انتخابات الجهات، وتشكيل مجالسها كلحظة للممارسة الديمقراطية ولتشكيل هيئات منتخبة أصبحت هي المخاطب بدلا عن الدولة.

وأوضح أن ممارسة المجالس الجهوية خلال تجربة ثماني سنوات، لم يكن بالمعطيات ذاتها، مشيرا إلى أن هناك مجالسا وفر لها انسجام الأغلبية شرطا موضوعيا للانطلاق وللفعل، وأخرى عطل فيها غياب الأغلبية انطلاق عملها، ومضيفا أن هناك مجالسا سمحت لها جاذبية مجالها باستقطاب الرساميل والمشاريع المنتجة، وأخرى افتقرت إلى ذلك.

إلى جانب ذلك استعرض ميارة الأدوار التي يضطلع بها مجلس المستشارين في هذا الصدد، موضحا أن المجلس، عمل على استحضار الصلاحيات الدستورية المخولة له، وللمكانة التي حفظها له الدستور، في إبداع صيغ للتفكير الجماعي مبنية على معطى القرب، وعلى الانتقال إلى الجهات.

وأكد أن الشراكة التي تربط مجلس المستشارين بجمعيات المجالس الترابية الثلاث، والتي من مخرجاتها تنظيم الندوة، تجد سندها ومبررها في صيغ التفكير الجماعي المذكورة.

وذكر أن مجلس المستشارين يشكل واجهة للتمثيل الجهوي والترابي للمملكة، اعتبارا للأساس الدستوري للثنائية المجلسية، التي خولت له أفضلية على مجلس النواب في كل ما يتعلق بالقضايا المرتبطة بالتنمية الجهوية والقضايا الاجتماعية.

وأضاف أنه يتعين النظر إلى مجلس المستشارين كبرلمان للجهات والمجالس الترابية الأخرى، على اعتبار أنه يحمل هم تطوير هذه التجربة الواعدة، موفرا لها السند التشريعي الملائم، والترافع الجاد الضروري، والمصاحبة اليقظة.

وذكر أن مجلس المستشارين، قد أُحدث به الملتقى البرلماني للجهات، مشيرا أنه قد وصل خلال السنة الماضية لمحطته الرابعة، وموضحا أنه ملتقى يشتغل على قضايا دقيقة، إما لتوحيد الرؤى بخصوصها، أو لإيجاد أرضية للتوافق حولها تشخيصا واقتراحا للحلول، أو لتقريب وجهات نظر مختلفة.

وأشار أيضا إلى إحداث “الندوات الموضوعاتية الجهوية”، باعتبارها إطارا جهويا، تحتضنه الجهة المعنية، ويتم خلاله الانتقال من التفكير الماكرو ، إلى مقاربة الإشكالات المطروحة جهويا.

واعتبر المتحدث أن تنظيم الندوة بجهة وادي الذهب، يحمل دلالات رمزية كبيرة، مضيفا أن هذه الرمزية مقرونة أيضا بمعطيات موضوعية عديدة، على اعتبار أن جهة وادي الذهب، هي جهة واعدة، بإمكانات اقتصادية وتنموية هائلة ومتعددة، فضلا عن موقع جغرافي، يجعل هذا المجال بوابة المغرب الترابية والبحرية نحو الامتداد الأفريقي.

وأوضح أن جهة الداخلة- وادي الذهب، أصبحت قبلة لكل الاستثمارات الباحثة عن الفرص الاقتصادية، في سياق كوني موسوم بالأزمة، مضيفا أنها تُقدم عرضا اقتصاديا غير محصور في قطاع دون آخر.

وأكد على أن المقومات التي تحظى بها الجهة المذكورة، هي موضوع تدبير جهوي، لكن أيضا بأفق وطني كبير، إذ إن الجهة مؤطرة، أيضا، بمرجعية النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، مما يُلقي على مجلسها تحديات إضافية، برهانات تتجاوز المحلي والجهوي.

ونبه إلى أن التنصيص الدستوري في ديباجته بالحفاظ على البعد الحساني الصحراوي وإعطائه مكانته، كمكون من مكونات الهوية الوطنية الموحدة المنصهرة، يؤكد أن العودة إلى المحلي بما تعنيه الجهوية، ليس فقط موارد وإمكانات بل هو أيضا الإنسان، لسانه، تقاليده، موروثه، وثقافته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *