سياسة

ما دلالات تهميش جنرالات الجزائر لرئيس ديبلوماسية المرادية؟

انتشرت في الأيام الماضية تكهنات حول مصير وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي اختفى عن الأنظار منذ مدة ليست بالقصيرة، إذ إن آخر ظهور علني له يعود إلى الأحد 26 فبراير المنصرم خلال الاستقبال الذي خصصه الرئيس تبون لقادة وممثلي الحركات السياسية في مالي.

وما زاد من شكوك المتتبعين حول مصير رئيس الديبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة، هو الغياب غير المتوقع عن حدثين مهمين يومي الأحد 12 و 13 مارس الجاري، يرتبط الأول باستقبال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، حيث كان في استقباله رئيس مجلس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن، وعمار بلاني أمين عام وزارة الخارجية.

أما الثاني فيتعلق بغداء العمل، يوم الاثنين 13 مارس، الذي جمع الرئيس عبد المجيد تبون والوفد برئاسة جوزيف بوريل الذي عرف أيضا غياب لعمامرة وتعويضه بعمار بلاني مرة أخرى.

جون أفريك قالت في تقرير لها إن غياب رئيس الدبلوماسية عن هذين اللقاءين لافت للنظر بما يكفي لإعطاء مصداقية للشائعات التي أثيرت حول اختفائه، مشيرة إلى انسحاب رمضان لعمامرة في الواقع يعود إلى حوالي عشرين يومًا.

وأضافت الصحيفة الفرنسية أنه منذ ظهوره في استقبال الحركات المالية اختفى العمامرة من الساحة الوطنية والدولية. كما ان حسابه الرسمي على Twitter، لم يعد نشطا كما كان العام الماضي، وتعود آخر تغريدة له إلى 31 دجنبر 2022.

وقد أثار الاختفاء المفاجئ لوزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، عن المشهد السياسي الجزائري خلال الأسابيع الأخيرة، العديد من التساؤلات ووجهات النظر، حول أسباب هذا الاختفاء ودواعيه.

ورجحت صحيفة ”أفريكا أنتلجنس”، أن يكون سبب اختفاء لعمامرة عن المشهد السياسي والدبلوماسي لما يقارب الشهر، هو اختلافه مع محيط الرئيس عبد المجيد تبون، على خلفية رفض الرئاسة اعتماد عدد من تعيينات القائمة التي أعدها وزير الخارجية والمتعلقة بتغيير السفراء.

من جهتها، عزت جريدة  ‘‘موند أفريك‘‘ سبب الغياب إلى خطط الرئيس عبد المجيد تبون في الظفر بعهدة ثانية خلال الانتخابات الرئاسية المرتقبة في سنة 2024، من خلال تهميش دور العمامرة اعتبار لكونه خليفة محتمل للرئيس الحالي، لاسيما بعد تعين الرئاسة عمار بلاني الأمين العام لوزارة الخارجية.

وحول دلالات غياب رئيس الدبلوماسية الجزائرية، قال المحلل السياسي، عبدالفتاح الفاتحي، إن لعمامرة لم يعد مرغوبا فيه لدى رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، ولدى رئاسة الجمهورية الجزائرية الموالية للعسكر.

وأضاف مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية في تصريح لجريدة “العمق” أن رمطان العمامرة على خلافات شديدة الحساسية مع القيادات العسكرية ورئاسة الجمهورية بخصوص التغيير الجوهري الحاصل في عقيدة السياسة الخارجية الجزائرية.

وحيث إن النظام الجزائري، يضيف المحلل السياسي ذاته، أقدم على تغييرات عميقة في السياسة الخارجية الجزائرية دون الرجوع إلى العمامرة، بدا الرجل مهمشا، بالنظر إلى الارتباك وزيادة التوتر في السلوك الجزائري مع الجيران أو الحلفاء الدوليين وبدت الجزائر في عزلة دبلوماسية إقليميا ودوليا.

وعلى الرغم من أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعاد تعيينه على رأس الدبلوماسية الجزائرية إلا أن شنقريحة كان يحضر بديلا عنه في شخص عمر بلاني، الأمين العام لوزارة الخارجية، وهو ما يؤشر أن السلوك الجزائري بات يقرر بأكثر من رأس، وهو ما يجعل نجم رمطان العمامرة يتهاوى في العديد من المناسبات إلى أن اختفى بشكل بين، وفق تعبير الفاتيحي.

وأوضح الفاتحي أن ما يحدث يعطي الانطباع بأن الجنرالات ستقدم قريبا على التنصيب الرسمي لعمر بلاني على رأس الخارجية بديلا عن لعمامرة خلال تعديل حكومي مرتقب سيطال الحكومة الجزائرية.

وقال المصدر ذاته إن ازدواجية صانع القرار الدبلوماسي في الجزائر جعلت العديد من التناقضات تطفو على سطح الممارسة الدبلوماسية الجزائرية في العديد من القضايا الإقليمية أو الدولية كما هو الحال في زيادة التصعيد مع الجار المغربي والأوروبي ومع العرب.

واستطرد قائلا: “ولأن قيدوم الدبلوماسية الجزائرية كان يعترض على النهج الدبلوماسي الذي يبتغيه الجنرالات ويقدمون على تنفيذه عبر عمر بلاني بعيدا عن العمامرة جعل الرجل يقرر التواري عن الأنظار قبل تقديم استقالته لرئيس الدولة التي بقيت قيد الكتمان إلى حين إجراء تعديل وزاري وشيك”، على حد ما أورده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *