سياسة، مجتمع

قضية طفلة تيفلت.. بوعياش: العدالة نادرا ما تتحقق في قضايا العنف ويجب حسم التردد السياسي

قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، إن واقعة طفلة تيفلت تؤكد ما خلص إليه تقرير المجلس المتعلق بـ “تشجيع الضحايا على التبليغ عن العنف بجميع أشكاله لمكافحة الإفلات من العقاب”، بخصوص أن العدالة نادراً ما تتحقق في قضايا العنف ضد النساء والفتيات، بشكل عام.

وأضافت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن السبب وراء ندرة تحقيق العدالة في مثل هكذا نوازل، هو ‘‘إعادة تكييف الوقائع، أو استحضار الظروف المخففة، أو التخلي عن الشكاوى للضغوطات التي تمارس على الضحايا‘‘.

ودعت بوعياش في كلمة ألقتها بمناسبة اللقاء التفاعلي حول العنف الجنسي اتجاه الأطفال، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه الثلاثاء، (دعت) ‘‘المشرع إلى أن يكون في الموعد المطلوب منه لحسم التردد السياسي الذي يطبع قراراته في قضايا مجتمعية ضاغطة‘‘.

وأعربت بوعياش عن خوفها من حادثة طفلة تيفلت وعن ارتياحها لردة الفعل المجتمعية بالقول، ‘‘كان رد فعلي الأول مشوبًا بالغضب. ولكن أيضًا خوف من ترسيخ الطبيعة الإجرامية – غير المقبولة لأشكال العنف في أذهان الناس، وهذا ليس هو الحال اليوم، فقد سجلنا جميعا، عدم قبول المجتمع لما جرى واهمية المواقف المعبرة عنها لمختلف الفاعلين ولم اتفاجأ من قدرة المجتمع المدني للتعبئة ضد ما جرى ومتابعته الدقيقة لحيثيات الملف القضائي‘‘.

واعتبرت أن حالة العنف الجنسي لطفلة تيفلت،أاسفرت عن وجود ثلاثة ضحايا، أولاها الطفلة الضحية التي تعرضت لظلم وعدم إنصاف لطفولتها خاصة وأن والحكم الابتدائي لم يحم سلامتها الجسدية والنفسية والاجتماعية، وثانيها الطفل المولود من العنف الجنسي، والذي لن يأخذ اسم الأب والذي سيجل في سجل الأحوال المدنية كطفل من أب مجهول.

وعن الضحية الثالثة لقضية طفلة تيفلت، اعتبرت بوعياش أنها ‘‘المجتمع الذي يقاوم التطبيع مع العنف والخوف من تقليص الطابع الإجرامي لجميع أشكال العنف، والقلق من ألا تستجيب المعايير والقواعد القانونية، كوسيلة الحضارية لفرض توازن وانصاف داخل مجتمع يحمي نسائه وفتياته وفتيانه من الانتهاكات الجسيمة‘‘.

وشددت على أن المقتضيات القانونية المتعلقة بالاغتصاب وهتك العرض يعتري عدد منها الالتباس، وان تطبيق القانون لا يتم بشكل ممنهج، وأن العديد من مرتكبي الاغتصاب يفلتون من العدالة. وهو الأمر الذي قالت بوعياش أنه سيحدث مع طفلة تيفلت لو لم تكن الضحية قد حملت.

ونبهت إلى ان الإشكال الجوهري هو نجاعة المنظومة الحمائية بالمغرب ومستوى ملاءمتها مع المعايير الدولية لحماية حقوق الطفل.  وفق تعريف اليونيسف للمنظومة الحمائية التي تشمل القوانين والسياسات والمؤسسات والموارد التي تعمل على وقاية الأطفال وحمايتهم من العنف والتصدي والتكفل المتعدد الأبعاد.

وبمناسبة الذكرى الثلاثين لمصادقة المغرب على اتفاقية حقوق الطفل الذكرى، والتي تصادف يوم 21 يونيو المقبل، دعت بوعياش الحكومة أن يكون الاحتفال بهذا اليوم ‘‘مقرونا بتعديلات مستعجلة لفعلية حقوق الأطفال في الحماية من العنف بكل أشكاله وفق مقتضيات المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل.

وجددت بوعياش مقترحات المجلس بشأن، إصلاح النموذج الذي يحكم السياسة العقابية وإعادة تصنيف الاغتصاب والاعتداء، وفقًا للمعايير الدولية، على أنهما عنف جنسي، أي جريمة تهدف إلى المس والإضرار بالسلامة الجسدية للضحية والتي يجب أن يعاقب عليها بشدة. مهما كانت الظروف، وليس مجرد انتهاك لمنظومة الأسرة كما هو الحال اليوم.

وأعربت عن اعتقادها بضرورة الحاجة إلى بلورة هذه المقاربة لإعمال المصلحة الفضلى، لأنه هو الأساس خلال كل مسطرة أو إجراء إداري أو حكم قضائي خاص بالطفل وفق مقتضيات المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل.

وأشارت إلى أن الظرفية الراهنة تستدعي استكمال مسطرة المصادقة على اتفاقية مجلس أوروبا الخاصة بالعنف الجنسي اتجاه الأطفال (اتفاقية لانزاروتي)، اعتبارا لكونها إطارا معياريا لتكييف العنف الجنسي وترسيخ الحماية القانونية والتنصيص على الوقاية من العنف وتعزيز التعاون الدولي في الاعتداءات الجنسية على الأطفال التي لها طابع عبر وطني.

وكذلك نبهت إلى ضرورة استكمال مسطرة المصادقة على البرتوكول الاختياري الثالث الملحق باتفاقية حقوق الطفل، الذي يعطي للأطفال إمكانية تقديم شكاياتهم إلى لجنة الأمم المتحدة، ا بعد استنفاذ التظلمات الوطنية.

من جانبها استعرضت سمية نعمان كسوس، خلال مشاركتها في اللقاء، ضمن كلمتها الموسومة بـ تمثل المجتمع المغربي للعنف الجنسي اتجاه الأطفال‘‘، (استعرضت) ما اعتبرته صورا لظواهر سلبية تشكل تمييز ضد المرأة في الثقافة الشعبية، وكذلك مجموعة من المفاهيم المتداولة في الثقافة الشعبية التي تبرر الاعتداء الجنسي، فضلا عن حديثه عن غياب الثقافة الجنسية.

نوال الإدريسي الخمليشي، شاركت هي الأخرى في اللقاء، بعرض حول ‘‘الأثر النفسي للعنف الجنسي اتجاه الأطفال‘‘، تناولت في كلمتها العواقب النفسية للعنف الجنسي الممارس ضد الأطفال، والعواقب البسيكولوجية الخطيرة لهذا العنف، والتي اعتبرت أنها تختلف حسب اختلاف خطورة العنف الجنسي، وتبعا لأعمار الضحايا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *