مجتمع

دراسة رسمية تدعو لمساهمة القطاع المعدني في تنمية المناطق المنجمية

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى بلورة قطاع معدني تساهم أرباحه في تنمية المناطقً المنجمية وساكنتها المحليةً.

وأوصى المجلس، في رأيه حول المعادن الحرجة والاستراتيجية بالمغرب، ببلورة قطاع تساهم أرباحه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق المنجمية وساكنتها المحلية في إطار تدبير ترابي استشرافي يساعد على تطوير الأنشطة الاقتصادية المحلية من غير المهن المنجمية، بغية تعزيز صمود مصادر دخل الساكنة بعد إغلاق المناجم.

كما أكد التقرير ذاته على ضرورة إرساء نموذج وطني للاستغلال والتثمين المسؤول والمستدام للموارد المعدنية عموما والمعادن الاستراتيجية والحرجة على وجه الخصوص، تضعه مختلف الأطراف المعنية من دولة ومجالات ترابية وقطاع خاص وغيرها.

ويقوم هذا النموذج، حسب المجلس، على حكامة تشاركية وقائمة على الالتفافية والشفافية بين الدولة والمجالات الترابية والقطاع الخاص والشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني، مع نمط استغلال مسؤول على المستويين الاجتماعي والبيئي ومطابق لأحكام الدستور والقوانين والالتزامات الدولية للمملكة.

ودعا المجلس كذلك إلى بلورة نمط استغلال يدمج متطلبات ومبادئ المسؤولية المشتركة بين الأجيال، عن طريق تخصيص حصة من المداخيل للأجيال المستقبلية والتأثير إيجابا على الاستثمار الاجتماعي وعلى المنظومة البيئية.

وشدد المصدر ذاته على ضرورة أن يكون القطاع مساهما في التنمية البشرية المستدامة واسعة النطاق، والدامجة، ويأخذ بعين الاعتبار مصالح الساكنة في إطار من التضامن الوطني والترابي، ومندمجا على المستوى الاقتصادي، بحيث يحقق أعلى درجة ممكنة من التثمين المحلي للمنتجات مقارنة مع تلك المصدرة كمواد خام، مع حرصه على تحديد وتطوير الروابط بين المراحل البعدية لسلسلة الإنتاج ومختلف القطاعات الصناعية.

كما أوصى المجلس بقطاع يكون في خدمة السيادة الصناعية للبلاد وقائم على الابتكار والمعرفة، وذلك عبر العمل على توسيع نطاق أي استراتيجية وطنية للمعادن الاستراتيجية والحرجة لتشمل “المواد المبتكرة” التي قد تنتج عن تثمين المنتجات المعدنية خلال المراحل البعدية لسلسلة لإنتاج، من خلال تطوير عمليات تثمين أو تصنيع جديدة؛ معتبرا أن تصميم وخصائص هذه المواد على المستوى الفيزيائي والكيميائي والوظيفي يجعلها تتفوق أحيانا على المعادن التقليدية.

ودعا أيضا إلى تحليل تأثير القطب العمومي المكلف باستكشاف المعادن والبنية التحتية الجيولوجية على تنمية قطاع المعادن، وذلك من أجل تحديد أفضل هندسة مؤسساتية ممكنة لهذا القطاع، مع وضع استراتيجية لاستكشاف المعادن بالمجال البحري الوطني، وإعطاء الانطلاقة للأبحاث اللازمة المرتكزة على التكنولوجيات الملائمة، من أجل القيام بشكل رسمي بتأكيد أو نفي وجود مؤهلات معدنية بجبل تروبيك والذي يلاحظ غياب أي معلومات مفصلة ورسمية بشأنه.

ويتعين أن تراعي هذه الاستراتيجية، يضيف التقرير، من خلال إدماجها في التشريع الوطني والأخذ بعين الاعتبار الالتزامات الدولية للمغرب، هشاشة النظم البيئية البحرية والتأثيرات المستقبلية لأي مشروع للاستكشاف والاستغلال.

وعلى المستوى المؤسساتي، أوصى المجلس بالإسراع بالمصادقة على النصوص التنظيمية اللازمة لتفعيل عمل لجنة المعادن الاستراتيجية التي ينص عليها مشروع القانون رقم 5846.20 (بتغيير وتتميم القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم)، والتي تتولى مهام تحديد وتحيين لائحة المعادن الاستراتيجية والحرجة.

ويتعين على هذه اللجنة، حسب المجلس، وضع آلية لليقظة بشأن تطور الأسواق الدولية وتموقع المغرب في سلاسل القيمة العالمية من مرحلة الإنتاج إلى مرحلة التثمين في شكل منتجات نهائية، مع التوفر، داخل الآجال المطلوبة لحسن سير اللجنة، على معطيات وإحصائيات مناسبة وموثوقة (الإنتاج، التثمين المحلي، الحصص الموجهة نحو التصدير/ الاستيراد، استيراد المنتجات النهائية، المعادن البديلة، مسار تطور القطاع الصناعي وحاجياته من المعادن…).

كما دعا إلى المصادقة على مشروع النظام الأساسي الجديد لمستخدمي المقاولات المعدنية وإصداره، من أجل ضمان ظروف عمل لائقة لكل المتدخلين في القطاع، بمن فيهم المزاولون في إطار المناولة والمزاولون للنشاط المنجمي التقليدي والمشتغلون في إطار المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة.

وأكدت الهيئة الدستورية على ضرورة اعتبار السيادة الصناعية هدفا استراتيجيا في المسار التنموي للمغرب، من خلال وضع قطاع المعادن بشكل عام وقطاع المعادن الاستراتيجية والحرجة بشكل خاص، في صلب هذه الدينامية.

وفي هذا الإطار، يوصي المجلس بإحداث “هيئة للاندماج بين قطاعي المعادن والصناعة”، يكون من بين مهامها، مأسسة التنسيق بشكل منتظم، وإرساء الالتقائية بين الفاعلين في قطاعي المعادن والصناعة؛ وملاءمة العرض مع الطلب على المستوى الوطني في مجال المعادن من أجل ضمان وتعزيز السيادة الصناعية للبلاد، حيث ستستعين هذه الهيئة باللائحة المتعلقة بالمعادن التي ستضعها لجنة المعادن الاستراتيجية، مع إسهامها في تحيينها.

كما يتعين، حسب المصدر ذاته، أن تتوفر هذه الهيئة على تركيبة تعددية: القطاعات الوزارية المكلفة بالصناعة والمعادن، الاتحاد العام لمقاولات المغرب، المجالات الترابية، المجتمع المدني، الشركاء الاجتماعيون، الوسط الأكاديمي، الخبراء في مجال الابتكار وغير ذلك.

وأوصى باعتماد خارطة طريق خاصة بالمعادن الاستراتيجية والحرجة، وستحدد هذه الخارطة، التي يتعين وضعها تحت إشراف هيئة الاندماج بين قطاعي المعادن والصناعة، المعادن التي ينبغي تثمينها محلياً وتلك التي يجب تحديد الحصص الموجهة منها نحو التصدير؛ مع العمل، في إطار تعزيز السيادة الوطنية، على تحديد كيفيات إقامة الشراكات في مجال المعادن الاستراتيجية والحرجة، مع التركيز على الشراكات التي تساهم في الرفع من القيمة المضافة على الصعيد المحلي وضمان تموقع أفضل للمغرب في سلاسل القيمة العالمية.

كما أوصى المجلس أيضا بالقيام بتقييم معزز بأرقام بشكل منتظم ومفصل لقطاع المعادن وجعله يسهم في خلق الثروة والقيمة المضافة على الصعيد الوطني والمحلي، لا سيما لفائدة ساكنة المناطق المنجمية، مع العمل على بلورة مؤشرات دقيقة حول نشاط مختلف فروع القطاع من أجل التوفر على معلومات دقيقة ومفصلة حول توزيع مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني وفي التنمية المحلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *