سياسة، مجتمع

تقرير يقيم السنة الاجتماعية الأولى للحكومة ويرصد أوجه القصور بعد اتفاق 30 أبريل

أصدر مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة تقريرا يقيم من خلاله منجزات الحكومة في السنة الاجتماعية الأولى لها، وبرصد أوجه قصور الفعل الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022.

وجاء هذا التقرير، الذي أعده محمد طارق، أستاذ القانون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية– المحمدية جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء، بعد سنة من التوقيع على محضر الاتفاق الاجتماعي لجولة أبريل 2022، والذي تضمّن التزامات متبادلة بين أطراف الحوار الاجتماعي، لتقييم مستويات تنفيذ مخرجات الاتفاق، وخاصة الالتزامات التي اتفق الأطراف على تنزيلها خلال السنة الاجتماعية الأولى من الاتفاق: أبريل 2022 – أبريل 2023.

واستعرضت هذه الورقة نقط قوة المنجز الحكومي في تنزيل مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022 أولا، ثم الكشف عن أوجه قصور الفعل الحكومي في تنزيل مخرجاته ثانيا، بهدف الوصول إلى تقييم عام لحصيلة الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال السنة الاجتماعية الأولى بعد اتفاق 30 أبريل 2022.

نقاط القوة

بعد سنة من تنزيل محضر اتفاق 30 أبريل 2022، سجل مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة بإيجابية الإجراءات التي بادرت إليها الحكومة عبر مشاريع قوانين أو إجراءات تقنية، وحسن تفاعل الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) في تفعيل الإجراءات التي تهم أجراء القطاع الخاص.

وأشاد التقرير، الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، بالزيادة في الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 % ابتداء من فاتح شتنبر 2022؛ والتوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، من خلال زيادة 10% في الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي، خلال سنتي 2022 و2023 على التوالي.

ونوه المركز بتخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3.240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما، مع تمكين المؤمن له البالغ السن القانوني للإحالة على التقاعد والمتوفر على أقل من 1320 يوم اشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل، وتمكين المؤمن لهم المحالين على التقاعد المتضررين من الجائحة من معاش الشيخوخة، مع مراعاة الفترة بين فبراير 2020 ودجنبر 2021، دون احتساب الحالة التي لم يحصلوا فيها على أي أجر أو حصلوا فيها على أجر غير كامل؛

وسجل المصدر ذاته بإيجابية إطلاق برامج لتكوين الأطراف المعنية وتعزيز قدراتها لإبرام اتفاقيات شغل جماعية، مع المصادقة على مرسوم إحداث الجائزة الوطنية لاتفاقيات الشغل الجماعية من أجل تشجيع الأطراف على اللجوء إليها، علما أنها خيار إرادي بين طرفي الإنتاج من أجل إنتاج قواعد تعاقدية ملائمة وخصوصيات المقاولات.

من جهة ثانية، اتفق أطراف الحوار الاجتماعي خلال جولة أبريل 2022، وفق التقرير ذاته، على مقتضيات تهم القطاع العام، عملت الحكومة على تنفيذ جزء كبير منها، من خلال مبادرات تشريعية، أو برمجتها في قانون المالية للسنة المالية 2023.

واعتبر المركز أن هذا الأمر مكن من تحقيق التزامات من قبيل، حذف السلم السابع بالنسبة للموظفين المنتمين لهيئتي المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، ودخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023؛ ورفع حصيص الترقي في الدرجة من 33 % إلى 36%، وقد دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2023.

ومن النقط الإيجابية المسجلة، الرفع من قيمة التعويضات العائلية بالنسبة للأبناء الرابع والخامس والسادس إلى 100 درهم في الشهر؛ مع أجرأة الالتزامات المبرمة في الحوارات القطاعية خاصة في قطاعي التربية الوطنية والصحة؛ وإقرار رخصة الأبوة مدتها 15 يوما مدفوعة الأجر (تعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022)؛

وأشاد المركز بقرار إحداث مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية التي لا تتوفر على مؤسسات للأعمال الاجتماعية (نشر القانون رقم 41.22 القاضي بإحداث وتنظيم مؤسسة مشتركة للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الإدارات العمومية، في الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح شتنبر 2022).

