اقتصاد، سياسة

قوانين الحماية ونزاعات دولية وتحكم أجنبي.. إكراهات تعيق تطور التجارة البحرية المغربية

في الوقت الذي تسجل فيه التجارة الدولية للمغرب نموا متزايدا، لا زالت العديد من الإكراهات والعوائق تواجه التجارة البحرية المغربية. ذلك أن الإطار التشريعي الذي يؤطر هذا النشاط التجاري يعود إلى فترة الحماية الفرنسية، ولم تطرأ عليه الكثير من التغييرات التي يتطلبها تطور المعاملات التجارية والمستجدات القانونية المرافقة للاتفاقيات الدولية التي وقعها المغرب وقت لاحق بعد حصوله على الاستقلال.

قانون متجاوز ونزاعات دولية

هذا الوضع أشار إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير له بعنوان ” الاقتصاد الأزرق: ركيزة أساسية لبناء نموذج تنموي جديد للمغرب”، أصدره سنة 2018، حيث أكد فيه أن ” تحديث الإطار التشريعي الحالي، عن طريق إصلاح مدونة التجارة البحرية أمرا ملحا”.

ويؤثر هذا التأخر الحاصل في ملائمة تشريعات التجارة البحرية، التي تعود إلى عهد الفترة الفرنسية، مع مستجدات التجارية البحرية الدولية والاتفاقيات المبرمة بهذا الشأن، على تكاليف تحملات المغرب في المنازعات التجارية المرتبطة بهذا النشاط على الصعيد الدولي.

ذلك أن المرجع القانوني في حالة النزاعات الدولية يبقى بالنسبة للمغرب ضعيفا ومتجاوزا، في حين أن التحكيم الدولي يكون على أساس التشريعات الحديثة التي تؤطر المعاملات التجارية البحرية، وبالتالي يتحمل المغرب تكاليفا مالية إضافية في أغلب المنازعات المرتبطة بهذا النشاط التجاري، هذا مع استثناء بعض المراسيم التي صدرت مؤخرا تهم بالأساس الصيد البحري، لكنها لا تعالج الإشكال من أصله.

مشروع قانون

أفادت مصادر خاصة للعمق، أن هذا الوضع بالفعل يشكل حجر عثرة أمام النشاط التجاري البحري للمغرب، بالنظر إلى أن الإطار التشريعي المتعمد يعود صدروه إلى ما بين 1919 و 1922 خلال فترة الحماية الفرنسية.

وأضافت المصادر الخاصة، أن يجري حاليا الإعداد لإسناد إعداد مشروع قانون في هذا الباب إلى مكتب دراسات على أساس أن يتم إعداد مشروع القانون المتعلق بالتجارة البحرية حتى يكون ملائما للمتغيرات والمستجدات التي عرفها ويعرفها هذا النشاط، وبالتالي تفادي التحملات التي تترتب عن المنازعات الدولية في هذا الصدد والتي تكلف الدولة الكثير من الأمور معنوية ومادية.

تحكم أجنبي

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره عن الاقتصاد الأزرق، نقلا عن حسب مديرية الملاحة التجارية، أن النقل البحري المغربي أضحى بشكل متزايد في يد شركات أجنبية، إذ في سنة 2011، كانت السفن التي تحمل العلم المغربي  لا تغطي  سوى 5  في المائة من حجم نقل البضائع والمسافرين، وفي سنة 2015، لم يعد الأسطول المغربي يتعدى 86  سفينة.  في حين أن عدد السفن التي تحمل العلم الوطني هو دون المتوسط الدولي، كما أنها أصبحت متقادمة.

ويتكون الأسطول التجاري المغربي  لنقل البضائع، من 8 سفن نشطة (ناقلة قار(bitumier)  واحدة ، و4  سفن حاملة للحاويات، و3  ناقلات نفط) تعود ملكيتها لخمس شركات وتبلغ حمولتها  100368  طناً.

إكراهات أخرى

يشتكي هذا القطاع، وفق التقرير نفسه، من عدم اعتماده بشكل كاف على آليات لوجستيكية حديثة ومهنية يوفرها مقدمو خدمات متخصصون، ويعتمد عوض ذلك على أنشطة لوجستيكية تقليدية ترتكز على وسائل غير مناسبة ومحدودة. كما أن الأنشطة غير المنظمة حاضرة بقوة في هذا القطاع وتعيق تطوير الخدمات اللوجستيكية،  وذلك رغم الجهود المبذولة للتصدي لهذا الوضع.

وأشار التقرير أيضا إلى أن غياب أرصفة جافة تستجيب لحاجيات الأسطول في المغرب يساهم في زيادة تكاليف صيانة السفن، حيث يتعين على السفن المغربية التوجه نحو برشلونة أو مرسيليا للقيام بأعمال الصيانة والإصلاح.

وأضاف أنه على الرغم من أن البنية التحتية المينائية القائمة اليوم متطورة بشكل جيد، فإن أداء القطاع يبقى أداًء متوسطا، مشيرا إلى أن القطاع لا يزال يتسم بعرض غير متكافيء للخدمات (التكلفة والجودة والآجال)، وبطلب غير متطور بالقدر الكافي، وبنقص البنيات التحتية المتخصصة في بعض الأنشطة.

وشدد على أن ضبط سلسلة الخدمات اللوجستيكية البحرية أمر أساسي بالنسبة للمغرب، خاصة فيما يتعلق بتوريد البضائع السائبة. وهكذا، وعلى مستوى قطاع البضائع بالجملة وغير الملفوفة، الذي يمثل الجزء الأكبر من الطلب على النقل البحري، فإن الفاعلين المغاربة غير موجودين تقريبا في القطاعات التي ينشط فيها الفاعلون الأجانب.

وأوضح التقرير، أن  تقلب الطلب، بسبب التنوع الكبير في المنتجات المنقولة، يحول دون تطوير شركات وطنية كبرى للنقل؛ على الرغم من أن هذا الطلب يعرف نمواً مطردا، سيما بفضل موقع المغرب كأكبر  مصدر للفوسفاط في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *