مجتمع

بيدوفيل الجديدة بعيون علم النفس.. طبيب يرشد الآباء إلى كيفية تعامل أطفالهم مع المتربصين بهم

طلت علينا نهاية الأسبوع الماضي حالة اعتداء جنسي راح ضحيته طفل، وربما معه أطفال آخرين، خلال رحلة نظمتها جمعية رياضية بمدينة الجديدة، وتبع الموضوع جملة من المؤاخذات القانونية والأخلاقية، ومعها تخوفات على الحالة النفسية للضحايا المرتقبين للجاني.

والغريب في الواقعة، حسب ما كشفت عنه الجامعة الوطنية للتخييم، هي أن الأطفال، عددهم 19 طفلا، يتواجدون مع المؤطر البيدوفيلي، في وضعية غير قانونية، حيث قام باكتراء شقة بمدينة الجديدة، ونظم رحلة مدتها 10 أيام، بدون ترخيص وبعيدا عن الضوابط والقوانين الجاري بها العمل سواء في مجال التخييم أو الرحلات السياحية.

معرفة البيدوفيلي 

وفي ما يتعلق بالجانب النفسي للأطفال المرافقين للجاني، قال الطبيب النفساني، محمد السعيد الكرعاني، إن خطورة الموضوع أولا تكمن في كون اضطراب البيدوفيليا يقع ضحيته فئة عمرية في الأصل هي في حاجة ماسة إلى الحماية، وأيضا في انعدام علامات حاسمة نستطيع من خلالها تمييز الشخص البيدوفيلي.

وأشار المتحدث إلى أن البيدوفيل يعتمد في استدراج ضحاياه إما بالإغراء أو التهديد، مباشرة أو أو عن طريق الرسائل الإلكترونية. وهنا يجب أن يكون الطفل مؤهلا من قبل استيعاب أن هناك ممارسات يمتلك إزاءها وسائل المقاومة.

سبل الوقاية: قدسية الجسد والثقة

وعن الوقاية من الوقوع في تلاعبات البيدوفيل، يوصل محمد السعيد الكرعاني بوصفة الوقاية، مشددا على أنها تبدأ من سن صغيرة، فيها يفهم الطفل أن جسده له قدسية ولا يمكن لأي شخص أن يتكلف له بنظافته الشخصية باستثناء الأم أو من ينوب عنها من المقربين، وأن هناك أماكن معينة من الجسد يعتبر لمسها لمسة غير صحيّة. وبدأ أيضا من سن الروض نستطيع أن نشرح للطفل من خلال ورشات صغيرة الفرق بين اللمسة الصحية واللمسة غير الصحية.

ثم مع التقدم في السن، يضيف الكرعاني، تبدأ إجراءات وقائية إضافية، عن طريق القصة والحكاية على أن بعض التصرفات التي قد يقوم بها الآخرون فيها خطر وضرر وينبغي رفضها وعدم القبول بها والفرار مباشرة إذا ظهرت من طرف شخص معين.

إضافة إلى ذلك، يؤكد الطبيب الفنساني على أن الطفل يجب أن يشعره بأن والديه محل ثقة، ويستطيع أن يخبرهم بكل شيئ، ويعي بأن لا وجود لمواضيع غير قابلة للنقاش مع الوالدين، وأن لديه جهة موثوقة يمكن اللجوء إليها وإخبارها بحمايته عندما يتعرض للمواقف المشبوهة.

علامات عند الأطفال ضحابا الاعتداء الجنسي

أما بالنسبة لامكانية اكتشاف تعرض الأبناء للتحرش الجنسي أو الاغتصاب، يقول الكرعاني إن العلامات التي قد تظهر عند الطفل ضحية اعتداء جنسي متعددة، من قبيل تغيرات في السلوك؛ كظهور تصرفات ذات طبيعة جنسية غريبة وهذا يلاحظ عند الأطفال في سن مبكرة حين يتعرضون للاعتداء الجنسي، أو تغيرات أخرى من قبيل الميل إلى العزلة وفقدان الرغبة في التواصل، ويلاحظ هذا في الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة، كما تظهر عند الطفل اهتمامات بالقضايا الجنسية بشكل مفاجئ، كما قد تظهر أيضا أعراض أخرى؛ كاضطرابات النوم والكوابيس الليلية.

كل هذه الأمور، يضيف المتحدث أنها تكون مؤشرات لا تدل بشكل حتمي على وجود اعتداء جنسي، بل هي علامات تستوجب الانتباه والتحري والتقرب من الطفل، وإشعاره بالأمان والثقة لكي يفصح عن ما لديه، وعن العوامل التي تفسر التغير الطارئ على سلوكه.

استئناف الحياة بعد الصدمة

يتابع الطبيب النفساني القول، بأن إمكانية استئناف الحياة بعد الصدمة النفسية التي يخلفها الاعتداء الجنسي ممكنة، وهذا يرجع أساسا لجودة العلاقات التي توجد بين الطفل ووالديه وأسرته ومحيطه القريب، فعلى القدر التي تكون علاقة الطفل بمحيطه علاقة جيدة في الطفولة المبكرة؛ علاقة تلبي الحاجات الفيزيولوجية والنفسية، على قدر ما يتحقق لديه الشعور بالأمان في سن صغيرة.

ثم يأتي بعد مرحلة الصدمة أمر ثاني يسهل الخروج من الأزمة، وهو وجود أشخاص كبار جديرين بالثقة يستطيع الطفل أن يأوي إليهم وأن يبوح لهم بمعاناته ويجد لديهم التقبّل والاحتضان والدعم النفسي، على عكس الطفل الذي سيجد الإقصاء والتهميش بل وقد يجد الإدانة، فعلى قدر ما يصبح مجتمعنا مجتمعا مستوعبا لأهمية التعاطف مع الضحية وتقبلها وتوفير الاحتضان والدعم النفسي والمواكبة، على قدر ما نستطيع أن نطمئِن للمستقبل النفسي لهؤلاء الضحايا.

فالذي يحتاجه الطفل بعد وقوع اعتداء جنسي، وفق كلام الدكتور الكرعاني، هو بيئة أسرية داعمة ومجتمع مساند وأجواء تحقق الشعور بالأمان وتعطي لهذا الطفل إمكانية الثقة في الحياة، وبتدخل الفاعلين المختلفين من أسرة ومدرسة والجهات الاجتماعية المختصة، على قدر ما نمنح هذا الطفل حظوظ أوفر لتجاوز الصدمة ولاستئناف مساره الدراسي واسترجاع ثقته بالمجتمع وبالحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • #
    منذ يومين

    أسأل من الله العلي العظيم ان يحمي أطفالنا