كما خصص محضر اتفاق 30 أبريل 2022 مقتضيات تهم المجال المشترك الذي يخص القطاعين العام والخاص على السواء، حيث تمكنت الحكومة من الرفع من مبلغ الدعم المخصص للمركزيات النقابية بنسبة 30%، وكذا مراجعة الدعم في جانب التكوين النقابي بما يعزز دور النقابات في التأطير والتكوين، مع فتح الحوار مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بهدف إصلاح أنظمة التقاعد.

أوجه القصور

سجل المركز أن التوافق الإيجابي الحاصل في أبريل 2022 لم يدم طويلا، إما بسبب عدم مبادرة الحكومة إلى تنفيذ بعض الالتزامات المتوافق عليها، أو بسبب عدم انخراط الفرقاء في تنزيل المقتضيات ذات الصلة بإقرار السلم الاجتماعي ومأسسة الحوار الاجتماعي على المستوى الترابي وإقرار السلم الاجتماعي، حيث سجل تأخر في تنزيل مخرجاته، وذلك على مستوى مجموعة من الالتزامات.

ومن بين أوجه القصور المسجلة، وفق التقرير ذاته، عدم إصدار التقرير السنوي حول المناخ الاجتماعي والذي كان مبرمجا في مارس 2023؛ كما لم يتم هيكلة اللجنة الجهوية للحوار الاجتماعي واللجنة الإقليمية، والتي يناط بهما دراسة وضعية مناخ الأعمال ووضعية المناخ الاجتماعي جهويا وإقليميا.

وانتقد المركز ذاته عدم عقد الجن الجهوية للحوار الاجتماعي لاجتماعاتها الدورية في السنة الاجتماعية (أبريل / يونيو)؛ وعدم تفعيل لجنة تشريعات العمل المنصوص عليها في الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، والتي يُناط بها تتبع مراجعة الترسانة القانونية (تحديد محاور المراجعة / التعديلات / الجدولة الزمنية لدراستها)؛

كما لم يتم، حسب المصدر نفسه، إحداث المرصد الوطني للحوار الاجتماعي كفضاء لترسيخ الثلاثية، ولم يتم إحداث أكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي؛ مع عدم تفعيل المؤسسات التي تعمل على تكامل والتقائية آليات الحوار الاجتماعي.

كما سجل المركز على الحكومة عدم تفعيل مجموعة من المقتضيات ذات الصلة بتنزيل الاتفاق الاجتماعي لـ30 أبريل 2022، على مستوى القطاع الخاص، والذي ظل يعرف مشاكل بنيوية، اتفق الأطراف على معالجتها بشكل سريع وجذري، حيث سجل تأخر المبادرة الحكومية، على مستوى القطاع الخاص.

ومن بين أوجه القصور في القطاع الخاص، عدم تقديم الحكومة أي عرض يهم تنفيذ الالتزامات المتعلقة بتيسير عمل المرأة، وخاصة الالتزام بتخفيض كلفة الأجر الخاص بالعاملات والعمال المنزليين لدى مشغليهم.

كما لم تتمكن الحكومة من إنشاء 100 حضانة سنويا، التي التزمت بإحداثها لفائدة عمال وعاملات المقاولات، عبر تخصيص منحة لبناء وتهيئة وتجهيز كل حضانة؛ ولم تستطع الحكومة والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين تحقيق تحدي 100 اتفاقية شغل سنويا على الأقل، حيث لم تتجاوز الحصيلة 16 اتفاقية شغل جماعية خلال هذه السنة الاجتماعية (12 اتفاقية خلال سنة 2022، و04 اتفاقيات خلال الثلاثة أشهر الأولى من سنة 2023).

ووفق تقرير المركز فقد حضي القطاع العام بنصيب وافر من النقاش داخل لجنة القطاع العام المنبثقة عن اللجنة العليا للحوار الاجتماعي، خاصة بعد سنوات من التضييق على الممارسة النقابية داخل الوظيفة العمومية، بالإضافة إلى حصيلة إيجابية على مستوى الحوار القطاعي (الصحة / التعليم والتربية الوطنية / التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار).

كما يُسَجّل عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين في تفعيل العديد من الالتزامات الأفقية، حيث إنه إلى حدود نهاية السنة الاجتماعية (أبريل 2023)، يسجل عدم برمجة حوارات قطاعية على مستوى الوظيفة العمومية، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والمالية وعدم فتح النقاش من أجل المصادقة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية.

وانتقد المركز عدم إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود، قبل نهاية الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحالية (يناير 2023)؛ دون فتح النقاش حول مشروع القانون المتعلق بالمنظمات النقابية، وقوانين الانتخابات المهنية، ومراجعة مدونة الشغل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *