تأهيل ثانوية بآسفي بصفقتين يثير شكوكا بشأن “هدر” المال العام

أثار إعادة تأهيل ثانوية الحسن الثاني بمدينة آسفي شبهة “هدر” المال العام، بعد إطلاق طلبَي عروض لتأهيل مؤسسة تعليمية واحدة، الأول من طرف وكالة تحدي الألفية المغرب-أمريكا، وآخر أطلقته المديرية الإقليمية للتعليم بآسفي، شكوك فاعلين حقوقيين، مما دفعهم لمطالبة الوزارة ومجلس الحسابات بفتح تحقيق في الموضوع.

وتبين الصفقة رقم: “DAO/CB/MCA-M/ES-48-LOT4/Compact” كما اطلعت عليها جريدة “العمق” على الموقع الرسمي لوكالة تحدي الألفية، أن طلب العروض يهم تأهيل 28 مؤسسة تعليمية بجهة مراكش – أسفي، وفي الحصة منها 4، تستهدف 6 مؤسسات تعليمية بالمديرية الإقليمية للتعليم بآسفي، وهي: الثانويات الإعدادية: الكندي، الفقيه الجزولي، البحتري، وادي الذهب، وكذا الثانويتين التأهيليتين: الفقيه الكانوني، والحسن الثاني (موضوع الجدل).

وفي 16 أبريل 2021، حيث تم فتح أظرفة المتنافسين، وحصلت شركة خاصة على الصفقة بمبلغ يناهز 55 مليون درهم، بهدف تأهيل الثانوية التأهيلية الحسن الثاني. غير أن المثير في الموضوع هو أن مديرية التعليم بآسفي، أطلقت هي الأخرى طلب عروض في نفس السنة، بهدف تأهيل أربعة أقسام تابعة للثانوية نفسها.

ويبين ذلك طلب العروض المنشور على بوابة الصفقات العمومية، تحت رقم 36S2021، بتاريخ 09 دجنبر 2021.

تجدر الإشارة إلى أن وكالة تحدي الألفية – المغرب؛ مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي، تضطلع بمسؤولية إنجاز البرنامج موضوع “الميثاق الثاني” المبرم في 30 نونبر 2015 بين حكومتي المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية ممثلة بهيئة تحدي الألفية.

شكوك

في هذا الإطار، قال منشق التكتل الحقوقي بالمغرب، عبد الإله الوثيق، ما يثير الشكوك في القضية، كون الثانوية المعنية، شملتها صفقتين في نفس السنة، موضحا أن الصفقة الأولى، أطلقتها وكالة حساب تحدي الألفية المغرب، والصفقة الثانية تخص بناء أربعة أقسام في ذات المؤسسة.

وتساءل الوثيق، في اتصال مع جريدة “العمق”، الأسباب وراء تأهيل أربعة أقسام داخل مؤسسة بالرغم من أنها أُهلت بشكل كلي خلال نفس السنة.

ويستعد التكتل الحقوقي، وفق ما أخبر به الوثيق لمراسلة وكالة تحدي الألفية – المغرب، بصفتها الجهة المانحة، في شأن إجراء افتحاص شامل ودقيق لكافة المؤسسات التعليمية (28) بجهة مراكش- أسفي المستفيدة من دعمها المالي.

رفض منح المعلومة

وأوضح المتحدث أن التكتل قبل أن يقرر الخروج للرأي العام، تقدم بطلب للحصول على المعلومات، عن طريق مفوض قضائي، دون أن يتم التجاوب معه من طرف المديرية الإقليمية للتعليم.

التكتل الحقوقي بالمغرب، سجل “اختلالات” تدبيرية وصفها بـ”الخطيرة” وفق تعبيره التي باتت المديرية الإقليمية للتعليم بأسفي عنوانا لها في مختلف المجالات بالحجة والدليل.

إغلاق منذ بداية الموسم

وقال التكتل الحقوقي، في بيان له، توصلت به جريدة “العمق”، إن المديرية الإقليمية بآسفي أغلقت جناحا كاملا من الحجرات الدراسية بثانوية الحسن الثاني التأهيلية مع بداية الموسم الدراسي الحالي، وأجبرت التلاميذ والأساتذة على اللجوء “مكرهين” إلى ثانويات أخرى بدعوى أن الجناح المغلق لا يصلح للتدريس، وأنه سيتم هدمه بالرغم من استفادة الثانوية المذكورة من إعادة التأهيل السنة الماضية.

وسبق للتكثل أن تطرق لمجموعة من “الاختلالات” التي همت صفقة إطعام تلاميذ الأقسام الداخلية، وما شابها من “خروقات”، إضافة إلى “عدم نشر” المديرية الإقليمية للتعليم بأسفي لبرنامجها التوقعي الخاص بالصفقات العمومية برسم السنة المالية 2022 والسنة المالية 2023، معتبرين هذا “التعتيم” يضرب مبدأ الشفافية، كأحد المبادئ الأساسية للحكامة التي خص لها دستور المملكة بابا كاملا.

دعوة للافتحاص والتحقيق

وتساءل التكتل الحجرات الأربع المعنية بصفقة المديرية، خاصة أن ثانوية الحسن الثاني بها أزيد من 50 حجرة دراسية، وكانت معنية بإعادة التأهيل من طرف برنامج تحدي الألفية، وهل تأهيل الحجرات الأربع مرة ثانية، جاء بعد وقوف المديرية على خروقات شابت تنفيذ صفقة تحدي الألفية؟ أم إن حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون هدرا للمال العام في أسوأ تجلياته؟

وطالب التكتل الحقوقي بالمغرب وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة؛ إيفاد لجنة من المفتشية العامة لافتحاص الصفقتين سالفتي الذكر. ومن الوكيل العام للملك -قسم جرائم الأموال- فتح تحقيق في صفقة تأهيل الحجرات الأربع بالثانوية المذكورة.

ودعا أيضا المجلس الأعلى للحسابات لافتحاص كل الصفقات التي أبرمتها مديرية التعليم بآسفي خلال السنتين الأخيرتين.

تجدر الإشارة إلى أن الجريدة حاولت ربط الاتصال بمدير المديرية الإقليمية للتعليم بآسفي، إلا أنه لم يتسن لها الحصول على توضيحات في الموضوع.