احتكار وأرباح مرتفعة.. اختلالات بالجملة في تدبير وزارة الصحة لمنظومة الأدوية

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، برسم سنة 2021، اختلالات بالجملة في تدبير منظومة الأدوية، منها وجود أدوية أساسية في حالة احتكار، وارتفاع نسبة الضريبة على القيمة المضافة وهوامش ربح الصيدليات.
الاحتكار
ونبه تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى وجود أدوية أساسية في حالة احتكار، مشيرا إلى أن الأدوية في حالة احتكار هي أدوية يتم تسويقها من قبل مؤسسة صيدلية صناعية واحدة. وقد تبين أن ألف و229 دواء من بين تلك التي يتم تسويقها في السوق المغربية (25%) توجد في وضعية احتكار.
“بالإضافة إلى ذلك، كشفت المقارنة بين قائمة الأدوية تحت الاحتكار وقائمة الأدوية الأساسية، أن 315 دواء أساسيا يوجد في حالة احتكار، ونتيجة لذلك، يصعب التفاوض مع المؤسسات الصيدلية المسوقة لهذه الأدوية لأجل تحديد سعر بيع معقول”، يضيف التقرير.
وأفاد المصدر ذاته أن المؤسسات الصيدلية الصناعية لا تقوم جميعها بالتصريح بوضعية مخزونها الاحتياطي للأدوية وفي المدة المحددة، لدى المرصد الوطني للأدوية والمنتجات الصحية، التابع لمديرية الأدوية والصيدلة. والشيء نفسه ينطبق على المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة.
وأوضح التقرير أن المرصد الوطني للأدوية والمنتجات الصحية لا يتتبع بشكل منهجي مدى امتثال المؤسسات الصيدلية لإلزامية الاحتفاظ بالمخزون الاحتياطي من الأدوية، مضيفا أنه تبين من خلال فحص البيانات التي قدمها المرصد أنه خلال سنة 2020 لم يتم الاحتفاظ بالمخزون الاحتياطي القانوني لما مجموعه 666 دواء.
ونقل التقرير عن وزارة الصحة تأكيدها أنه لا يتم التصريح، من طرف كل المؤسسات الصيدلية الصناعية، بوضعية مخزونها الاحتياطي لدى المرصد الوطني للأدوية والمنتجات الصحية وفي المدة الزمنية المحددة، مشيرة إلى أن مديرية الأدوية والصيدلة تقوم بمراسلات تذكيرية وبعمليات تفتيش آنية.
أرباح مرتفعة
في سياق متصل، نبه قضاة المجلس الأعلى للحسابات إلى ارتفاع هوامش ربح بيع الأدوية في المغرب مقارنة بالدول المعيارية، مشيرا إلى أن هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة تتفاوت بين 11% بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم، أقل أو يساوي 588 درهما و2 %بالنسبة لباقي الأدوية
أما على مستوى الصيدليات، يضيف المصدر ذاته، فتتراوح هذه الهوامش بين 47% و57% بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 588 درهما، وبالنسبة للأدوية التي يزيد سعر تصنيعها عن 558 درهما، تتراوح هذه الهوامش بين 300 و400 درهم لكل علبة.
وأفاد التقرير أن مقارنة هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدليات المعتمدة بالمغرب مع تلك المعتمدة في البلدان المعيارية، أظهرت أن هوامش الربح المعتمدة بالمغرب مرتفعة نسبيا. فعلى سبيل المثال، تتراوح هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة، المعتمدة بتركيا، بين 4%و9% بالنسبة للأدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 222.46 درهما، بل ينخفض الهامش إلى 2% فقط إذا فاق هذا الثمن مبلغ 222.46 درهما.
وفيما يتعلق بهوامش ربح الصيدلي، أشار التقرير إلى أن هامش الربح في المغرب المطبق على الأدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي 166 درهم، يساوي 57% بينما لا يتجاوز 25 % في تركيا، و5.58% في البرتغال، و21.4 % في فرنسا، و6.42 % في بلجيكا.
ارتفاع الـ”TVA”
وفي ما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة المفروضة على الأدوية، نبه تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن نسبتها مرتفعة في المغرب مقارنة بالدول المعيارية، إذ تبلغ 7%، وتُعفى منها الأدوية التي تعالج بعض الأمراض المزمنة والمكلفة، لاسيما مرض السكري والسرطان والإيدز والتهاب الكبد B وC، والأدوية التي يتجاوز ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم 588 درهما.
ونقلا عن بيانات مديرية الأدوية والصيدلة، أفاد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن عدد الأدوية الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة هي 4 آلاف و587 دواء من إجمالي 7 آلاف و 766 دواء.
ومن خلال مقارنة نسبة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على الأدوية بالمغرب وتلك المطبقة بالدول المعيارية، يضيف التقرير، تبين أنه باستثناء تركيا التي تعتمد نسبة ضريبة على القيمة المضافة تساوي 8%، فإن نسبة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة في المغرب هي الأعلى، إذ تبلغ هذه النسبة 2.1% في فرنسا بالنسبة للأدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين الإجباري و4% في إسبانيا و5 %في البرتغال.
اختلالات قانونية
وخلص تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن الإطار القانوني الخاص بمراقبة قطاع الأدوية يحتاج إلى التعزيز، إذ يؤطر القانون رقم 17.04 ، مهمة مراقبة قطاع الأدوية، وفي هذا الصدد نبه إلى أن بعض النصوص القانونية المتعلقة بمراقبة القطاع قد استغرقت وقتا طويلا من أجل اعتمادها ونشرها، بينما لم يتم صياغة نصوص أخرى.
وهكذا، يضيف المصدر، فإن المرسوم المتعلق بكيفيات ممارسة المراقبة من طرف الصيادلة المفتشين لم يُنشر إلا في 8 سبتمبر 2021، في حين أن النصوص القانونية المتعلقة بقواعد حسن إنجاز الأعمال الصيدلية وقواعد حسن إنجاز الصنع والتوزيع المنصوص عليها في المادتين 20 و31 من القانون رقم 17.04 لم تخرج بعد إلى حيز الوجود.
كما يقتضي تنفيذ جميع مقتضيات القانون 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة والمرسوم المتعلق بالإذن بعرض الأدوية، اعتماد مجموعة من النصوص التطبيقية. غير أن عشرة نصوص لم يتم إخراجها بعد إلى حيز الوجود.
ويمنح هامش إضافي بنسبة 10 % من ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على كل دواء مستورد طبقا للمادة 4 من المرسوم المتعلق بالإذن بعرض الأدوية، وتشمل هذه النسبة هامش ربح المستورد، ومصاريف الإيصال، والرسوم الجمركية.
واعتبر التقرير أن هذا الهامش الإضافي يشكل ميزة غير مبررة تمنح للمستوردين، إذ أن المصنعين المحليين للأدوية يتحملون أيضا مصاريف الإيصال والرسوم الجمركية المطبقة على المواد الأولية المستوردة والمستخدمة في عملية إنتاج الأدوية محليا.
اترك تعليقاً