آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي، الكرة المغربية، حوارات

“عين على رياضي”.. باحث يسلط الضوء على شغب نهائي كأس العرش وسبل تجاوزه 

شهد نهائي منافسات كأس العرش للموسم الرياضي 2021-2022، الذي جمع نادي الرجاء الرياضي بنهضة بركان، نهاية الأسبوع الماضي، أحداث شغب داخل وخارج المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله.

وأظهرت الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حجم التخريب الذي طال مرافق المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، بعد نهاية المباراة بفوز نهضة بركان أمام الرجاء الرياضي وضمانه المشاركة في منافسات كأس الكونفيدرالية الافريقية لكرة القدم.

ولستليط الضوء على شغب الملاعب جريدة “العمق” وضمن سلسلة “عين على رياضي”، أجرت حوارا مع الباحث في السياسات الرياضية حمزة الكندي، بعد أن شهد ملعب الأمير مولاي عبد الله نهاية موسم مأسوية.

لماذا عاد الشغب إلى الملاعب المغربية؟

لا يمكن القول إن أعمال الشغب قد غابت عن الملاعب المغربية هذه السنة، بقدر ما يمكن القول إن عدد حوادث العنف بين مجموعات الالتراس المغربية تضاءلت كنتيجة لمنع التنقل بين الجماهير خصوصا بالنسبة للمقابلات التي تعرف ارتفاع نسبة المشاحنات والتوتر بين الجماهير.

على العكس من فرضية غياب أعمال الشغب، نعتقد أن انخفاض النقاش حول أعمال الشغب في كرة القدم ينبع من انخفاض الاهتمام المركّز على هذه الظاهرة من قبل الصحافة عند جماهير معينة دون جماهير أخرى، وذلك كنتيجة للضغط الذي تمارسه هذه الجماهير على الصحفيين وعلى المؤسسات الإعلامية من جهة.

ومن جهة أخرى كنتيجة لانتماء صحفيين بعينهم لمجموعة ألتراس معينة أو جماهير معينة، ومحاباة جماهير دون الأخرى، وأيضا كنتيجة لاختراق فكر الألتراس لمجموعة من المؤسسات المهيمنة اجتماعيا، وبذلك أضحى التستر على أعمال الشغب مُمَارَسَة يتم من خلالها اتقاء شر هذه المجموعات في بعض الأحيان أو مناصرتها في أحيان أخرى.

لذلك لا يمكن القول إن الشغب قد عاد، بقدر ما يمكن القول إن الشغب الذي تمت ممارسته لم يكن من الممكن التستر عليه، نظرا لطبيعة المقابلة من جهة، ولسهولة ملاحظته من طرف الشخصيات الوازنة التي كانت حاضرة على إثر مقابلة نهائي كأس العرش، والتي لا يمكن ممارسة التضليل والكذب عليها في مثل هذه الحالة.

ما أسباب شغب نهائي كأس العرش ؟

إن الحديث عن العنف أو شغب الملاعب الرياضية دائما ما يجرنا للحديث عن الجمهور وبنية الاستقبال وتسهيل الولوجية للملعب، غير أنه وبالعودة لمقابلة نهائي كأس العرش، فمن الواضح أن السبب كان مرتبطا أولا بالتجييش الإعلامي، حيث صرنا نقرأ عناوين من قبيل “الغزو – الاستعمار – الاحتلال” بشكل يتبادره معه إلى ذهن القارئ أننا أمام حرب ولسنا أمام مقابلة نهائية لها خصوصيتها وطقوسها.

من جهة أخرى، جماهير الرجاء الرياضي أعطت الاهتمام للمدينة التي سيلعب فيها النهائي، أكثر من النهائي نفسه خصوصا إذا ما استحضرنا العداوة التاريخية بين جماهير النادي الأخضر وجماهير نادي الجيش الملكي، وبذلك فتنقل جمهور الرجاء لمدينة الرباط، لم يكن بغاية تشجيع الرجاء بقدر ما كان تنقلا لفرض الذات، واستعراض القوة الحضورية لجماهير الرجاء، وبذلك حضر الكم وغاب الكيف.

من جهة ثالثة، وللأسف الشديد، توغل خطاب المظلومية الذي لا يمكن حصره على جمهور الرجاء الرياضي فقط، بل كل الجماهير المغربية، حيث أصبح اللاعبون والجمهور يدخلون بفكرة “نحن منتصرون” وإذا ما انهزمنا فبفعل فاعل، وهو ما تأكد حتى في المستطيل الأخضر، وأيضا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل بداية المقابلة، خصوصا إذا ما أستحضرنا علاقة النادي الخصم أي نهضة بركان برئيس الجامعة، ووضعناها في سياق حملة “لقجع ارحل”.

من كل ذلك، نستنتج أن عنف جماهير الرجاء هو نتيجة لترويج خطاب العصبية والشوفينية ودغدغة المشاعر وتجييش العواطف السلبية أتجاه الأخر، نتيجة للقدرة التعبوية للتنقل دون القدرة التأطيرية للجماهير المتنقلة، نتيجة للرغبة في تصفية الحسابات الضيقة ولو على حساب النادي من جهة والوطن من جهة أخرى ولو على حساب خصوصية المقابلة من جهة ثالثة.

ملعب الأمير مولاي عبد الله لم يشهد هذا الموسم أحداث شغب مثل ما حدث في نهائي كأس العرش. لماذا برأيك؟

كمتتبع للشأن الرياضي بالمغرب، وكباحث حول القاعدة الجماهيرية لكرة القدم بصفة عامة وظاهرة الألتراس بصفة خاصة، يمكن القول أولا وفيما يخص المقابلات التي لعبها نادي الجيش الملكي ذكورا وإناثا بملعب الأمير مولاي عبد الله، قد عرفت غيابا تاما لأعمال الشغب والتي لا نقصد بها تلك السلوكيات العنيفة التي يمكن أن تنتج عن السياق العاطفي لمقابلة كرة القدم، كإشعال الشماريخ والقدف بها لأرضية الملعب، او سب اللاعبين أو قدف قنينات الماء، بل تلك التي نقصد بها العنف الممنهج الذي ينتج عنه الاحتكاك مع السلطات العمومية وتخريب المنشأة الرياضية والعنف ضد جمهور النادي الخصم.

هذه النتيجة، لم تكن صدفة، بل كانت كنتيجة لانخراط الجمهور العسكري كل من مكانه وكل من موقعه ووفق مبادئه، في حملة “بنظام انتظام” التي أطلقتها الجمعيات العسكرية، وحملة “الجيش الملكي فقط” أو “ONLY ASFAR” التي أطلقتها مجموعتي “الكورفا تشي”.

فالحملة الأولى التي تقودها الجمعيات، تقوم على أساس تواصل “جمعية جمهور العاصمة” و “جمعية الزعيم” مع السلطات المكلفة بتنظيم المقابلة والمسؤول عن التنظيم بالنادي، والمشاركة في إستقبال الجماهير وتحسين الولوجية إلى الملعب، وتسجيل الملاحظات قصد تجاوز الأخطاء التنظيمية لكل مقابلة.

هذه الحملة الأولى لقت تجاوبا من سلطات ولاية جهة الرباط، والتي بدلت كل ما في جهدها من أجل تأمين المقابلات، وتحسين بنية الاستقبال من خلال المشاركة الفعلية لوالي الجهة في كل المقابلات إن من خلال الاجتماعات المتعلقة بالتواصل أو خلال المقابلات، وهو ما أدى إلى الوقوف على مكامن الخلل ولقي تجاوبا واستحسانا من الجمهور العسكري.

من جهة أخرى، فحملة الجيش الملكي فقط، ركزت على إعطاء التعليمات المتعلقة بالمدرجات، حيث أن المجموعات حسمت في الغاية من وجودها بالملعب، والذي حصرته في تشجيع الجيش الملكي بغية الحصول على لقب واحد على الأقل وهو ما لقي تجاوبا من الجمهور قاطبة، حيث لم يتم تسجيل أي حالة عنف بملعب الأمير مولاي عبد الله هذه السنة.

ملعب الأمير مولاي عبد استقبل هذا الموسم مباريات كثيرة لماذا ارتبط الشغب بآخر الموسم في نهائي كأس العرش؟

ببساطة لأن تركيز المكتب المسير لنادي الرجاء وجماهير هذا الأخير لم يكن مع الفوز بالكأس، بقدر ما تم التركيز على شحن الجمهور قصد التوجه لمدينة الرباط بغية احتلالها أو غزوها أو استعمارها كما تم الترويج لذلك من خلال الألة الإعلامية، كما أن المقابلة تحولت من مباراة لنهائي كأس العرش إلى مباراة لتصفية حسابات ضيقة سبق التفصيل فيها أعلاه.

كيف تتوقع تعامل السلطات مستقبلا مع هذه الحالات؟

لا يمكن أن أتوقع تعامل السلطات، بقدر ما يمكن أن أقول إنه يجب على السلطات ألا تسقط في فخ المساومة، حيث يجب أن يطبق القانون على الجميع كل حسب موقع ومسؤولياته، من جهة، من جهة أخرى، يجب على السلطات العامة وعلى رأسها السلطة التشريعية، إعادة النظر في القانون 09.09 حيث يجب أن تصبح الإشادة بأعمال العنف الرياضي والتحريض على عليه وتسهيله جرائم معاقب عليها.

يجب أيضا إحداث خلايا أمنية لرصد جرائم العنف الرياضي الافتراضية، أي تلك التي تتم ممارستها من خلال التعبئة والتحريض والترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

يجب أيضا بلورة سياسة عمومية لمحاربة ومكافحة جميع أشكال العنف بالملاعب الرياضية، من خلال التواصل والتأطير والحملات التحسيسية إعلاميا وعلى مستوى المدارس، من أجل تحسيس الجيل الجديد بتداعيات أفة شغب الملاعب الرياضية على الأفراد وعلى المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد الله
    منذ 9 أشهر

    الصحفي و الباحث الرياضي مشجعان لنادي الوداد احسن ما قراته في هدا المقال انه من مسببات العنف في الملاعب (ومن جهة أخرى كنتيجة لانتماء صحفيين بعينهم لمجموعة ألتراس معينة أو جماهير معينة، ومحاباة جماهير دون الأخرى )